في الوقت الذي ما زالت فيه المصلحة الولائية للشرطة القضائية بوجدة، تواصل أبحاثها وتحرياتها بشان باقي المتورطين في تسليم رخص البناء وشواهد التخلي عن المتابعة ورخص التقسيم بطرق غير قانونية، من المقرر أن تنظر المحكمة الابتدائية بوجدة يوم 14 أكتوبر 2011، في ملف الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة ونواب له وموظفين جماعيين والمتابعين من أجل تهم تتعلق ب "تسليم شواهد من اجل التخلي عن المتابعة القضائية في حق المخالفين لقوانين التعمير دون علم المصالح الجماعية المختصة ودون احترام القوانين و الأنظمة المعمول بها، وتسليم بعض رخص البناء دون التقيد بالمساطر القانونية و التنظيمية الجاري بها العمل، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية في حق بعض المخالفين لقوانين التعمير رغم ضبطهم و تحرير محاضر المخالفات المتعلقة بهم". بالإضافة إلى تهم تتعلق ب "صنع قرارات وشواهد تتضمن وقائع غير صحيحة، واستغلال النفوذ والارتشاء و المشاركة في البناء بدون رخصة و المشاركة في إعداد تجزئات عقارية بدون ترخيص". ويأتي تحريك الملف المعروض على أنظار العدالة المتابع فيه ثمانية أشخاص في حالة اعتقال، من بينهم ثلاثة نواب للرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة، بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة، للمصلحة الولائية للشرطة القضائية، لفتح تحقيق والتحري في مضامين تقرير المجلس الجهوي للحسابات، الذي رصد تورط الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة ونوابه بعض الموظفين في مجموعة من الخروقات. وبناء على ذلك، تم إجراء بحث عميق من طرف الفرقة المالية والاقتصادية، حول وقائع القضية على ضوء وثائق الملف، من خلال الاستماع إلى كل من اتهم بارتكاب أفعال يعاقب عليها القانون، خصوصا و أن تقرير المجلس الجهوي للحسابات وقف على مجموعة من الخروقات والأفعال التي تستوجب العقوبة. تقرير المجلس الجهوي للحسابات وقد كشف التقرير المذكور، وجود أفعال ارتكبها بعض مسؤولي الجماعة الحضرية لوجدة، و يظهر أنها تكتسي طابعا جنائيا تتمثل في تزوير أنواع خاصة من الوثائق الإدارية و الشهادات و ارتكاب مخالفات متعلقة بمجال التعمير، وكذا إتلاف غير نبرر لبعض المستندات. وقد تبين من خلال التحريات التي تم إجراؤها، بان الجماعة الحضرية لوجدة قامت خلال سنة 2009، بتسليم رخصة بناية من خمسة طوابق سلمت لإحدى الشركات، كما قامت الجماعة بتسليم عدة رخص للبناء دون عرضها على اللجنة التقنية أو خلافا لرأي الوكالة الحضرية. وبخصوص مخالفات التعمير التي حرر أعوان المراقبة التابعون للجماعة الحضرية لوجدة، محاضر مخالفات بشأنها، وتم إيداع شكاوي لدى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوجدة، فان الجماعة لم تقم بإيداع شكاوي لدى نفس وكيل الملك قصد المتابعة القضائية لغالبية مرتكبي المخالفات لقوانين التعمير و التي وقعت عليها فرقة مراقبة التعمير خلال السنوات الممتدة ما بين 2007 و 2009. كما وقف المجلس الجهوي للحسابات، من خلال الوثائق التي تم الاطلاع عليها و على الخصوص السجلات الممسوكة من طرف مكتب الضبط المركزي بالجماعة الحضرية لوجدة المخصصة لتسجيل مختلف الوثائق الصادرة عن الجماعة ما بين 2007 و 2009، بان هذه الأخيرة سلمت خلال الفترة المذكورة ما مجموعه 294 شهادة إدارية للتخلي عن المتابعة القضائية في حق بعض المخالفين لقوانين التعمير. وتجدر الإشارة إلى أن تسليم شواهد من اجل التخلي عن المتابعة القضائية في حق بعض المخالفين لقوانين التعمير تمت مباشرة من طرف بعض المستشارين الجماعيين دون علم المصالح الجماعية المختصة ودون احترام القوانين و الأنظمة المعمول بها. كما تم الوقوف خلال الأبحاث والتحريات التي أجريت في الملف، على تسليم رخص القسمات دون إتباع المساطير القانونية ورغم رفض الوكالة الحضرية، و في هذا الإطار فانه حسب فصول القانون، فلا يجب منح رخصة القسمة إطلاقا سواء بالملك المخزني أو الملك الخاص تفاديا لتشويه جمالية المدينة، إلا أن الرخص الخاصة بالقسمة التي تتعلق بالملك المخزني والتي تدخل في إطار الاستثمارات الكبرى فان اللجنة التقنية المكونة من الوكالة الحضرية، و قسم التعمير الولائي وممثل لمصلحة التعمير بالجماعة تدرس ملف رخصة التقسيم المقترح إنشاؤه على الملك المخزني والتي من شانها أن تعود بقيمة مضافة لتحقيق المنفعة العامة، وأن هناك حالة استثناء منظمة بموجب مرسوم وزاري تسلم فيه رخصة من طرف اللجنة التقنية ، وتسلم مصلحة التجزئات والقسمات هذه الرخصة بعد استكمال الإجراءات الإدارية الضرورية. محاضر الاستماع الرسمية ومن خلال محاضر الاستماع الرسمية التي أنجزتها الفرقة المالية و الاقتصادية التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بوجدة، فان جميع نواب الرئيس السابق للجماعة الحضرية، نفوا في محاضر الاستماع إليهم، بأنهم لا يعرفون المستفيدين من توقيعات قرارات التخلي عن المتابعة القضائية في حق المخالفين لقوانين التعمير، وان توقيعها كان غالبا ضمن بريد التوقيع لمصلحة مراقبة البناء و الطرق، وأنهم لم يتلقوا مقابل ذلك أي عمولة مالية أو منفعة خاصة. وبخصوص قرارات التخلي عن المتابعة التي وقعها الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة و المحددة في 28 وثيقة، فقد أكد بشأنها بأنه أمضى عليها في إطار ما كان عليه للتوقيع من طرف البريد بعد من طرف رئيس مصلحة مراقبة البناء و الطرق، دون آن يعرض عليه ملف المخالف، وانه كان يتأكد من خلال ديباجة وثيقة التخلي عن المتابعة بأنها تضمنت عبارة وقوع التسوية بامتثال المخالف لأوامر الإدارة و يوقع على الوثيقة. و فيما يتعلق برخص البناء، فقد أكد الرئيس السابق للجماعة الحضرية، بأنها تعد مسؤولية المفوضين في ذلك، مشيرا إلى انه نبه إلى ذلك من خلال الاجتماعات ومن خلال مذكرة مصلحية، وبذلك فمدى احترام الضوابط القانونية من عدمه يعود إلى مسؤولية رئيس مصلحة التصميم و البناء و الطرق و رئيس قسم التعمير بالإضافة إلى المستشار المفوض له. تقاذف التهم بين المشتبه بهم وفي تقاذف للتهم بينهم، أكد الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة، انه حث المفوض لهم كي يتحملوا مسؤوليتهم في منح رخص البناء و كذلك رؤساء المصالح بصفتهم التقنيين المختصين في مجال التعمير، كما حمل المسؤولية في منح الرخص التي منحت بطرق غير قانونية لرئيس قسم التعمير، نافيا توصله بمراسلات حول تسليم رخص غير قانونية من رئيس قسم التعمير ورئيس مصلحة التصميم و البناء. فيما أكد رئيس قسم التعمير، انه أرسل للرئيس السابق للجماعة الحضرية، مراسلة حول منح رخص بناء غير قانونية بلغ إلى علمه لكي يتخذ رئيس الجماعة قرارا بشأنها لكن هذا الأخير لم يكن يستجيب، فيما عدا رخصة واحدة ورد في شانها مراسلة من باشا المدينة بخصوص إحدى الرخص المسلمة بشكل غير قانوني، وهي الرخصة الوحيدة التي ألغيت والمسلمة من طرف احد المستشارين المفوض لهم. وأوضح أن مشاكل التعمير في علاقتها مع الوكالة الحضرية التي قيل عنها بأنها كانت تعزف عن الموافقة على تصاميم إعادة الهيكلة و رخص البناء، صدرت قرارات بمنح الرخص دون مراعاة رأي الوكالة الحضرية بأوامر كتابية من المستشارين المفوض لهم موجهة إلى مصلحة التصميم و البناء دون علمه بها. ومن جهته أكد رئيس قسم التصاميم ، بأنه كانت تسلم رخص بناء بدون احترام رأي الوكالة الحضرية بقرار من المستشارين المفوض لهم بكتاباتهم بظهر ملف طلب الرخصة دون اعتبار تأشيرة رئيس المصلحة الذي لم يكن يدرج بالملف أو دون الأخذ برأي الوكالة الحضرية، وكان مكتب انجاز الرخصة التابع لمصلحة التصميم و البناء يكتفي بتحرير الرخصة تنفيذا لتعليمات المستشارين و يعرضها عليهم للتوقيع. كما أكد المستشار "م . س"، بان ملفات طلبات رخص البناء التي قام بتوقيعها و أعطى الأمر من اجل انجازها لم يتلق عنها أية عمولة أو منفعة خاصة من المستفيدين منها، مشيرا إلى انه في أحيان عديدة كان يساعدهم في أداء واجبات الرسوم الجبائية، بدعوى أن الأمر كان يتعلق بمستفيدين من طبقات اجتماعية ضعيفة و هم أصحاب عقارات بأحياء هامشية غير مهيكلة على حد قوله. أما المستشار "ح . ش"، فقد أكد انه كان يوقع رخص البناء بناء على ما كان يفيده به الموظفون، بان للرئيس الحق في الفصل في حالة اختلاف الرأي و كان يعطي أمرا كتابيا بانجازها. وقد طرحت الموافقة على قانونية الرخصة المسلمة لإحدى الشركات والخاصة ببناية من خمسة طوابق، والتي لم يتم الموافقة عليها بالإيجاب من طرف الوكالة الحضرية لوجدة، مجموعة من ردود الفعل بين المستشارين الجماعيين الحاصلين على تفويض في مجال التعمير ورؤساء المصالح التقنية بالجماعة. وعلى ضوء تصريحات "ح . ش"، بان مطلب رخصة البناء للشركة المعنية حظي بموافقة الوكالة الحضرية، أكد هذا الأخير انه تحصل على رأي الوكالة الحضرية بالعبارة sans objet بتاريخ 12/05/2009 وان الموظف "ن . ف " و "م . ق" أوضحا له بأن معنى العبارة هو بدون مانع بقولهما sans objection وأنهما أوضحا له أن القوانين تعطي للرئيس حق الفصل في إعطاء الرخصة في مثل حالة ملف الشركة المعنية، وعليه أعطى أمره بانجاز الرخصة ثم وقع الرخصة بعد إعدادها. ومن جهته نفى"ن . ف" أن يكون قد تحدث إلى "ح .ش" في أمر منحه الرخصة، أما "ك . ق" ، أفاد انه لم يتحدث في هذا الأمر إلى "ح . ش" بصفة نهائية. و حول المراسلة الواردة على الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة من طرف مدير الوكالة الحضرية، يلتمس من خلال هذا الأخير التدخل الفوري لإيقاف الأشغال واتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل تصحيح الوضع فيما يتعلق بمنح الرخصة للشركة المعنية، بدون مراعاة قرار اللجنة التقنية، فأفاد بشأنها الرئيس السابق للجماعة، بأنه لم يتوصل بها إطلاقا وأنها وجهت إلى قسم التعمير بدون علم منه. وحول ظروف اتخاذ نائبه "ا . ق" قرار الجواب على مراسلة الوكالة الحضرية، والتي مفادها أن الملف المتعلق بالشركة المعنية لم يحظ بالتوافق في الرأي نظرا لكون رأي ممثل الوكالة الحضرية كان رأيا غير موضوعي ، فقد أكد الرئيس السابق للجماعة الحضرية لوجدة، انه لم يستشر معه نائبه و لم يعط رأيه في شان هذه المراسلة بدليل انه لم يتوصل بها إطلاقا و لم يتم إشعاره بها أيضا، وأن قرار الإجابة اتخذه "ا . ق" من تلقاء نفسه باعتباره مفوض له في مجال التعمير وهو من يتحمل المسؤوليه في ذلك. أما الكاتبة العمومية المتابعة في حالة إعتقال ضمن هذا الملف، و الموجودة رهن الاعتقال بالسجن المدني بوجدة، فقد أكدت بأنها كانت تنجز شواهد تخلي عن المتابعة القضائية لفائدة مخالفي التعمير، ورخص البناء ، ورخص السكن ، ورخص شغل الأملاك الجماعية .. مشيرة إلى أن تحريرها لهذه العقود كان يتم منذ سنة 2005 إلى غاية 2009 وبعدها سارت تجرى بشكل بطيء. وأشارت المتهمة إلى أنها كانت تحرر رخص البناء بناء على طلب موظفين ومستشارين بالجماعة الحضرية بوجدة. وحول ذاكرة الحاسوب، أكدت المتهمة بأنها حذفتها بتدخل احد الكتاب العموميين و موظف جماعي الذي نبهها إلى التحقيق الذي تجريه الشرطة القضائية في قضية تسليم الشواهد الإدارية موضوع البحث بخصوص شواهد التخلي عن المتابعة... --- تعليق الصورة: المحكمة الابتدائية بوجدة