قال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، الجمعة 21 ديسمبر 2018، إن «مندسين» أبعدوا التظاهرات السلمية للاحتجاج على ارتفاع الأسعار عن مسارها وحولوها إلى نشاط تخريبي. وقال المتحدث بشارة جمعة في بيان نقلته وكالة السودان للأنباء «المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة». وشهدت العديد من المدن السودانية خروج أعداد كبيرة من المواطنين وطلاب المدارس منذ صباح الخميس هاتفين ضد النظام وساخطين على تردي الأوضاع المعيشية بعد ارتفاع أسعار الخبز. لكن الناطق بإسم الحكومة قال إن جهات سياسية استغلت الاحتجاجات التي سقط فيها 8 قتلى على الأقل خلال اليومين الماضيين. وقال «برزت بعض الجهات السياسية في محاولة لاستغلال هذه الأوضاع لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقاً لأجندتهم السياسية وهو الأمر الذي وضح جلياً في بياناتهم المنشورة». ومضى قائلاً إن الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن خلال اليومين الماضيين «تعاملت معها قوات الشرطة والأمن بصورة حضارية دون كبحها أو اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقاً دستورياً مكفولاً لهم وبحكم أن الأزمة معلومة للحكومة وتعكف على معالجتها». ويتزايد الغضب العام في السودان بسبب ارتفاع الأسعار ومصاعب اقتصادية أخرى، منها تضاعف أسعار الخبز هذا العام ووضع حدود للسحب من البنوك. ويبلغ معدل التضخم بالسودان 69% وهو من أعلى المعدلات في العالم. السلطات تعلن حالة الطوارئ وقال مسؤولان لمحطة 24 التلفزيونية السودانية إن ستة قتلى سقطوا في مدينة القضارف بشرق السودان وسقط اثنان آخران في ولاية نهر النيل الشمالية. ولم يذكرا تفاصيل عن كيفية مصرعهم. وذكر شاهد أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على نحو 500 شخص في الخرطوم ثم لاحقتهم في الشوارع واعتقلت البعض. وردد بعض المحتجين «الشعب يريد إسقاط النظام»، شعار احتجاجات الربيع العربي التي أطاحت بحكام في المنطقة عام 2011. وفي مدينة دنقلا إلى الشمال، قال شهود إن محتجين أضرموا النار في مكاتب تابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه البشير. وفي عطبرة إلى الشمال الشرقي، خرج محتجون ملثمون للاحتجاج وهم يرددون «حرية»، وأشعلوا النار في إطارات سيارات حسبما ظهر في تسجيل بالفيديو. وأضرم محتجون في عطبرة النار في مقر الحزب الحاكم. أعلنت السلطات حالة الطوارئ في مدينة القضارف القريبة من الحدود مع إثيوبيا ومددتها في عطبرة. الوضع أصبح خطيراً وقال مبارك النور النائب المستقل بالبرلمان عن مدينة القضارف في تصريحات لرويترز إن الوضع في المدينة أصبح خطيراً، وإن الاحتجاجات تطورت إلى حرائق ونهب وبات الأمر حالياً خارج السيطرة. ويواجه اقتصاد السودان صعوبة بالغة للتعافي بعدما فقد ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة، منذ أن انفصل الجنوب في عام 2011 آخذاً معه معظم حقول النفط. ورفعت الولاياتالمتحدة في أكتوبر تشرين الأول 2017، عقوبات تجارية فرضتها على السودان طيلة 20 عاماً. لكن كثيراً من المستثمرين يعزفون عن العمل في السودان الذي لا يزال مدرجاً لدى واشنطن كبلد راع للإرهاب رئيسه مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في تهم بتدبير إبادة جماعية في إقليم دارفور. وينفي البشير هذه الاتهامات. وقال متظاهر يبلغ من العمر 36 عاماً طلب عدم نشر اسمه «خرجت للتظاهر لأن الحياة توقفت في عطبرة». وأضاف الرجل لرويترز أنه لم يتمكن من شراء الخبز منذ 4 أيام لأنه لم يعد متوفراً في المتاجر. وتابع قائلاً «الأسعار ارتفعت، ولم أستطع سحب مرتبي لشهر نوفمبر.. بسبب أزمة السيولة. هذه أوضاع صعبة ولا يمكن أن نعيش معها والحكومة لا تهتم بنا».