نجيب طلال في لحظات يقف المرء عاجزا أمام الفواجع والكوارث الطبيعية ، عاجزا عَما يمكن أن يفعله إزاء ما صادفه صدفة وبدون إشعار مسبق، مثل ما وقع ( الآن ) في بلادنا ، وفي ليبيا الشقيقة : زلزال مدمر، زلزال مخيف، لدرجة أنه خلف الذهُول والدهشة و الجرح الضمني، والاضطراب النفسي، للعَديد من عباد ربوع المملكة، ناهينا عن الضحايا المتمركزين في منطقة ( الحوز) حيث تمركز الزلزال بقوة وبأس شديد ! وتمركز إعصار "دانيال" في مدينة ( درنة) متمددا للمدينة ( البيضاء) بوحشية سيوله الكارثية التي جرفت المئات من عباد المدينة [ الليبية] هنا وهناك ، من الوادي الأحمر الذي استيقظ من سكونه إلى البحر الذي لم يصبح متوسطا / هادئا ! بل كبيرا / مرعبا ! مفزعا ! فقدس الله روح ضحايا[ الحوز/ درنة] وما جاورهما ، وتبت العلي القدير خطى وحسنات العاملين من أبناء الشعبين . شعْب أبي بكل اللغات، شعْبٌ تجاوز لحظة العجز، والخوف. لممارسة الفعل المتميز بروح المسؤولة والجدية والحماس، بعيداً عن الديماغوجيات والخلفية السياسوية، التي اعتاد عليها بعض قناصي الفرص والظرفيات ! إنها لممارسة حقيقية ، ميدانية ، تنم عن روح الوفاء والعرفان ؛ والإيمان بالتضامن الإنساني وبالتكافل والتآزر والتعاون تكلل "عيانيا" في البحث عن المفقودين بين السيول ، وتَرقب ما سيحمله البحر من جثث، ومن حركية إنسانية، في جمع الإعانات الغِذائية والمساعدات الطبية والهبات الإيوائية من أفراد ذاتيين/ بسطاء، وجمعيات / خارج أجنحة الأصنام ، وبعيدة عَن المصالح النفعية الشخصية واللعب على الحبال كالبهلوانات، وعن تلك [الأحزاب] التي أصيبت ب (الزهايمر السياسي) وخارج لائحة النفع العام (بلادي) وخارج منظومة الزعامة والصراع عن السلطة ( ليبيا ) فالمبادرة التطوعية ؛ التي نعيش أطوارها عمليا ، واستنفار الجهود المبذولة هنا وهناك وحملات الإغاثة الإنسانية والعاجلة لإغاثة المتضررين من الزلزال و الفيضانات ، والتي تنقل عبر وسائل التواصل الإجتماعية ، والمواقع والصحف الإلكترونية والقنوات العربية / الأجنبية، المواكبة للمصاب الجلل، سواء [الزلزال أو الإعصار] فهما أساسا خارج منطوق الأجندات التي تسعى لخنق مستقبلنا وحياتنا وأحلامنا السرمدية، بل هي منغمسة في قضية الموت والحياة التي صنعها "الزلزال/ الإعصار" إنه بالتأكيد فعل طبيعي ومن مدركات الطبيعة ، وتحولاتها الجيولوجية. لكن : أي الكوارث أفظع ؟ تلك التي وقعَت في بلادي، أم في ليبيا ؟. يبدو سؤالا ساذجا، أو{ ربما } اعتراني الغباء من جَراء تقدمي في السن؟ أو هنالك اختلاط الأمور في ذهنيتي، من كثرة توالي الأحداث المرعبة والمؤلمة ؟ ورغم ذلك أتساءل: هل الزلزال كارثة الكوارث..؟ أم إعصار دانيال كارثة الكوارث؟ بداهة (أي/ فرد) سيحتار في الرد الشافي والإجابة الكافية ، لأنه أساسا لا نملك مقاربة واحدة للكارثتين ،لأننا (الآن) في مرحلة جد حرجة من الحدث والمصاب الجلل ، وبالتالي فمنطق الجواب وجوهره "حاليا" سيبقى ملتبسا وحمال أوجه ، تجاه السؤال: أي الكوارث أفظع ؟ ونلاحظ بأن هنالك تفاوت في الرؤية والتصريحات للذين يخوضون تجربة الإنقاذ أو المساهمة على أرض الواقع، أو المكتوبين بنار الكارثتين . وذلك بناء على وضعية المكان وكذا تفاوت الوضع النفسي والذهني لأولئك . وبالتالي فلا يمكن أي كان أن يرى الأمور من الزاوية التي أراها، أو يراها الآخر. وخاصة نحن خارج مدار الكارثة ، ولكن الصُّور تُنقل إلينا من معمعان الميدان ، صور كارثية ووقائع غير مزيفة إلى حد بعيد ، من الصعْب جدا التشكيك فيها ، بل لامحالة تصديقها، لأن القنوات الدولية والعربية والمحلية، تنقل نفس الصور، صور بشعة ، مؤلمة ، مرعبة ، مبان منهارة بالكامل وطرق فالِجة ومشقوقة و مقطوعة وجثث منتشرة ومترامية بين الأزقة والحواري وعلى شواطئ المدينة ؟ ومتاع وأمتعة متناثرة هنا وهناك في الشوارع والخراب، وهي أصلا أمست خرابا، وفي كل صورة يمررها الإعلام المواكب عن كثب مجريات هَول الكارثتين ؟ ينفلت السؤال، أي قوة جارفة هاته التي جمعت السيارات والمركبات وحولتها لعجين وقطع غيار غير صالحة للاستعمال؛ بدون معمل للتفكيك ؟ ناهينا عن انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل شبكة الاتصالات؟…. ( درنة/ ليبيا ) طبعا: نعلم جليا، إنه الإعصار ! إنه الفيضان ! إنه التسونامي ! ونكتفي بالقول: أن سبب الكارثة العظمى انهيار سدي مدينة {درنة} وكفى ! ألا يحق لنا أن نتساءل : أليست هنالك قوة خفية مضافة للإعصار؟ أليست هنالك قوة خفية مضافة للزلزال الذي حول المد اشر والقرى لأتربة وترابا ؟ وحوَّل الأمان والطمأنينة والإستقرارلهلع ورعْب وخوف شديد ؟ إذ لازال بعض المواطنين خارج منازلهم ودكاكينهم ومحلاتهم يفترشون العَراء في {بلادي} و لحد قراءة هذا الموضوع، من أي قارئ {مفترض}. أما منطقة ( درنة) فهي في عِداد المنكوبين !! وبين الزلزال والإعصار ، أسئلة كثيرة ومختلفة تتقاذف و تتناسل… ومن حيث لا تدري تنفتح ذاكرتك مرغمة لاسترجاع أحْداث معاشة في طفولتك أو شبابك أورجولتك …أو استرجاع مشاهد من تلك الأفلام الأمريكية التي أبدعت بكل إمكانياتها واحترافيتها، في تصوير عَوالم الزلزال ، ولاسيما الكوارث الطبيعية ( الأوبئة / براكن/ زلازل/ طوفان/ نيران/ انهيار جبال/ …] بالنسبة للسينما العالمية ؛ تعتبر عنصرا أساسيا في الصناعة والإنتاج . وإن لم تخن ِ الذاكرة . هنالك أربعة أفلام رهيبة متنها{ الزلازل} المدمرة للمباني والطرقات، وانتشار الموتى والجثث مثل [الزلزال الكبير في لوس أنجلس/ Le Grand Tremblement de terre de Los Angeles] وهنالك أفلام حول " التسونامي" بكثرة . من الصعب سردها هاهنا. فهل ياترى نستطيع أن ننتج إبداعا / سينمائيا / مسرحيا / من خلال ما عِشناه من كوارث طبيعية ؟ ومن طفوح للمشاعر الإنسانية وغَريزة البقاء؟ ومن سماع حكايا وقصص جوانية الحَدثين : أولها زلزال ( الحوز) وآخرها فيضان ( درنة ) ؟ إنه حلم منتصف الليل ! أو أضغاث أحْلام! لا فرق، لكن الفرق أننا عاجزون ! مكبلون ! مقيدون ! برؤية السياسي؟ ومنطق الفقيه ؟ ومنظوم البيروقراطي؟ وعَوالم الخرافات؟؟ . ألم تحاول المذهبية استغلال الكارثتين لمنطق الفقيه والإمامة (1) وفي هذا الوقت خرجت بعض التدوينات، تربط الكوارث الطبيعية بالفساد المستشري وانهيار القيم في تلك المناطق ! سبحان الله. وهناك من كان عَدميا ولم يحاول أن يقدم حتى العزاء للضحايا /الشهداء، ولم يستطع أن يسدي خدمة أو يقدم نصيحة ، أو دعْوة حتى، للتبرع بالدم جراء ما نعيشه من كارثة (2) وهناك من استغل الظرفية لاستغلال المساعدات للاغتناء من ورائها، إنهم تجار وسماسرة الأزمات ! والبعض يسرب العَديد من الأخبار الزائفة. لأهداف مجهولة ؟ (3) وبالتالي فالسؤال المثير والذي نعيد طرحه للجدل أي الكوارث أفظع ؟ . هل الزلزال أفظع من الإعصار؟ أم الإعصار أفظع من الزلزال؟ نتيجة الإنهيارالقاتل والمفاجئ للبشرية تحت الأنقاض؟ كمعطى زلزالي. ونتيجة الغرق المميت والمفاجئ للبشرية تحت الخراب وسيول المياه ؟ كمعطى إعصاري. أسئلة محيرة. وإن كان لا فرق بأن كلاهما كوارث مهولة ، مرعبة . وفي آخر المطاف هي طبيعية، بناء على تحولات الطبيعة . لكن في تقديري: أفظع الكوارث ؟ التخلف، واللامبالاة ، وانعِدام الرؤية المستقبلية/ الاحتمالية – لأي طارئ كارثي سيأتي على بعثة ، كما وقع في الحوز/ درنة. وكذا انعِدام الإمكانيات والإمكانات لمقاومة الزلازل والإعصار، للتخفيف على الأقل من حِدة رعبه ودماره ومحاولة تقليص عدد ضحاياه على الأقل، لتلافي انتشار الجثث المترامية ، أوالتي لازالت تحت الخراب وتحت المياه ، والتي ستشكل خطرا بيئيا، وظهور داء الطاعون لا قدر الله . أي نعم لامرد للقضاء الله وقَدره . ورغم ذلك آن الأوان للتلاحم والتضامن الحقيقي وليْس الظرفي، لإعادة ترتيب الأولويات من مستشفيات واقتناء المعِدات ألأساسية والمتطورة ، تزامنا مع بناء الإنسان باعتباره رأس مال لمواجهة الكوارث الطارئة. لأن كثيرا من نفحات الأمل المشرق ومن التصورات والاستراتيجيات تنمو في حركية التباين والتغاير المستمر بين الأحداث السابقة ؛ واللاحقة . وليس بالتقاعس واللامبالاة . ونجَدد الرحمة والمغفرة لكل ضحايا زلزال "بلادي" وإعصار "الشقيقة ليبيا" واللهم اغفِرلهم ما تقدم وما تأخَرمن الذنوب يا الله ، يا الله ، بمغفرتك ولطفك. والصبر والصبر والسلوان لذويهم وأقربائهم أينما كانوا. للاطلاع: 1) انظر: مقتدى الصدر: عن أسباب الكوارث الطبيعية.. " غضب سماوي" و"ذنب ليبيا غير مغفور" بقلم: مجيد عبد القادر/ Majid Abdelkader- في موقع اورونيوزعربية/ Euronews بتاريخ 13/09/2023 / 2) فيديو للفايد حول "زلزال الحوز" يكشف عن العقيدة الجديدة التي بات يتبناها، بقلم – عابد عبد المنعم صحيفة (هوية بريس) في 09 /09/ 2023 3) أخبار زائفة حول زلزال الحوز؟ احذروا من هذه الشائعات" متابعة لصحيفة كواليس اليوم – في 12 /09 2023