برشلونة : مصطفى منيغ القضية ليست في التغيير، بل القضية في التغيير مضاف إليه الجذري ، وإلاَّ كانت الثورة في حاجة لثورة أو لمن لا أحد ساعتها يدري ، المشكلة الأساس ليست في رئيس الجمهورية أو الحكومة أو رئيس البرلمان بل المشكلة الأعمق في النظام الحالي المُتَرَدِّي، البعيد عن كونه حقيقة سِيَادِي ، بل تابع للتوابع متبوعٌ بمن يأخذ وبالمقابل لا يُؤدِّي ، السياسة بحر تخيلها المتفائل غير أنها خارج المعنى المقصود لا تُجدي ، ما دام التحديد الفاصل بين ساس في الماضي ويسوس في الغد ، ناقص انجاز الحلول العملية قبل فوات المَوْعِد ، السياسة برنامج ينظِّم ما بعد الاستقرار الأكيد المؤكَّد . متى أحس العراق مع الأمركان (دخلوا أو خرجوا) بالأمان وقد كان منهم ما كان تاركين في الخريطة نقطاً مُلَوَّنة بالأسْوَد ، ليتسرَّب منها مَن يزاحم مصاصي النفط على تخريب المُخرّب بما هو أخطر وأشد المتَشَدِّدِ ، أن يعجز العراق على الوقوف لاستعادة الأمجاد ،وهو الموصوف عبر العالم المتقدم من الأسياد ، المعلم الأول لأسس الحضارة وعليه في توسيع مراميها يرجع الاعتماد ، ممّا جعل إسرائيل لا تخشى شيئا أكثر من يقظته ليتمم ما خطَّطه من رباعية الأبعاد : “خلق نظام يَعْدِل بين الأفراد”، “الاكتفاء الذاتي مهما كان المجال دون قرض أو تفكير في السداد” ، “تقديم الضروريات على الكماليات بالعلم وليس بالتخمين كُلٌّ مُرَتَّب بعَدَّاد” ، “القوة البشرية ما فوق العُدَّةِ والعَتاد”. يتحدثون عن الحوار ، وحولهم بل قريباً منهم أُسَر بكاملها تنهار ، بسبب حوارات سابقة أظهرت أنها صادرة عن وعود بعد حين تُدَمَّر ، ليتحاوروا مع مناصبهم كما يشاؤون من طلوع الشمس لآخر النهار ، ليواصلوا كما ألفوا نفس التكرار ، وكلما وصل بعضهم لفكرة البعض الآخر يرفض اتخاذ أي قرار ، ليتم البدء بالثرثرة ليس من الصفر بل من أصفار ، متباينة الأحجام تصب معهم في نفس المسار، الذي لن يضيعوا به فقط الديار ، بل ساكنيها الجاعل منهم مثل الحوار (المشبه مخاطبة السراب بالسراب) فاقدين شروط الاستقرار . بيان الثلاثي السابح مع خيال الاستمرار، باللعب نفس الأدوار، لن يَرْضَى به الثوار، بعد استشهاد 300 من خيرة أبناء وطن الأخيار، وجرح ألاف الحرائر والأحرار، وتسليط السموم المرشوشة على أبرياء تظاهروا سلمياً لتغيير المنكر. بيان واضعوه لن يضيفوا شيئاً سليماً لا للدستور ولا لقانون الانتخاب لأنهم أصبحوا للشعب العراقي العظيم غير مرغوب فيهم أصلا ومعهم لن ينال المراد . العراق شجرة، لكل مَن قرأ التاريخ الإنساني بحسٍ علمي أكاديمي لا يقبل الإضافات المزورة ، جَذْرُها شعب أصيل صانع حضارة ، ساقها تراث أجيال عمَّرت لتسود على أرضها منذ الأزمنة الغابرة ، فروعها عصور من البدء الأول للأعوام الأخيرة ، أحدها هذه الأيام الخريف يُسقِطُ أوراقه لتُسْتَبْدَلَ بعد الثورة بأخرى يانعة .