ب 21 مارس, 2017 - 08:50:00 يقول المؤرخ بيار فيرمرين المتخصص في المغرب العربي وعالم العرب والأمازيغ، ان شبكة المتطرفين الفرنسية البلجيكية التي نفذت اعتداءات باريسوبروكسل في 2016، كانت تتركز حول منطقة مولينبيك ببروكسل. واضاف ان سكان هذه المنطقة يتحدرون من منطقة الريف الجبلية الفقيرة في شمال المغرب التي عرف اهلها بتاريخ طويل من التمرد على السلطات وممارسات مافيوية ترتبط بتجارة القنب الهندي. وفيما يلي نص الحوار: لماذا شكل اهالي الريف خصوصا حاضنة للجهاديين في اوروبا؟ الاسباب عديدة ومتشابكة. وبنيت حياة هؤلاء الناس تاريخيا حول المحن والمعاناة. وبين الاكتظاظ السكاني والزلازل والاخضاع، دفعت منطقة الريف غاليا ثمن وضعها المهمش وتمردها التاريخي. ومثل الدين في قراءته الاكثر تشددا، والاعمال غير القانونية والاجرامية، ملاذا لهم وعلاجا لتلك الآلام، ما جعلهم في وضع تقوقع على الذات وانغلاق قبلي واسري. ولا يفلت ابناؤهم وحتى احفادهم المولودين في اوروبا من هذا التاريخ. وبين هؤلاء اطفال ضائعون تنظموا في شبكات تضم رفاقا لهم عملت في نشاطات اجرامية، قبل الانغماس في التطرف الاسلامي في بلجيكا وفرنسا وداخل تنظيم الدولة الاسلامية. وكان من السهل على مجندي المتطرفين في الشرق الاوسط ان يوقعوا بهؤلاء الشبان الضائعين القريبين من الانحراف. ونجحوا في زرع الشعور بالذنب فيهم قبل ان يزينوا لهم التوبة والاستشهاد. لماذا وكيف انتقلوا من تجارة القنب الهندي الى التطرف الديني؟ لا ينبغي النظر الى رابط منطقي، والامر خليط من الصدفة والضرورة. صدفة الالتقاء بمجموعات شريرة، وضرورة اتقان استخدام السلاح وعبور الحدود وعالم التهريب بهدف التمكن من تنفيذ عمليات حربية وحتى ارهابية. وكتب الكثير عن تطرف الجهاديين في سوريا، الا انه ليس هذا التطرف هو الذي ضرب باريسوبروكسل. بل الخداع مع تصميم صامت وبدون اخطاء على غرار المجموعة التي نفذت اعتداءات 11 سبتمبر. ما صنع قوتهم هو التنظيم والقدرة على عبور الحدود واقامة شبكة مخابىء وتحويل الاموال ونقل الاسلحة وغيرها. وكل هذه الاشياء يتم تعلمها في عالم الجريمة المدرب على تمرير آلاف الاطنان من الحشيش عبر اوروبا لتغذي الانشطة الاقتصادية للمدن. واستثمر هؤلاء مهاراتهم في حرب ابتكرها الضابط السابقون لصدام حسين. ما هو الحل لمواجهة مهربي المخدرات من الريف (80 بالمئة من المخدرات المستهلكة في اوروبا)؟ هذه مسالة تتعلق بالسياسات الكبرى. ولا تفيد فيها ملاحقة المنحرفين الذين يوزعون سنويا آلاف الاطنان من المخدرات بقيمة تصل الى مليارات الدولارات، سيبقى منها دائما ما يكفي لتغذية الشبكات والمافيا. الحل يكمن في بحث الامر والتفاوض مع المغرب الذي هو دولة قوية ومركزية، فمافيات الريف كما تسمى في المغرب تطرح مشاكل لهم (المغاربة) ايضا، كما تشهد هذه المنطقة اعمال عنف متكررة. والمغرب هو البلد المتوسطي الذي يتلقى اكبر قدر من المساعدات من اوروبا، وهناك اذن هامش تفاوضي. لكن يتعين ان يتم التوصل الى اتفاق يربح فيه الجميع. وعلى اوروبا ان توافق على ما يلي : في مقابل اجتثاث المغرب لمزارع الحشيش من اراضيه، يتعين ان يحصل على مساعدة دائمة وناجعة لبسط الاستقرار في منطقة يقطنها خمسة ملايين نسمة. وسيكون من شأن ذلك زعزعة الشبكات بما يتيح لقوات الشرطة ان تعيد تنظيم نفسها لمواجهة التهريب. وسيتم عندها على الاقل القضاء على الاضرار الاجتماعية والفكرية والنفسية والمدرسية والاجرامية التي تطال ملايين الشبان الاوروبيين (من مرسيليا الى بروكسل).