التشغيل على رأس أولويات الأغلبية الحكومية في المرحلة المقبلة    الملك يترأس الجمعة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان    الغلوسي: تقييد وهبي لعمل النيابة العامة في جرائم الفساد سابقة خطيرة    رؤية أمل استقلالية جديدة بروح متجددة    بوعياش: نعارض تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام مع الإبقاء عليها في قائمة القوانين    المغرب يٌسجل رقما قياسيا في عدد السياح خلال 9 أشهر    عطب تقني يهدد سيارات كهربائية فارهة بالاحتراق    بعد فراغه من فلوريدا.. إعصار ميليتون المدمر يوجه بوصلته نحو الأطلنتي    "صحة غزة": مقتل 28 فلسطينيا في مجزرة إسرائيلية استهدفت مدرسة بدير البلح    إسرائيل تطلق النار على 3 مواقع لليونيفيل في لبنان    رسميا: الرجاء الرياضي يقدم مدربه الجديد ريكاردو سابينتو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بعد حصوله على الباكالوريا.. ناصر الزفزافي يلتحق بكلية الحقوق بطنجة    الصحة النفسية بالمغرب.. بنية استشفائية ضعيفة تفتح باب التشرد والشعوذة ومطالب للدولة بإيجاد حلول مستعجلة    فوز الكورية الجنوبية هان كانغ بجائزة نوبل للآداب 2024    بلجيكا.. تطبيق جديد لحساب مخاطر الإصابة بالسرطان    تقارير.. مزراوي يغيب عن الملاعب ل8 أسابيع بسبب مشاكل في القلب    غزة: منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني    تداريب تكتيكية وتقنية للأسود قبل مواجهة إفريقيا الوسطى    لاعب التنس رافاييل نادال يعلن الاعتزال    تراجع الإنتاج وفقدان الثقة يقلصان حضور "كليمانتين المغرب" في أسواق روسيا    دموع الرجال: مسلسل يعود ليحفر مكانه في ذاكرة المغاربة بعد 12 عاماً من عرضه    مزاد يبيع سترة مضادة للرصاص بأكثر من مليون دولار    بعد مسيرة حافلة.. رافايل نادال يعلن اعتزاله    اضطراب ضربات القلب.. تطورات علاجية قائمة على الأدوية والأجهزة الطبية    التهاب الجيوب الأنفية .. الأسباب الرئيسية والحلول المتاحة    الأمم المتحدة: إبراز دينامية التنمية في الصحراء المغربية    وقفة تضامنية في الرباط مع الشعبين الفلسطيني واللبناني        "قسمة ونصيب" يراكم الانتقادات والتشكيك في مصداقيته    "يونيسف": واحدة من كل 8 نساء في العالم تعرضت للاعتداء الجنسي قبل بلوغها 18 عاما    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: "الله يلعن بو العالم"…    أسعار النفط ترتفع جراء وصول الإعصار "ميلتون" إلى ولاية فلوريدا    كيوسك الخميس | مؤسسة علمية مغربية تطور اختبارا جديدا لتشخيص جدري القردة    العثور على اللاعب الدولي اليوناني بالدوك متوفيا في منزله                السعودية تستهدف جذب 19 مليون سائح في ساحل البحر الأحمر بحلول 2030    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم        توقيف ثلاثة أشخاص بسلا والقنيطرة يشتبه تورطهم في حيازة وترويج المخدرات    وفاة سجين بآت ملول.. مندوبية التامك توضح: منحه الممرض أدوية وتوفي في الطريق إلى المستشفى    انقطاع أدوية السل يفاقم معاناة المرضى والتوقف عن العلاج واقع يهدد بالأسوإ    تغيير موعد و مكان مباراة الوداد الرياضي وشباب المسيرة    هلال: إفريقيا يتعين أن تضطلع بدور رائد في الحكامة العالمية للمحيطات هلال    إسرائيل تستهدف قيادييْن في حزب الله    جهة مراكش تحقق أداء سياحيا قياسيا    السعودية تفشل في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة    في أفق افتتاح الدورة البرلمانية!    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد التغيير؟
نشر في لكم يوم 10 - 10 - 2011


(3)
دأب الحكام الطغاة، بغطاء شرعي يرقعه لهم علماء "الفقه الرجعي" وليس علماء "الفقه الثوري"، حسب تصنيف الشيخ يوسف القرضاوي، على الترويج لخرافة سياسية بأنه إذا قهرهم الموت أو انقلب عليهم جيش وطني وثار أو خلعهم الشعب، ستعم الفوضى وتنهار الدولة والنظام وتقوم القيامة الصغرى، أي أننا ندور معهم وجودا وعدما.
وحتى لا نختلف حول أسباب سقوط طواغيت في التاريخ القديم أو الحديث، سقط اليوم أعتى المستبدين المفسدين في الأرض في تونس ومصر وليبيا وآخرون على قائمة السقوط في اليمن وسوريا والجزائر..ولم يقع شيء سوى ما وقع من أحداث وقلاقل أمنية من فعل فلول النظام المخلوع ورعاعه. كانوا يقولون ذلك عن الحسن الثاني خلال حكمه المتسلط. لقد حصل العكس، مات الحسن الثاني وعادت الحياة للشعب المغربي.
********
لا يمكن الإجابة على سؤال "ماذا بعد التغيير؟" إّذا لم تُحسِم قوى حركة شباب 20 فبراير، بل كل القوى المحبة للتغيير وإقامة ديمقراطية حقة ببلادنا وإنهاء عهد الملكية التنفيذية، لم تُحسِم موقفها نهائيا واستراتيجيا من سؤالي "لماذا التغيير؟" و"كيف التغيير؟"، لما يقتضيه سؤال مقال اليوم من حديث عن مغرب في أفق سياسي أصبحت فيه الملكية نظاما برلمانيا لا تتدخل في عمل أي سلطة من السلطات الدستورية وتتقيد بدور رمزي يحدده لها دستور جديد تضعه هيئة تأسيسية منتخبة وأُسقط نظام الاستبداد وأُحيلت الطغمة الفاسدة إلى ساحات العدالة لمحاكمتها على أفعالها ومساءلتها عن الثروات التي راكمتها هضما وهربتها خارج البلاد خلال فترة حكم الفساد لاسترجاعها للشعب، وشُكلت حكومة من القوى الوطنية الجديدة المناضلة من أجل التغيير وشباب حركة 20 فبراير في الداخل والخارج وحُل البرلمان المطعون في نزاهته وشرعيته وأعيدت للقضاء سلطته واستقلاليته.
نريد التغيير لأن النظام السياسي أقام حكما فرديا مستبدا بالسلطة والمال العام، وتسبب في إفساد الحياة السياسية والنخبة والأحزاب والاقتصاد وفشل، حسب تقارير مستشاريه وهيئته الحقوقية الخمسينية وتقرير "السكتة القلبية" الذي أعده البنك الدولي منتصف تسعينيات القرن الماضي، في جميع سياساته التعليمية والاقتصادية والمالية والنقدية والأمنية والخارجية منذ الاستقلال المنقوص، وأفقر الشعب وباع الثروات الحيوية للرأسمال الأجنبي وأضعف القرار السياسي الوطني والسيادة الوطنية وعرضهما للتأثيرات الأجنبية، وعرض سمعة الدولة المغربية وكرامة الشعب المغربي للإهانة بانتهاج سياسات التسول لدى البنوك والدول الأوروبية والمؤسسات المالية الدولية، مما أرهق كاهل ميزانية الدولة ودافعي الضرائب، وفتح الباب على نهب المال العام في غياب الرقابة التشريعية وصمت القضاء والمؤسسات الوطنية التي أنيط بها متابعة وإحالة الفاسدين إلى القضاء.
نريد التغيير لأن النظام أقفل كل الأبواب أمام تداول ديمقراطي نزيه للسلطة واحتكر مؤسسات الدولة والمال العام وحصرها في ذوي الولاء المطلق له بصلات المصلحة والنسب والمصاهرة والرضا والدراسة والزمالة والاستيعاب.
نحقق التغيير بمقاطعة هذا النظام وجميع سياساته وتكتيكاته ومناوراته، نقاطع دستوره وانتخاباته ومؤسساته ومناسباته ونعلن الخروج للشارع بمئات الآلاف والملايين، لا مدارس ولا عمل ولا بيوت حتى يسقط الاستبداد ويرضخ النظام لمطالب الشعب المغربي التواق للحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية. أن يصبح الشارع هو بيتنا وساحة نزالنا ومفاصلتنا هو الجواب على سؤال كيفية التغيير.
لا نريد أن نُخدع من قبل النظام أو نُلدغ من جحره مرتان ولا نُريد أن نقول في كل محطة يفرضها علينا ويخدعنا هذه هي الأخيرة، هذا ما تقوله الأحزاب منذ عقود، يجرها النظام من مناورة إلى أخرى ومن خُدعة إلى أخرى مراهنا على فقدنها لذاكرتها وعلى تلهفها وراء رضاه وهرولتها نحو مصالحها الطبقية والعائلية والمناصب.
ماذا بعد التغيير؟ بعد التغيير، سيكون كل المغاربة متساوون ومسؤولون أمام القانون وستكون إرادة الشعب هي السلطة الحقيقية وهو المصدر الوحيد للشرعية وصاحب الكلمة الفصل في اختيار طبيعة نظامه السياسي وشكل الدولة التي يريد، وسيقرر في مستقبل وضع الملكية في استفتاء شعبي عام ونزيه وحر، وسينتخب هيئة تأسيسية تمثل كل الأطياف والمراجع السياسية والفكرية لوضع دستور جديد يحدد الهوية الدينية والوطنية، وستنظم انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة تنبثق عنها حكومة مسؤولة أمام الشعب فقط عبر نوابه، ويشكل مجلس نواب يمارس اختصاصاته الرقابية والتشريعية باستقلالية تامة عن أي جهة أو سلطة، ويتحرر القضاء من قبضة المخزن وتوجيهاته وضغوطات وأوامر السلطة التنفيذية في شخص وزير العدل والأجهزة الأمنية والاستخباراتية والدائرة الاستشارية الملكية.
ماذا بعد التغيير؟ بعد التغيير، سيكون الشعب حرا في انتخاب النواب الذين يمثلونه حقيقة وفي اختيار الحكومة التي يريد بقيادة الحزب أو الأحزاب التي يمنحها صوته ويفوضها سلطته بإرادته ورضاه. بعد التغيير، لن يجرؤ كائن كان، مواطن أو أجنبي، يعيش في ظل مؤسسات وسلطة منتخبة وقانون وطني وقضاء مستقل أن يفلت من العقاب على جرم ارتكبه أو مال عام نهبه. بعد التغيير، لن تكون هناك مؤسسة أو جهة كيفما كانت مهمتها أمنية أو استخباراتية أو عسكرية أو خدماتية أو اجتماعية أو غيرها لا تتبع لمؤسسة الحكومة ولا تخضع لسلطة القانون ورقابة القضاء.
ماذا بعد التغيير، بعد التغيير لن نرى وجوها سئمناها وتثير لدينا الاشمئزاز، وجوها تتوارث، مثل النظام، المال والسلطة خارج صناديق الاقتراع وضدا على إرادة الشعب وإهانة لمؤسسات الدولة، وجوها سنراها، بعد التغيير، وراء القضبان الحديدية وأمام العدالة مثلما نرى فرعون مصر وزبانيته، مستشاروه ووزراءه ورئيس مجلس الشعب ووزير داخليته وكبار ضباط الشرطة والأمن ورجال الأعمال الذين نهبوا خيرات الشعب الفقير بأمر من نجله وحرمه.
بعد التغيير، ستكنس هذه العصابة وستسقط أقنعتها ليظهر للشعب وللعالم وجهها القبيح ونكتشف هويتها الحقيقية اللاوطنية وجنسياتها الأجنبية وأرصدتها السرية. بعد التغيير، لن تكون هناك تعليمات عليا تحمي وزيرا من صنف أكلي المال العام يشار إليه بالاتهام ويستنكر فعلته القاصي والداني، ثم يظهر لنا، في تحد سافل لمشاعر الشعب وكرامته، إلى جانب الملك يشرح ويمرح بمناسبة إطلاق مشاريع طواحين الهوى.
بعد التغيير، سيقود المغرب، دولة وأمة وشعبا، جيل التغيير حماة كرامة المغاربة وجند هذه الصرخة التي أحيت شعبا من موات وأيقظت فكرا من سبات وهزت كيان نظام فاسد وفاقد للتوازن والرؤية والتسديد والعقل، نظام يُغرق موازنة الدولة في بحر المديونية ويرهن مستقبل الثورة في بنوك فرنسا، نظام يبيع زمانا ليس بزمانه وإنما هو زمان هذا الشباب المبارك الذي أعاد المجد والعزة لنا وحرر ألسنتنا من الخوف وفك أيدينا من الأغلال وأزال الغشاوة عن أعيننا وانتزعنا من براثين الخنوع والنفاق والرهان على السراب، سراب على التغيير من الداخل وأخرجنا من عوالم الزيف والوظائف التي لا تقدم شيئا للمجتمع والدولة، من عوالم الظلمة والعتمة إلى عالم النور والثورة والتغيير.
أقول لشباب حركة 20 فبراير المبارك إن التغيير لن يأتي عطاء ومنحة، لأن ذلك ليس من طبائع الاستبداد وإنما يؤخذ غلابا وتدافعا وانتزاعا بقوة الشارع وإصرار الشعب وعناد النضال وتخطي حاجز الخوف وتجاوز الخلاف. لن يكون غدنا أسوأ من اليوم لأننا تجاوزنا، نفسيا وثقافيا وسياسا، حدود الخوف والمنع التي رسمها لنا النظام بعناية منذ عقود في مقرراتنا الدراسية الركيكة ومناهجنا البليدة وإعلامنا الرتيب.
لقد ظهرت بشائر غد مغربنا المشرق في ساحات التحرير والتغيير في مصر واليمن وليبيا وتونس وسوريا، ذلك لأن سهم القدر الذي أطلق بعناية إلهية لطعن طغاة العرب في العصر الحديث، لن يُفلت مستبدا ولو لبس ثوب الصلاح ووضع مساحيق الورع واجتمعت له فتاوى علماء الفقه الرجعي والتفت حوله أحزاب أعجاز نخل خاوية.
سهم الله هم عباده الذين اصطفاهم لينفذوا قدره بين خلقه المستضعين. لقد دقت ساعة التغيير حينما رأى النظام هذا الجيل الثائر في مدن المغرب يتقدم في مطالبه المشروعة وشعاراته السياسية ويثبت تصميمه وعزمه رغم كيد النظام وأعواته، حينها تساءل أزلامه "لماذا التغيير؟"، فكان الجواب لإسقاط الاستبداد والفساد، ثم ذهبت أجهزة النظام تبحث في سؤال "كيف التغيير؟"، فكان جواب الحركة والقوى الداعمة لها هو مقاطعة النظام كليا حتى يندحر، من الدستور إلى الانتخابات إلى العصيان مستقبلا، وها هو النظام يشكك، عبر طابوره الإعلامي والسياسي ورعاعه، بطرح سؤال "ماذا بعد التغيير؟"، لتجيبه الحركة بأنه بعد التغيير سترحل حيث أراد الله وتترك الشعب يقرر مصيره ويختار قيادته الوطنية بمحض إرادته. قيادته هم "رجال التغيير"، وهو عنوان المقال المقبل ضمن سلسلة مقالات حول التغيير.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.