أود في اخر حديث من سلسلة هذه الأحاديث، التي بدأتها في أول يوم من رمضان 2020، و التي أتمنى أن تكون قد أفادت و لو قليلا، و بهذه المناسبة أود أن أتوجه بالشكر الجزيل في هذه اللحظة التاريخية التي تمر منها بلادنا وباقي الإنسانية على هذه الأرض جراء انتشار الكورونا19، للجنود الذين يقفون في الصفوف الأمامية دفاعا عن الإنسان ضد الوباء، إنهم الأطقم الطبية بكل من أطباء و ممرضين و تقنيين و إداريين، و أيضا عمال النظافة، هؤلاء الذين تقف اللغة أمامهم عاجزة عن التعبير حسب هنري برغسون، بحيث أعترف أني مهما أوتيت من بلاغتها، و اقتنيت من بحر النطق في النظم و النثر، لما كنت إلا مقصرا في القول، في حق هؤلاء، لذلك فإن عبارات الشكر تخجل منكم، ببساطة لأنكم أكبر منها، لكم كل الفضل في تحويل الفشل إلى نوع من الإنتصار، عبر الصمود و المواجهة الشجاعة للمرض، بفضلكم انتبه الكثيرون إلى أهمية العلم و العلماء، و أهمية البحث العلمي، عوض تطريز أماكن الدجل و الخرافة، دمتم رمزا للتضحية و العطاء و الرحمة على من صار شهيدا في درب هذه المعركة الأخلاقية قبل أن تكون معركة حياة او موت، أنتم الذين وضعتم مهمة إنقاذ حياة الناس على رأس كل الأولويات و سهرتم الليالي شبه معتقلين و مرابطين بالمراكز الإستشفائية، دون كلل أو ملل، خاصة للأوفياء منكم بقسم أبو قراط، و هي أيضا مناسبة لنشكر من صنع منكم ملائكة للرحمان، من خلال تكوينكم و تعليمكم، أولئك الأساتذة الذين عبروا أيضا عن قدر عالٍ من التضحية في ظل هذا الوضع الإستثنائي، مع أنهم تلقوا العديد من الإهانات و التنكيت و السخرية منهم، عبر وسائل التواصل الإجتماعي و بعض أشباه الصحفيين، و حتى عبر القنوات التلفزية، و المنصات التي وضعوها للتعليم عن بعد، بعدما قدموا درسا في الإيثار من خلال وضع إمكاناتهم المتواضعة رهن إشارة أبنائهم من التلاميذ فرسان المستقبل، و هي أيضا مناسبة لنطالب بأن تتوفر لدينا عدد المستشفيات و المراكز الصحية بقدر ما لدينا من مساجد، و أن يكون لدينا من الأطباء و الممرضين بقدر ما لدينا من الفقهاء و المؤذنين و لمَ لاَ أكثر، فالنفس أولى بالطاعة، و أن تقوم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتخصيص ما تخصصه للأضرحة و الزوايا لفائدة التعليم و الصحة و البحث العلمي، و جزءا من مداخيلها الغنية إلى هذه القطاعات، و أخيرا الشكر موصول لكل الذين ساهموا بشكل أو باخر في محاربة و محاصرة هذا الوباء/الناقوس الذي يجب أن ينبهنا جميعا لما قد يكون آتٍ. و كل حجر و عيدكم سعيد