بلل العرق ملابس العمال الزرقاء التي يرتديها صادق مبكر قرين وهو منكب على إصلاح قاذف صواريخ مرتجل من أجل مقاتلي المعارضة الليبية. قال قرين (52 عاما) وهو يشير إلى قاذف صواريخ به 16 أنبوبا للصواريخ انتزعت من طائرة هليكوبتر عسكرية «هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها على واحد كهذا». قام قرين وهو رئيس عمال سابق في شركة نفط بتثبيت الأنابيب في إطار ملحوم ويعمل الآن على وحدة التوجيه الالكتروني ليسمح لمقاتلي المعارضة بإطلاق الصواريخ واحدا واحدا وفقا للحاجة. يعمل مع زملائه في الورشة على تصنيع أسلحة من أي شيء يقع تحت أياديهم. وقال «تعلمت تصنيع أشياء أخرى وتعلمت اللحام ولذلك تمكنت من إصلاح هذا». والبراعة التي نراها هي وليدة الحاجة. واستولى مقاتلو المعارضة في مصراتة على بعض الأسلحة وترسل لهم أسلحة أخرى من خلال ميناء مصراتة. ولكن المعارضة تشكو من نقص في الأسلحة الثقيلة والأسلحة التي حصلت عليها في حاجة إلى إدخال تعديلات كي تتناسب مع قوة نيران القوات الحكومية وقدرتها على الحركة. ويحارب المعارضون في مصراتة ثالث أكبر مدينة ليبية الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس منذ أربعة أشهر لإنهاء حكم القذافي القائم منذ 41 عاما. ونقلوا خط المواجهة من داخل المدينة إلى مشارف بلدة زليتن المجاورة التي تقف حائلا دون تقدم المعارضة صوب طرابلس. وتشير السرعة الشديدة التي يعمل بها العمال في هذه الورشة القريبة من وسط مدينة مصراتة وبينهم مدرسون سابقون ومهندسون وسائقو سيارات إلى أن المعارضة تعد الذخيرة للتحرك القادم نحو زليتن. وتركز الورشة إلى الآن على إصلاح العتاد. وعندما نقلت الجبهة إلى موقع أمامي الأسبوع الماضي تم نقل معظم العمال هنا إلى ورشة إصلاح جديدة قرب زليتن كي لا تضطر أطقم الأسلحة للسفر لمسافة 36 كيلومترا في الذهاب وأخرى في العودة لإصلاح الأسلحة. ولا تزال الورشة في مصراتة تتعامل مع الإصلاحات الكبيرة لكنها تركز الآن على تجهيز أسلحة جديدة والسيارات التي ستركب عليها. وتسارع إيقاع العمل ويمتد من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة في الليل طوال أيام الأسبوع. والمهمة الرئيسية هي بناء منصات جديدة لمدافع رشاشة ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات التي ستركب على ظهر شاحنات صغيرة. وهناك حوالي عشر منصات جديدة من الصلب شبه جاهزة لتركيب مدافع رشاشة أخذت من دبابات أو طائرات هليكوبتر. وبدلا من نظام إلكتروني لتحريكها يمكن ضبط المدفع يدويا. ويعرض صلاح محمد (45 عاما) بفخر المدفع الجديد إلى جانب طلقات للمدفع صنعت من عبوات الطلقات المستهلكة. وابتكرت الورشة كذلك معدة لحام أساسية بها مقبض لدفع الذخيرة إلى الوصلات التي ستزود المدفع الرشاش بالطلقات وهو شيء لا يمكن عمله يدويا. ويتركز معظم النشاط المحموم الآن في الورشة التي يعمل فيها 35 عاملا على مجموعة عمل صغيرة تعمل على الانتهاء من تصنيع مدفع مضاد للطائرات. واستبدل طاقم العمل أربعة مدافع رشاشة بمدفعين مضادين للطائرات عيار 23 ملليمترا. ويقول قرين إن تغيير العيار يرجع أساسا إلى أن المدافع الأكبر لها مدى يصل إلى ستة كيلومترات مقارنة بأربعة كيلومترات للمدافع الأصغر. ويضيف أن ذلك سيكون له تأثير نفسي على قوات القذافي. ويعود قرين للعمل على قاذف الصواريخ. ويقول «أريد أن أساعد على انتهاء القتال في رمضان». وتابع «عملنا لن ينتهي حينها.. لدينا الكثير الذي يجب علينا عمله. ولكن أريد أن يتوقف القتال وقتها». *رويترز