قد يكسب رد الشرطة الفظ على احتجاجات ومظاهرات (الربيع العربي) في المغرب تعاطفا واسع النطاق بين السكان. وذلك رصيد سياسي كان غائبا عن الاحتجاجات بشكل واضح إلى الآن. واشتبكت مجموعات من الشرطة والبلطجية الموالين للحكومة مع محتجين في الدارالبيضاء العاصمة التجارية للمغرب في 29 ماي الماضية وبطحوهم ولكموهم وركلوهم إلى أن تفرقوا. وضرب من قاوموا بالهروات. وفي طنجة تطور اشتباك مباشر إلى رشق بالحجارة أوقع مصابين لدى الجانبين. والمشاهد كانت مختلفة بشدة عن العنف القاتل في سوريا واليمن والبحرين، ولم تستخدم الشرطة المغربية إلى الآن الرصاص المطاطي أو قنابل الغاز المسيل للدموع ناهيك عن الذخيرة الحية. لكن الرد العنيف تعارض بشدة مع منهج عدم التعرض للمظاهرات من أجل تعديل دستوري رئيسي في المملكة حيث يسيطر على المشهد أسرة حاكمة قوية حكمت المغرب لأكثر من 350 عاما. وقالت جماعات معارضة مغربية إن مغربيا توفي يوم الخميس متأثرا بإصابات لحقت به على أيدي قوات الأمن خلال مظاهرات 29 ماي المؤيدة للديمقراطية ليكون أول قتيل في الموجة الحالية للاحتجاجات. وقالت الحكومة إن وفاة الرجل ويدعى كمال عماري لا علاقة لها بالاحتجاجات. وقال المتحدث باسم الحكومة إن مظاهرات 29 مايو كانت محظورة وردت الشرطة على ما وصفه المتحدث بأنه سلوك استفزازي من قبل المحتجين. وبالنسبة للبعض كان هناك إفراط فيما يبدو في رد الشرطة. قال توفيق بوعشرين رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المستقلة «الدولة ارتكبت خطأ.. ممكن أن تستمر الدولة في خطواتها الإصلاحية والشبان يستمرون في التظاهر سلميا». لكنه استطرد قائلا «الدولة خائفة أن يأتي التغيير من الشارع لأنها ترى أن التغيير يجب أن يأتي من أعلى هرم في السلطة». وقال إن السلطات استخدمت العنف على ما يبدو لأنها كانت تخشى أن تكون حركة 20 فبراير الشبابية التي تقود المظاهرات تسعى لإثارة الاضطرابات في الأحياء الفقيرة التي لديها تاريخ في الحركات العمالية المتشددة. وقال مايكل ويليس وهو محاضر في السياسة الإفريقية في جامعة أوكسفورد «إذا تعرض عدد قليل من الناس للضرب فإن ذلك لن يتسبب في مشكلة كبيرة (بالنسبة للحكومة)». وأضاف «إذا قتل الناس ستكون هناك مشكلة كبيرة». وقال محمد طارق السباعي رئيس «هيئة حماية المال العام» المستقلة التي تسعى لمكافحة الفساد «إذا زادت السلطات من قمعها فستتطور الأحداث في المغرب وسيتعاطف الشعب أكثر مع حركة 20 فبراير». وأضاف «لأن رسالة العنف واضحة لوبي الفساد في المغرب لا يريد الإصلاح الذي يهدد مصالحه». وقال الاتحاد الاوروبي وهو شريك تجاري كبير ومصدر للمعونات إن أعمال العنف في 29 ماي «تثير القلق» ودعا إلى ضبط النفس واحترام الحريات الأساسية. وكان الاتحاد الاوروبي أعلن في وقت سابق تقديم 23،2 مليار يورو كمساعدات لليمن ودول غربية أخرى بشرط أن تعمل من أجل «ديمقراطية دائمة» وسياسات اقتصادية شاملة. ووصفت منظمة العفو الدولية تحرك الشرطة المغربية بأنه رد وحشي على أناس لمجرد أنهم يمارسون حريتهم في التجمع. ويأتي الاختبار التالي يوم الأحد عندما تنظم حركة 20 فبراير المظاهرة الأحدث في سلسلة من المظاهرات في البلدات الكبرى. ولم تظهر حركة 20 فبراير إلى أن مطالبها لمست وترا لدى أغلبية المغاربة. والحركة عبارة عن تحالف فضفاض يضم علمانيين ويساريين وإسلاميين ومستقلين. وتطالب الحركة العاهل المغربي أن يملك ولا يحكم وتريد تقييد نفوذه الاقتصادي وكذلك نفوذ نخبة البلاط السرية والمؤثرة التي تعرف باسم المخزن. ويقول خبراء إن الانتخابات البرلمانية الدورية لم تحدث تغييرا كبيرا حيث يسيطر القصر على الوزارات الرئيسية وله القول الفصل. وتجاوب الملك بسرعة ووعد في التاسع من مارس بطرح إصلاحات ستعزز السلطات البرلمانية في ظل تعديلات دستورية في استفتاء عام. وعلى مقهى في حي فقير في مدينة الدارالبيضاء قال منعم أويحيى الناشط في حركة 20 فبراير إن الحركة تطالب بالحرية والحداثة والإصلاحات وهي ضرورية للتقدم. وبينما يتفق كثيرون مع شكاوى المعارضة من السياسيين والبيروقراطيين الفاسدين إلا أن البعض يخشى من عدم الاستقرار والأسوأ منه إذا ضغط المتظاهرون من أجل إصلاحات أصعب وأعمق. قال أحمد العمراني (39 عاما) وهو تاجر ملابس «نحن لسنا اليمن ولا سوريا ولا تونس بلدنا نموذج الديمقراطية في المنطقة». وقال عبد الله م. وهو سائق سيارة أجرة عمره 58 عاما «الملك رمز الوحدة في المغرب ما ينقصنا هو قليل من الإصلاحات ومحاربة الفقر وتقليص الفوارق الاجتماعية». وحذر من أن الاحتجاجات تدفع المغرب إلى «إراقة الدماء». والإصلاحات التي تحد من التفاوت الاجتماعي مطلوبة. وقال بوعشرين «الشباب لحد الآن لا يطالب بإسقاط النظام وإنما إصلاح النظام». وأضاف أن الملك عنده شرعية في المغرب لإجرائه عدد من الإصلاحات التي قادها وزياراته للفقراء وإنشائه هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنشئت لطي ماضي انتهاكات حقوق الإنسان. وقال «صحيح هناك بعض التراجعات خاصة على مستوى الحريات وعلى رأسها حرية الصحافة لكن عهد الملك محمد السادس تميز بالمرونة وهو ما يجعل مطالب الشارع تتسم بالمرونة أيضا». *رويترز