دعوا الوطن يمتد خارج المساحات المرسومة له بشكل قسري ،ارفعوا عنه كل الأنظمة والممارسات التي تسعى إلى تكبيله وكبح جماح تطلعاته،لاتسيجوه بالحسابات الصغيرة والملتبسة ،لا ترهقوه بالحروب التي تستعمل فيها أسلحة محرمة أخلاقيا ،لاتضغطوا عليه حتى لايصاب بالاختناق أو تنفجر شرايينه ،لا تحاصروه نفسيا ،لاتستنزفوا قواه ،لاتعيدوه إلى أجواء الجمر والرصاص ووحشة الزنازين وأنين السجناء وصراخ الأمهات ،لاتجعلوا من تدبير المرحلة اختبارا لمدى إمساك الحاكمين بزمام الأمور،لاتخلطوا بين الواجب الوطني وخدمة المصلحة الشخصية او العائلية أو الفئوية ،لاتختزلوا الانتماء إلى الجغرافية والتاريخ في حزمة من المنافع وعدد من المواقع ،لاتشرحوا معطيات اليوم ووقائع الراهن بنفس أدوات الأمس ،غيروا النظارات والبذلات وطرق العلاج والوصفات المقترحة ،لاتحسبوا الحراك الداعي إلى إقامة دولة تشتغل بمنطق المؤسسات والقوانين ،تمردا على المشترك من الثوابت والمسلمات السياسية ،لاتفهموا حماس وصدق شبيبة متحررة من إكراهات الماضي و أثقال الايدولوجيا وضجيج الديماغوجيا،خروجا عن المألوف وثورة حارقة ومدمرة للأرض والإنسان ،لاتعتبروا مطالب الكرامة والحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروة ومحاربة الفساد واقتصاد الريع ومحاسبة ناهبي المال العام ومنتجي الرداءة في عدد من المؤسسات ،عصيانا ترفع أعلامه بدون مراعاة أوضاع البلاد وحساسية الظروف ومحدودية الإمكانيات وندرة الإرادات الحسنة ،لاتقرأوا السياق الوطني والعربي من زاوية التخوين والمؤامرة والأجندة الغامضة والاحتواء السريع لتداعياتها وأعراضها ،والضبط الدقيق لأصحابها ،لاتدبروا انقلابا على الدينامية التغييرية التي انخرط فيها الوطن منذ سنوات ،لا تحاربوا تيارات الإصلاح ولحداثة والعقلانية داخل المجتمع والدولة ،لاتدمروا قلاع التفكير الهادئ والخيال المنتج والتوقع المبني على المعرفة والتجربة ،لاتلحقوا أضرارا بزراعة بديلة بدأنا نقطف ثمارها بعد طي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،لا تعتبروا كل دعوة إلى توازن السلط وتحديد الصلاحيات بأنها تطاول وتجاوز للخطوط الحمر السياسية،ولا تفهموا بأن كل مطالبة بتحديث المظاهر الثقافية والرمزية للحكم بأنها قلة حياء وانحراف عن سكة الرزانة والتعقل ،لاتصنفوا كل صوت تحدث بصدق ووضوح عن استحقاقات البلاد ،وأشار بجرأة إلى أوكار الفساد والمفسدين والفاشلين ،في خانة المعارضين العدميين المدمنين على النقد والهدم والرفض من أجل الرفض ،لاتحتكموا إلى حسابات ربح وخسارة القبائل والعشائر والعائلات والأصدقاء في تدبير قضايا البلاد الكبرى ،لا تسجنوا مفهوم الوطنية والمواطنة في ما يخدم مصالحكم ويقوي ريعكم ويديم هيمنتكم ،لا ترجحوا لغة العصا والمطاردات الهتشكوكية ،على لغة العقل والتحكم الهادئ والمرن في الأمور ،لاتنتصروا لمقاربة العناد ،فهي مقاربة مضرة بالبلاد والعباد ،ومبررة للاستبداد ،لاتجر حوا أحلام شباب ،يفترض فيه أنه صادق فيما يفعله ،وواعي بطبيعة وحجم دوره ،لا تعبثوا بالورد الذي يزين الحياة ويضفي على الوجود جمالا وبهاء ،لاترهنوا حاضر الوطن ومستقبله لسيناريو واحد وأوحد ، راهنوا على خيار الديمقراطية والعدالة والكرامة والحكامة والمواطنة والمسؤولية والمحاسبة ،فهو خيار صالح للجميع ،لاتضعوا حواجز في الطريق لتفتيش النوايا وتحديد هوية الانتماءات الفكرية والعقائدية ،اجعلوا الوطن فضاء لامتناهيا للحوار والتعايش والتسامح والاختلاف والبناء والعطاء والمبادرات ،لا تصعدوا ولا تعسروا،فالمغاربة لايطلبون مستحيلا ،ولايبحثون عن معجزات ،إنهم أبناء الممكن في كل شيء، والمشترك الجماعي ،إنهم يستحقون شكلا آخر للوطن ،وتدبيرا لشؤونهم بطريقة مغايرة، وإنصاتا مسؤولا لمشاكلهم،وسياسة تسوس أمورهم وهم يشعرون بأنهم ينتمون فعلا إلى مجال جغرافي وتاريخي في كامل العزة والكرامة ،لاتزرعوا الشوك في طريق البناء الديمقراطي ،فزراعة الشوك من شأنها أن تدمي أقدام الوطن ،وكل قطرة دم ستسيل ، هي عودة إلى دهاليز الماضي وجراحاته وأشباحة وظلماته وكآبته وفظاعاته......