عندما تغيب الموضوعية وتحضر الإيدبولوجية.. صمت العديد ممن يدعون الحرص على صحة المواطنين عما يعتمل الآن في المحطات الطرقية من ازدحام وتجمعات بشرية، وعما يعتمل بالعديد من الأسواق، والتركيز فقط على من خرجوا بسبب جهلهم بمقاصد وغايات دينهم الذي أعلن الحرب على الجهل وعلى القول على الله بغير علم، مكبرين ومهللين، صراحة يجعلنا نشكك في مقاصد وغايات تدويناتهم وصراخهم، وأنها تبطن عكس ما تظهر، وأن صراخهم لا يعدو أن يكون كلام حق أريد به باطل مكمنه قلوبهم، لتمرير إيديولوجياتهم التي عفى عنها الزمن ومحاولة بث الحياة فيها، أو لتصفية حسابات سياسيوية ضيقة ليست هذه ظرفيتها وآوانها، في سعيهم الحتيث نحو إصدار أحكام جاهزة على الدين الإسلامي ومهاجمته ولو بالباطل انطلاقا من تصرفات فردانية ينبذها الدين في أصله وجوهره؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود من حديث جابر وغيره، يدعو على من يفتي الناس بجهل وبغير علم قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ”. إن الموضوعية تقتضي أولا أن نعيد التفكير مليا في الأسباب التي أدت إلى الجهل بتعاليم ديننا وشرعنا، كما أن الموضوعية تقتضي من ناحية ثانية أن يتم انتقاد كافة التجمعات التي من شأنها أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، لا أن يتم تصيد جهل الجهلة ممن لا حظ لهم من العلم لبث سموم العداء لهذا الدين الحنيف، كما أنها تقتضي أن نطالب بتنزيل القانون ضد كل من يعرض سلامة المواطنين للخطر، لعدم إلتزامه بما يحفظ حق الحياة الذي حفظه الدين الإسلامي وجعله من بين غايات ومقاصد الشريعة الغراء، قال تعالى: ” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.