16 نوفمبر, 2016 - 09:45:00 توفي المناضل اليساري، رشيد اسكيرج الأسبوع الماضي في باريس، بعد معاناة طويلة مع المرض، لم يمهله الكثير من الوقت، بعد حياة حافلة بالعطاء والبذل النضالي في كل المواقع التي اشتغل فيها أو الإطارات التي ناضل ضمنها منذ بزوغ الاستقلال. سكيرج، الذي يعتبر واحداً من الأنوية الأولى التي كوّنت مؤسسة الأمن الوطني بعد استقلال المغرب، كان يسعى لبناء جهاز قوي يحمي استقرار الوطن، وكانت له علاقات قوية مع الجزائريين في صراعهم مع الاستعمار، إذ كان يمدهم بجوازات سفر مزورة ويوفر لهم السلاح لمواجهة الاستعمار الفرنسي، يصرح المناضل الوطني، آيت يدير بنسعيد، رفيق اسكيرج. "يعتبر الفقيد سكيرج ممن قدموا الخدمات لمساعدة الثورة الجزائرية على الاستقلال ثم على بناء مؤسسات الدولة الوطنية. وقد كانت لشهادته في قضية اغتيال الشهيد المهدي بنبركة دور وازن وقيمة عالية لأنها عرت ممارسات الأجهزة القمعية التي كانت مسؤولة عن مآسي سنوات الرصاص وفي مقدمتها اختطاف الشهيد بنبركة". كما كان اسكيرج، كما يقول المؤرخ المعطي منجب، لموقع لكم عضوا في جهاز المخابرات "الكاب الآن" إلى جانب أوفقير والدليمي لمواجهة النشاط الثوري الموجود وسط الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كما كان يزود المقاومين بمعلومات عن تحركات الأمنيين، كما كان يعمل لصالح المعارضة الوطنية وكان في اتصال دائم مع المهدي بنبركة، وكان يخبره بكل مشاريع الملك التي كانت تستهدف تحركات المعارضة الوطنية، وقد أطلع المهدي بنبركة ملفا للكاب 1 كانت تتعامل فيه مع ممثلي وكالة المخابرات الأمريكية في المغرب للانقلاب على الرئيس الغاني نيكروما سنة 1961. ولما تأكد الدليمي رئيس الكاب 1 بأن سكيرج كان مناضلا داخل الاتحاد الوطني، في الوقت كانت تشهد فيه الدولة مشاكل كثيرة داخل المؤسسات، زاره في شقة بمدينة الدارالبيضاء، ولاحظ بأن هناك رشاش صغير فوق سريره، بدأ الدليمي يرتعد مخافة من أن يغتاله اسكيرج، ومن هنا توترت العلاقة بين الرجلين، وقرر الجنرال الدليمي تصفيته من خلال إرسال أحد ضباط المخابرات سنة 1962 ليتكلف بمهمة اغتياله، إلا أنه خرج من هذه المحاولة بسلام ولم يصبه أدى، ومباشرة بعد هذا الحدث، لجأ إلى الجزائر وشارك في مؤامرة الاتحاديين إلى جانب الفقيه البصري لقلب نظام الحسن الثاني. كان دائم الشك، في محيطه، بل حتى في قلب باريس، كان يشك، رفض الدخول إلى المغرب بعدما ألح ايت يدير على عودته، 54 سنة قضاها في المنفى (فرنسا) يطارد كابوس ''موت الذاكرة''، وحاول جاهداً كتابة مذكراته بعدما أحس بأن الموت سينتصر في الأخير، ولم يمهله ''الغياب'' طويلا، ليفارق الحياة عن سن ناهز 85 سنة.