غداة إنتهاء المرحلة الثانية من الحجر الصحي المفروض بإسم قانون الطوارىء الصحي، الذي سينتهي يوم 20 ماي 2020، يجد المغاربة أنفسهم أمام عدة تحديات، أولها ضرورة الجواب عن سؤال رئيسي مفاده: هل يجب رفع الحجر الصحي و السماح بالإختلاط الإجتماعي و عودة الحياة إلى طبيعتها بعد 20 ماي 2020، أم هناك ضرورة تمديده؟ و إذا كان لابد من التمديد فإلى متى؟ تلكم أسئلة لابد من الإجابة عنها هذا اليوم أو غدا. لكن دعنا قبل الجواب على السؤال نلقي ببعض الملاحظات التي تم تسجيلها طيلة الفترتين السابقين للحجر الصحي و التي يمكن إجمالها في ما يلي: – الإرتجالية و التخبط في تدبير المرحلتين على مستوى غياب رؤية واضحة عدا إجبار الناس على المكوث في منازلهم و فرض التباعد الإجتماعي، لكن غابت الرؤية الشديدة ربما لفجائية الحدث و غير مسبوقيته في تاريخنا، الشيء الذي كان يقتضي الثقة في المواطن و إشراكه في اتخاذ القرار، و مثال هذا التخبط تباين في تحديد ساعات فتح المحلات التي تحتوي ضروريات العيش ما قبل رمضان و خلال رمضان و تباين ساعات الفتح و الإغلاق من مدينة الى اخرى. – غياب حلول عملية و آنية بخصوص تدبير صمود الناس بمنازلهم خاصة أولئك الذين فقدوا مورد رزقهم، خاصة المشتغلون في القطاع غير المهيكل و الذين يفوق عددهم نسبة 36٪ من نسبة النشيطين حسب إحصائيات رسمية للدولة. – تسجيل انتهاكات عديدة في تطبيق قانون الطوارىء الصحي خاصة في كيفية التعاطي مع الأفراد المتهمين بخرق الحجر الصحي. -عدم توصل العديد من الأسر الفقيرة و المعوزة خاصة الذين فقدوا مورد رزقهم بالدعم المخصص لذلك. – خرق مجموعة من وحدات الإنتاج من معامل و شركات لقانون الطوارىء الصحي أو عدم إلتزامها بتوصيات السلطات المعنية، مما أدى إلى ظهور العديد من بؤر تفشي فيروس covid 19 بالعديد من المدن. – عدم نجاح التعليم عن بعد بقرار رسمي على لسان الوزير، باعتباره عملية كان الرهان عليها بأن تغطي أو تقوم مقام التعليم الحضوري نوعا ما. – غلق مجموعة من المسالك و الطرق و التضييق على التنقل الضروري بين العديد من المناطق، مما زاد من أعباء المواطنين هناك، نموذج نقاط تماس بين إقليمتاونات و شفشاون. – استغلال بعض التجار للجائحة بشكل جشع عبر الزيادة في بعض المواد خاصة الغذائية. – استغلال الحكومة للوضع الذي فرضته الجائحة في البلاد لفرض تمرير مجموعة من القوانين الجائرة ( توقيف التوظيف، توقيف الترقية لصالح الموظفين، الإقتطاع القسري من أجور الموظفين، تمرير قانون 18/63 الخاص بتفويت الأراضي، محاولة تمرير مشروع قانون 20.22 الذي لم يتم سحبه و إنما تأجيل النظر فيه إلى وقت لاحق..) أعتقد أن هذه الملاحظات ضرورية، ليس فقط للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها، و إنما أيضا للبناء عليها بغية اتخاذ قرار حكيم و سديد هذا اليوم 18 ماي أو غدا للجواب عن السؤال أعلاه، خاصة و أن صبر الناس قد ضاق بالإحتجاز و المكوث في المنازل التي تقول الإحصائيات أن أكثر من 50٪ منها لا تتجاوز مساحتها 70 مترا مربعا – مما يجعلها أقرب إلى السجن من المنزل، و تزداد الصعوبة مع كثرة أفراد الأسرة الواحدة -، و هو ما تم التعبير عنه في الأسابيع الأخير بالخروج الجماعي للأزقة و الشوارع، في ما يشبه بالإحتجاج و التمرد على هذا القانون، و هو نفس المشهد تابعناه عبر القنوات و وسائل التواصل الإجتماعي و إن بشكل مختلف نوعا ما، بكل من ألمانيا و بريطانيا حين خرج الناس للإحتجاج و التعبير عن رفضهم لاستمرار فرض الكمامات و الحجر المنزلي و إجراءات أخرى متعلقة بالتلقيح..بينما اتخذت دول أخرى إجراءات تبدو شجاعة و جريئة رغم أنها لازالت تسجل عددا كبيرا من حالات الإصابة بالوباء ناهيك عن الوفيات مثل فرنسا و اليونان، استجابة طبعا لضغط الرأسمال و قنوط و ملل الناس من السجن المنزلي. الشيء الذي يساءلنا نحن بالمغرب و يضعنا أمام مفارقة الخوف من اجتياح الجائحة بشكل غير مسبوق، و الخوف من الإنهيار الإجتماعي جراء الإغلاق المستمر، خاصة و أننا و بكل صراحة لم نكن مستعدين لمثل هكذا وضع، و بالتالي لا نملك لا إمكانيات استمرار فرض الحجر الصحي، و لا حتى امكانيات رفعه، و ذلك جراء سياسات اتخذت سابقا لا حاجة للتذكير بها هنا لأن المساحة تضيق، و هنا تكمن المفارقة لأن كلا القرارين يحتاج إلى مقومات و إمكانيات، لذلك أعتقد أن القرار السليم هو ما يلي: – الرفع التدريجي للحجر الصحي و السماح بفتح المحلات مع أخذ نفس الإحتياطات الوقائية المعمول بها حاليا. – السماح للناس بالخروج بشكل طبيعي مع ضرورة توفر الشروط الضرورية للوقاية. – السماح بالتواجد بالأسواق و المحلات الكبرى لاقتناء المستلزمات، خاص بفرد من العائلة كما هو الحال حاليا تجنبا للإزدحام الزائد عن اللزوم. – فتح الحدائق و المنتزهات و السماح للأطفال بالخوج إليها مع ضرورة توفر شروط الوقاية اللازمة. – ضرورة استمرار الدعم لما بعد عيد الأضحى مع تعميمه على كل المتضررين و الفقراء. – إعادة فتح فرصة جديدة للتسجيل في موقع Tadamoncovid في وجه من فاتهم ذلك سابقا. – ضرورة الكشف عن كيفية تدبير موارد صندوق الكورنا و المستفيدين منه سواء كانوا أشخاصا أو شركات و مقاولات، عملا بالحق في المعلومة و اعتماد مبدأ الشفافية. و كل حجر و شعارنا الأرواح قبل الأرباح. ذ.شفيق العبودي- استاذ الفلسفة بالتعليم الثانوي