12 يوليوز, 2018 - 11:41:00 أصدرت لجنة الحقيقة والعدالة في ملف الصحفي توفيق بوعشرين تقريرا خاصة بمجريات المحاكمة والانتهاكات التي يتعرض لها. التقرير الذي عرضته اللجنة في ندوة صحفية، اليوم الخميس، أشار ان عملية اقتحام مقر جريدة "أخبار اليوم" وتفتيشه تمت دون موافقة مكتوبة بخط اليد من طرف بوعشرين كما تنص على ذلك المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية، وإخلاء مقر الجريدة وانتزاع مفاتيحه والاحتفاظ بها إلى غاية اليوم الموالي تم دون إجراء قضائي يسمح بذلك، وهو ما يعد مخالفا للقانون الجنائي ارتكبت من طرف الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. وأوضح التقرير أنه تم انتهاك حق الصحافي توفيق بوعشرين في معرفة أسباب ودواعي اعتقاله فورا، اذ كان يجب إخباره بذلك عند اقتياده من مقر الجريدة، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 23 من الدستور. وأكد التقرير أن المعدات المدعى انه تم حجزها لا تبرر اعتقاله بأي شكل من الأشكال، لأنها معدات عادية، حتى وان تم افتراض ملكيته لها وتواجدها يعد عاديا في مؤسسة إعلامية. وأضاف التقرير، أن الإحالة المباشرة إلى غرفة الجنايات التي لجأت إليه النيابة العامة في حق بوعشرين مخالفة صريحة لمقتضيات المادتين 73 و419 من المسطرة الجنائية، إذ صرحت النيابة العامة رسميا بانتفاء حالة التلبس في حق بوعشرين وأن ذكرها في محضر الاستنطاق راجع لخطأ مطبعي فقط. وأبرز التقرير أن اعتبار القضية جاهزة للحكم من طرف النيابة العامة أثبتت أطوار المحاكمة خطأه وهو ما كان واضحا منذ البداية، إذ كيف للنيابة العامة ان تبني اتهامها والدعوى العمومية برمتها على فيديوهات مجهولة المصدر، دون وجود اعترافات ولا شهود ولا خبرات طبية ولا وقائع محددة في الزمن؟. وشدد التقرير على أن لجوء النيابة العامة إلى طلب الخبرة على الفيديوهات بعد انعقاد أزيد من 30 جلسة، هو عمل كان يتعين القيام به قبل توجيه الاتهام وإحالة الصحفي بوعشرين على غرفة الجنايات في حالة اعتقال. وأفاد التقرير أن الصحفي بوعشرين معتقل بشكل تعسفي منذ 26 فبراير 2018، لأن الأمر بالإيداع بالسجن الصادر عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لا يمكن أن يشكل السند الصحيح للاعتقال وفقا لتعرف المادة 608 من المسطرة الجنائية. كما ان لجوء النيابة العامة للإحالة المباشرة إلى غرفة الجنايات وتفاديها مسطرة التحقيق بالرغم من عدم توفر شرطي الإحالة المباشرة المنصوص عليها في المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية، انتهك حق الصحفي بوعشرين في المحاكمة العادلة عندما حرمته المحكمة من ضمانات هذه المسطرة التي هي من حقه بقوة القانون. وأكد التقرير أن بطلان مسطرة الإحالة المباشرة من طرف النيابة العامة وعدم اللجوء إلى مسطرة التحقيق، يؤكد الطابع التحكمي لاعتقال بوعشرين، اذ لا سلطة للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تمكنه من اعتقال بوعشرين. واعتبر التقرير ان عدم تمكين الصحفي توفيق بوعشرين من ممارسة حقه بالطعن في الزور العارض في وثائق أدلت بها النيابة العامة خلال الدعوى العمومية بصفتها طرفا فيها، يعد حرمانا له من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه وإخلالا جسيما بشروط المحاكمة العادلة. كما ان عدم تمكين الصحفي بوعشرين من الحصول على سجل المكالمات الهاتفية والموقع الجغرافي للواقط الهوائية وهي أدلة تثبت تواجده في أماكن بعيدة عن الأماكن التي تدعي النيابة العامة في الوقت انه ارتكب فيها مخالفات للقانون الجنائي، في حين ان هذه الأدلة متوفرة لدى النيابة العامة وتصر على حجبها، مما يعد حرمانا له من إثبات براءته أمام المحكمة وانتهاكا صارخا لحقه في الدفاع. وأشار التقرير إلى أن المتابعات الزجرية والتأديبية التي أثيرت ضد أعضاء فريق الدفاع وعلى رأسهم النقيب محمد زيان، الذي وصل إلى حد إخضاع نجليه للحراسة النظرية في بحث له علاقة مباشرة بالمحاكمة، يعد انتهاكا غير مسبوق لحصانة الدفاع مما يقوض المحاكمة العادلة من أساسها. وخلص التقرير إلى أن الحقوق الدستورية للصحفي توفيق بوعشرين المنصوص عليها في الفصول 23 و117و118 تعرضت لانتهاكات جسيمة وعلى رأسها حرمانه من حريته نتيجة الاعتقال التعسفي وانتفاء حالة التلبس بجناية وعدم جاهزية القضية للحكم. مما يتطلب إطلاق سراح بوعشرين فورا وتمكينه من حقه في محاكمة عادلة ابتداء برفع السرية عن قضيته وعرضها على هيئة التحقيق حتى يستفيد من كل الضمانات التي يخولها الدستور والقانون في الدفاع عن نفسه. وأهابت لجنة الحقيقة والعدالة في نهاية تقريرها بالحركة الحقوقية الوطنية أن تعمل من أجل إقرار مبدأ المساواة أمام القانون الذي نص عليه الفصل السادس من الدستور، وذلك بإخضاع قضاة النيابة العامة للرقابة القضائية بكافة أنواعها، والجنائية منها على وجه الخصوص، وذلك بشكل عادي ودون تمييز، حتى يتسنى إحداث توازن سليم بين طرفي الدعوى العمومية.