20 أكتوبر, 2017 - 10:06:00 كشف رئيس حركة النهضة في تونس راشد الغنوشي، أن حركته ستركز في الحملات الانتخابية المقبلة بتونس على المجال الاقتصادي، كما عبر عن رفضه دعوات تغيير الحكم في تونس إلى النظام الرئاسي. وقال الغنوشي، في حوار أجرته معه وكالة الأناضول، إن "الخطوات القادمة للحركة (68 نائباً من أصل 217 في البرلمان)، هي استكمال المسار الديمقراطي بالاتجاه نحو الانتخابات المحلية والبلدية (في 2018)، وبعد ذلك ستكون هناك انتخابات تشريعية ورئاسية في 2019، والبلد مشغول الآن بقضايا التنمية؛ لأن أهداف الثورة في الحرية والديمقراطية تحقق منها الكثير، وفِي طريقها إلى أن تستكمل". وتابع موضحاً: "الإنجازات في المجال الاقتصادي والاجتماعي بتوفير الشغل وتطوير التعليم والصحة والخدمات والزراعة- لا تزال محدودة، ولذا نركز على هذا الجانب، بما يوفر الشغل والعمل والكرامة لشباب الثورة، فحتى الآن لا يلمسون النتائج في الحياة اليومية". ومن هذا المنطلق، شدد على أن الحركة "ستركز على المجال الاقتصادي، وعندها وظائف اقتصادية مهمة في الحكومة الحالية (من خلال عدة وزراء)؛ وبالتالي يركزون جهودهم على الجانب الاقتصادي، باعتباره نقطة الضعف في البلاد، وباعتبار أنه التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد". رفض للنظام الرئاسي وسجلت تونس نمواً متواضعاً خلال السنوات التي أعقبت ثورة 2011 ضد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، صعدت على أثرها نسب البطالة إلى أكثر من 15 في المائة بصفوف المواطنين، حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري. وتسعى تونس لرفع نسبة النمو إلى نحو 3% في 2018، مقارنة بنحو 2.5% متوقعة العام الحالي. الغنوشي في إطار إجابته عن أسئلة حول الديمقراطية والتجربة التونسية، قال: "نحن في تونس، النظام الذي اخترناه نظام برلماني، مطعّم بشيء من النظام الرئاسي، وهناك من يطالب في تونس، اليوم، بتغيير هذا النظام البرلماني، والعودة إلى النظام الرئاسي". وأعرب عن رفضه هذه المطالب بقوله: "نحن لسنا مع ذلك، ونرى أن الأنظمة السياسية والدساتير لا ينبغي أن تكون مثل فصول السنة، تتغير بتغير الفصول، طبيعة الدساتير هي الثبات". وأردف أن الدساتير "يمكن أن تتغير بعد تجربتها، بعد أن يمر وقت كافٍ للتجربة، يتبين فيه أن المادة الدستورية لا تصلح فتغيّر، ولكن يجب أن تعطى الدساتير الفترة الكافية للتجريب". وبحسب المادة ال71 من الدستور التونسي، "يمارس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية وحكومة يرأسها رئيس حكومة"، وبحسب المادة ال95، تكون "الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان)". ويختص الرئيس بالإشراف على مهام الدفاع والخارجية، فيما يمارس رئيس الحكومة سلطاته على بقية الوزارات، في نظام "شبه برلماني"، بحسب الخبراء. ومضى الغنوشي مبيّناً رؤيته في هذا الصدد: "التجربة التونسية ناجحة في الانتقال الديمقراطي؛ لأنها اعتمدت على التشاركية والديمقراطية التوافقية، وليس ديمقرطية المغالبة، واكتشفنا أن هناك فرقاً بين الديمقراطية الناشئة، والديمقراطيات العريقة المستقرة". وأوضح بقوله: "في الديمقراطيات المستقرة، يكفي أن يحصل حزبك على 51٪ لتحكم وحدك، وفي الديمقراطية الناشئة هذا لا يكفي؛ لأن الديمقراطية الناشئة تخشى (عواقب) الانقسام، إذا انقسم المجتمع". واستشهد في هذا السياق بالنموذج المصري الرئاسي، قائلاً: "الرئيس المصري (محمد) مرسي، انتُخب (عام 2012) بنسبة 51٪، وخصمه (أحمد شفيق) حصل على نسبة 49٪؛ ومن ثم هذا انقسام في المجتمع، ولذلك لم يدم الأمر طويلاً، فانقسم المجتمع، وأصبح هناك اعتصام في ميدان التحرير، واعتصام في رابعة (بالقاهرة)، وكأنه أصبحت ثورتان وليس ثورة واحدة". إلا أن التونسيين -يتابع الغنونشي- "تجنّبوا الانقسام، ورفضوا كل مشروع إقصائي، يقصي من اشتغل مع النظام القديم؛ لأنه يقسم المجتمع، وقلنا كل من قَبِل دستور الثورة هو ابن الثورة، واذا ارتكب خطأ وجريمة يحاسب عليها فرداً وليس جماعة". وأوضح أكثر، أهمية التوافق بين مكونات الشعب، قائلاً: "في ليبيا، سنّوا قانون العزل السياسي، كل من اشتغل مع (الرئيس الليبي السابق معمر) القذافي، أحيل للمعاش، وفي العراق استنّوا قانون اجتثاث (حزب) البعث، ونحن تجنبنا هذا، وقلنا لا بد من توحيد الشعب، قديم وحديث، إسلامي وعلماني، هذا هو حكم التوافق". لا تناقض بين الإسلام والديمقراطية وعن تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بأن المصالحة الفلسطينية استفادت من التجربة التونسية، علق الغنوشي قائلاً: "حماس تتجه نحو حكم التوافق بينها وبين خصمها السياسي فتح؛ بل هم يريدون توافقاً أكبر من فتح، (يريدون) توافقاً بين الفصائل" كلها. وأردف: "تنازلوا عن الحكم من أجل حكم توافقي تجتمع عليه كل الفصائل، وهو أمر جيد؛ لأن الديمقراطية الفلسطينية ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى توحيد الكلمة والإجماع، وليس الإقصاء والاستقطاب والصراع". وكان هنية قد أطلع مساء الإثنين الماضي، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، على مجريات اتفاق المصالحة الفلسطينية، قائلاً إن "جمهورية تونس تُعتبر نموذجاً يحتذى به في المنطقة، والشعب الفلسطيني يمر أيضاً بمرحلة توافقية جديدة، ولدينا كل الإرادة لإنجاحها". وفيما يتعلق بعدم تعارض الإسلام والديمقراطية، واستفادة الحركة من ذلك، أوضح زعيم حركة النهضة: "منذ سنة 1981، أول بيان سياسي أصدرته الحركة وكان اسمه حركة الاتجاه الاسلامي، برهنا فيه على أنه لا تناقض بين الدين الإسلامي والديمقراطية؛ لأن الإسلام جاء ثورة تحريرية شاملة". ولفت إلى أن "الإسلام جاء لكسر الأغلال التي تكبل العقول، والتي تكبل الاقتصاد، وتكبل حريات الناس، وجاء بمبدأ الشورى، أي إن الحكم هو للشعب، وإن الحاكم هو خادم للشعب وأجير للشعب، والشعب هو الذي يوظفه، وهو الذي يستطيع أن يصرفه متى يشاء". وشدد قائلاً: "نحن نرى أن لا تناقض بين الديمقراطية بأنها حكم للشعب، وأن الإسلام وهو حكم الأمة، لذلك أي ادعاء بأن الديمقراطية حرام، إساءة وسوء فهم للإسلام". وعن التجربة الديمقراطية التركية، قال الغنوشي: "الديمقراطية لها أشكال مختلفة، ديمقراطية رئاسية، ديمقراطية برلمانية، وتركيا تنتقل للحكم الرئاسي من البرلماني، وهو خيار الشعب التركي". وبيّن أن "النظام الرئاسي الديمقراطي هو إحدى صورتين للصور الديمقراطية، كالديمقراطية الأميركية والفرنسية، ديمقراطية رئاسية، وهذا خيار الشعب، والاسلام لم يقل إن الديمقراطية الرئاسية صحيحة والبرلمانية خاطئة أو العكس". وأوضح أن "كل ذلك إذا اختاره الشعب فهو جيد، التجربة هي التي تحكم على هذا وذلك، وربما النظام الرئاسي يصلح لبلد، ولا يصلح لبد آخر".