17 نوفمبر, 2016 - 03:11:00 قال حسن أوريد في محاضرة ناقشت كتابه الأخير، إن النظام في المغرب ليس هو الدولة، فالدولة كعقد اجتماعي لا توجد. مضيفا أن المغرب مؤسسات لا دولة، فهناك مشكلة بين الأعضاء ووظائف الأعضاء، فوزارة التربية الوطنية مثلا ليست تربوية وليست وطنية، حسب تعبيره. وتابع أوريد المتخصص في العلوم السياسية في محاضرة بمركز "مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني"، تناولت كتابه الأخير''الإسلام السياسي في الميزان''، ''ليست كل حركة تنطلق من الإسلام منافية للحداثة، بل يمكن أن تكون محاولة لبناء حداثة نصوغها نحن''، مضيفا "أن الكثير من المثقفين قدموا الحداثة كلباس بمقياس واحد، بينما هي شيء يفهمه ويفصله المفكرون على مقاسات المجتمعات". واستشهد أوريد في حديثه عن الحركات الإسلامية بالكتاب الأخير للفرنسي فرانسوا بيرغا المُعنون ب"فهم الإسلام السياسي"، الذي قال فيه ''إن الحركات الإسلامية هي الطابق الثالث للصاروخ، الأول هو الحركات الوطنية التي حققت الاستقلال السياسي، ثم الحركات التي حاولت تحقيق الاستقلال الاقتصادي، والحركات الإسلامية تريد تحقيق استقلال أعمق هو الاستقلال الثقافي''. ووصف أوريد المجتمع المغربي والمجتمعات العربية الإسلامية، بأنها مجتمعات بدون فكر وبنيات تنتج فكرا أصيلا وبناء، فلا يمكن تصور مجتمع بدون معتقدات، مضيفا "لكن الفكر شيء آخر. ولا يمكن لمجتمع ما أن يفكر عوض مجتمع آخر". وتابع أوريد بأن مقاربته للحركة الإسلامية وضعت الإسلام بعيدا، فهي تصور للإسلام، مشيرا أنه درسها كما تتفاعل في الواقع، مؤكدا على أنه تناول الحركات الإسلامية كجزء من ثقافته رغم أنه لم ينتم يوما لأي حركة إسلامية، ليستخلص أنه ''علينا فتح الجسور فيما بيننا، والتشرذم الثقافي الذي نعيشه، هذا هو الحل للقضاء عليه''. وناقش الكتاب مجموعة من الفاعلين السياسيين والثقافيين، وعقب في هذا الإطار عبد السلام الطويل قائلا: "إن منطلق حسن أوريد في هذا الكتاب هو أن توظيف الدين في السياسة يفضي لمأزق أيا كان من يقوم به. وأضاف الطويل، أن للكتاب نفس تاريخي يرى أن حتمية التاريخ تسير نحو التحديث والعلمنة. ولا تستثنى من هذا الحركات الإسلامية، وفي هذا السياق تأتي كتابات الغنوشي العميقة في مجال العلمنة، وكتابات يتيم والريسوني والعثماني. وتحدث المتخصص في الحركات الإسلامية، عن وثيقة المدينة التي ''ميزت بين الأمة العقدية والأمة السياسية، وجعلت الرسول زعيما دينيا على قومه فقط وزعيما سياسيا على المدينة وكل ما ينتمي إليها''، ليستنتج الطويل، أنها جعلت الدين رأسمال جماعي، وعنصر لحمة لا انقسام. وأبعدته عن مختلف الاستغلالات، مضيفا أن شكل الاجتماع السياسي والنظرية السياسية راجعة للناس وزمنهم، فالإسلام لم يبلور نظرية في الدولة لا في القرآن أو السنة. وذكر الطويل بمفهوم الحداثة كتكريس للعقل والمصلحة والاجتهاد، وإعطائها الأولوية، والتنبيه لأن جميع الحركات التغييرية، جاءت نتيجة لصدمة الحداثة مما أدى لتجمعها في شكل للاجتماع السياسي متأثرة بصدمة الدولة الوطنية. واستشهد مصطفى المعتصم رئيس حزب "البديل الحضاري" الممنوع في المغرب، في سياق تعقيبه على المحاضرة بقول لرجل الدين اللبناني محمد حسين فضل الله، يرى فيه أنه ''إذا تعارض الدين والحقيقة العلمية تُقدم الحقيقة العلمية ونعيد فهمنا للدين''، وقدمه على أنه معاكس للتصور الذي بلوره سيد قطب، وقدم فيه الدين على العلم القلق والمتغير. وفي سياق النقاش حول الكتاب، قال الشيخ السلفي عبد الوهاب رفيقي، إنه لا يمكن الحديث عن سلفيين يفصلون بين السياسي والدعوي، فهذا متناف مع السلفية في مفهومها الحديث. وفصل رفيقي في حديثه بين السلفية اليوم والسلفية الوطنية، وأكد على أن ''شعار السلفية الوطنية، ليس مسألة تسمية بل قضية اختيارات، فتساؤلات الحركة السلفية الوطنية كانت نهضوية. ومنطقاتها وأفكارها غير أفكار سلفية اليوم تماما، فبلعربي العلوي أنكر أحاديث في البخاري، وكانت تساؤلات أبي شعيب الدكالي وعلال الفاسي نهضوية''. ليضيف أنه لم يختر البيئة التي نشأ فيها وقناعاته الأولى قبل المراجعات كان مصدرها التنشئة وليس اختيارات مبنية، فمحاسبته يجب أن تكون على اختياراته هو. من جهته، ندد عبد السلام بلاجي، أحد مؤسسي حركة "التوحيد والإصلاح"، في مداخلته بالتغرير المنهجي الذي يعرفه تناول موضوع الحركات الإسلامية بالحديث دائما عن مشاكله أو أزمته، مضيفا أنه يجب تقييم تجربة الحركات الإسلامية بالنظر لما أنتجته وما قامت به في الميدان بعيدا عن التسطيح. وأوضح بلاجي أن رابطة علماء المغرب كانت أول حركة إسلامية مغربية، مشيرا أنها قدمت كتاباتها كأرضية لتصور إسلامي لما يجب أن تكون عليه الدولة، خاتما مداخلته بالتأكيد على أن "المسلمين يقبلون التحديث لكن يرفضون التغريب"، على حد تعبيره.