إن الروح الديموقراطية باعتبارها قيمة ومطلبا وممارسة واقعية مازالت خجولة لدى الدولة والمجتمع والنخب التي صارت أدوارها موضع تساؤلات محيرة و أصبحت معها الآلة الحزبية مثل البهلوان الذي يثير المتفرجين في لعبة سيرك عبثية وغير جذابة لكن النتيجة في نهاية المطاف أن اللعبة السياسية برمتها أمست ملتبسة وغير مغرية هناك شريحة مهمة من المجتمع ولاسيما من الطبقة الوسطى تعتقد أن ما تحبكه النخب الكلاسيكية في صالونات الرباط لا يعنيها البتة وهدا إحساس شبه مطلق وقديم ففي مراكز المدن و الهوامش والأحياء الفقيرة حيث نشانا جميعا لاشيء تغير بل يتفاقم يوميا الجهل والعنف والبؤس والاستعباد الاجتماعي الذي يصنع منا عبيدا في هدا العالم حيث كل شيء يقرر في غيابنا وبعيدا عنا لكن الأمر الغريب أيضا هو أننا نتجاهل دلك آو ندير له ظهرنا لكننا ننسى أن السفينة نفسها تحملنا جميعا بنفس المخاطر والآمال إن مجتمعنا الجريح والمثخن بمظاهر الفقر والإقصاء والثراء الفاحش وانعدام تكافؤ الفرص يبدو مثل مريض بلا وصفة أو طبيب بل هو مجتمع يكاد يعيش بدون بوصلة ولا مشروع حضاري واضح ومريح ودون قيم أساسية وأخلاقيات كبرى انه مجتمع بحاجة ماسة إلى مشروع سياسي عقلاني تشاركي ومستديم يضمن الحرية والكرامة للمواطنين دون استثناء إن أنماط التفكير والعيش والتفاعل الاجتماعي قد تغيرت بشكل باهر وسريع وعليه فان السياسة محكوم عليها بالتكيف والمردودية وإبداع الأجوبة في الزمان والمكان إن الارتجال والعشوائية ستعمق بلا شك مشاعر النفور والقطيعة بين المجتمع والسياسة كما أن المواطن نفسه ليس بريئا تماما ولا محايدا في كل هده السياقات بل يتحمل نصيبا من هدا الإرث المجتمعي المتواضع و رغم النزعة الإصلاحية التي تسود اليوم على مستوى الخطاب السياسي الرسمي والحزبي فان الواقع يثبت الحقائق اليومية المرة التي يعرفها الجميع لدلك فانه من واجبنا أن نستمر في إصلاح وتطوير وتبجيل المدرسة العمومية انه مزيج غريب من الحنين الدافق والأمل الجارف لان المدرسة هي مشتل المواطنة وقيم العدالة والمساواة والتي هي قيم أساسية وحاسمة لكنها غائبة وهو الشيء الذي قد يزيد اغترابنا في الفضاء العام وشكنا المتواصل في أداء المؤسسات السياسية وفي علاقتنا بالوطن بشكل عام اليوم اقتربت لحظة الانتخابات بكل تناقضاتها و أوهامها ومتاهاتها فهناك من يعتقد أن المرشحين سوف يأتون بالحيل والأقنعة نفسها كي يقدموا أنفسهم كملائكة ومنقذين في الوقت الذي يتطلع الجميع أن لا يسمع تلك الخطابات اليتيمة الجوفاء وحروب الكلام والبلاغة المعدة سلفا إن الجميع يتمنى ألا يجند المرشحون كالعادة المرتزقة والشحاذين و ووسطاء الحملات المشبوهة تلك التي تعبر دون رحمة عن واقعنا المثخن بالبؤس والضبابية ورداءة المشهد السياسي إن الشعوب لا تعيش فقط بالخبز فقط بل أيضا بالأمل لان سيمفونية الانتظار مهما كانت ممتعة وحالمة لابد أن يصيبها قانون الاندثار