14 يناير, 2017 - 01:02:00 بحلول أكتوبر 1988، كان الغضب الجزائري ملموسًا ضد العائلة الحاكمة، من حزب جبهة التحرير الوطني، وأجبرت التظاهرات المميتة الجبهة على قبول حقيقة أنها لم تعد معصومة أمام الجماهير. كنتيجة لذلك، فإنه تم تقديم إصلاحات دستورية من قبل الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، التي أتاحت مشاركة العديد من الأحزاب للمرة الأولى، منذ تولي النظام الاستبدادي في 1962 . وكان أكثر حزب استفادة من ذلك، حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذي تشكل في 18 فبراير 1989 وزادت شعبيته بين الجزائريين المهمشين، الذين تعبوا من استبعادهم من الحياة السياسية والاجتماعية . وتمكنت الجبهة الإسلامية من تحقيق مكسب في السنة الأولى، من خلال بناء علاقات مع شباب فقير. بالطبع كان الأمر في الأساس بسبب الاجتماعات بين بن جديد ورئيس الجبهة، كذلك أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين. وفي 12 يوليو 1990، بدأت أول انتخابات محلية حرة منذ الاستقلال، مع اختيار المصوتين الجزائريين للجبهة الإسلامية، التي تمكنت من الفوز بنسبة 54%، وهو أكثر مما حصل عليه حزب جبهة التحرير الوطني، أو أي حزب آخر. لكن حرب الخليج ضد العراق في يناير 1991، حثت على تغيير سماحة جبهة التحرير، تجاه الجبهة الإسلامية. وسلم علي بلحاج من الجبهة الإسلامية، خطابًا قويًا للمتطوعين للقتال بجانب صدام حسين، ما تم اعتباره إهانة للتسلسل الهرمي العسكري. وأدى إضراب دعت له الجبهة الإسلامية، ضد إعادة تنظيم الدوائر الإنتخابية، إلى حالة طوارىء حتى ديسمبر. وبعد ذلك بقليل، تم اعتقال قادة الجبهة الإسلامية، عباسي مدني، وعلى بلحاج، وحكم عليهما بالسجن 12 عامًا. على الرغم من كل ذلك، شاركت الجبهة الإسلامية في الجولة الأولى للانتخابات التشريعية في 26 ديسمبر 1991، وفازوا بأغلبية ساحقة 59%، وكان الحزب قادرًا على الفوز ب231 مقعدًا، مع مكاسب أكبر، وذلك في 13 يناير 1992. وأتى حزب التحرير الوطني في المركز الثاني، بحوالي 16 مقعدًا. حتمية الفوز للجبهة الإسلامية، كانت البداية لجعل النخبة الجزائرية في عدم ارتياح، كذلك النخبة في باريس، الذين كانوا يشاهدون مستعمرتهم السابقة. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن احتمالية فوز حزب، حتى إذا كانت بطرق ديموقراطية، يمكن أن تكون عدوها وضد مصالحها في المنطقة، كانت أمورًا كافية، لتبرير عمل جبهة التحرير القادم، الذي قاد لحرب أهلية دموية، استمرت حتى عام 2002. في 11 يناير 1992، تدخل الجيش، وألغى العملية الانتخابية، ومنع الجبهة الإسلامية، التي تم حلها نهائيًا في مارس. وفقًا للسلطات الجزائرية، تم اعتقال 5000 من أعضاء الجهة الإسلامية. لكن الباحث الفرنسي “جيليز كيبل” وضع رقمًا يصل ل40000 عضو، ومنهم القائد عبد القادر حساني. وأجبر الرئيس بن جديد على الاستقالة، وجاء بدلاً منه المقاتل المنفي محمد بوضيف، واغتيل بعدها بأربعة أشهر. ورأت الجماعات، المنبثقة عن الجبهة الإسلامية، وأبرزها الجماعة الإسلامية المسلحة، والحركة الإسلامية المسلحة، تصرفات الجيش كسبب للحرب، وتبرير لاتخاذ رد فعل مسلح ضد الدولة. استمرت هذه الحرب عشر سنوات قاسية، مع مستويات منحرفة من العنف، التى تم تسجيلها في الجزء الأخير من قبل الجيش والأمن والخدمات السرية والجماعات المسلحة، الذين بدءوا عمليات عنف ومذابح غير مبررة. قتل حوالي 200000 جزائري، واختفى 18000 آخرين، وأجبر حوالي مليون شخص على ترك البلاد. وتم إنهاء حالة الطوارىء في 2011، من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي تسلم الرئاسة في 1999، وذلك ردًا على الاحتجاجات خلال بداية الربيع العربي . وتم الإفراج عن بلحاج ومدني في 2003، وفي 2005 عرض بوتفليقة عفوًا عامًا، لإنهاء الإجراءات القانونية ضد المقاتلين، ولاقى هذا القرار موافقة حوالي 97% من الشعب في استفتاء وطني. وتم تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في سبتمبر 2006، للتوفيق بين الأطراف المتحاربة، التي أدت للجزائر التي نراها اليوم. المصدر: ميدل إيست مونيتور الترجمة: عن موقع "التقرير"