ب 11 سبتمبر, 2016 - 08:00:00 يتجمع اكثر من 1,8 مليون مسلم الاحد في صعيد عرفة لأداء الركن الاعظم من مناسك الحج في ثاني ايامه، وعشية اول ايام عيد الاضحى الذي طبعه العام الماضي، الحادث الاكثر دموية في تاريخ هذه الفريضة. ومنذ انبلاج الفجر، تقاطرت الحشود في أفواج من المد الابيض (نسبة لملابس الاحرام) باتجاه عرفة، المشعر الوحيد الواقع خارج نطاق الحرم المكي، وحيث جبل الرحمة ومسجد نمرة. ويمضي الحجاج يومهم بالابتهال والدعاء، حتى الغروب حين ينفرون الى مزدلفة. ويعد الوقوف في عرفة ذروة مناسك الحج التي بدأت السبت، وفيه يختبر المؤمنون مشاعر الايمان والتقوى والخشوع. وقال احمد سلمان بابتسامة عريضة "هذه اجمل لحظة في حياتي". واضاف هذا المحاسب المصري لوكالة فرانس برس "انا موجود في اجمل بقعة في العالم، حيث يحلم اكثر من مليار مسلم بالتواجد". من جهته قال السوري ياسين عيسى "نحن اقرب ما نكون الى الله"، مشبها هذه اللحظة بشعور كمن يولد من جديد. ويحظى صعيد عرفة باهمية كبيرة لدى المسلمين. وينسب للنبي محمد قوله "الحج عرفة"، ونزلت في هذا المكان الآية التي يرجح انها من آخر ما أنزل عليه من القرآن "اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا". "الفرحة نفسها" وقال التونسي الشاذلي الرويسي (61 عاما) الذي يؤدي مناسك هذه السنة برفقة زوجته، انه "من الصعب" وصف فرحته في الحج. اضاف الرجل ذو اللحية البيضاء "الكل يتشارك الفرحة نفسها، ناس من كل الاعراق يتحدثون كل اللغات مجتمعون لغرض واحد: طاعة الله". واعلنت السلطات السبت ان عدد الحجاج وصل الى 1,855 مليون شخص، بينهم اكثر من 1,3 مليون من الخارج. ووصل هؤلاء الى عرفة بوسائل عدة، منها قطار المشاعر المقدسة ذو اللونين الاصفر والاخضر، الذي يربط مختلف محطات المناسك، اضافة الى 18 الف باص خصصتها السلطات لنقل المؤمنين. ووسط ازدحام هائل، قام العديد من الحجاج من الذكور او الاناث، بالنزول من الباصات ومتابعة سيرهم مشيا باتجاه صعيد عرفة. وحمل معظم الحجاج مظلات غالبيتها بيضاء اللون لعكس اشعة الشمس واتقاء الحر، في حين عمل آخرون على نصب خيم صغيرة او استظلال الاشجار القليلة. وبعد الغروب، يفيض الحجاج الى مزدلفة حيث يستعدون لاول ايام العيد، الذي يبدأون خلاله برمي الجمرات في منى. ويجمع الحجاج في مزدلفة الحصى التي يستخدمون سبعا منها لرمي كل من الجمرات الثلاث (الكبرى والوسطى والصغرى)، في رمزية لرجم الشيطان. وكان رمي الجمرات تحول العام الماضي في اول ايام عيد الاضحى، تحول الى مأساة راح ضحيتها زهاء 2300 حاج جراء تدافع في منى، بحسب ارقام من الدول التي فقدت رعاياها في الحادث الاسوأ بتاريخ الحج. الا ان الحصيلة الرسمية التي اعلنتها السلطات بلغت 769 حاجا فقط. وتبذل السلطات جهودا اضافية لضمان انسيابية الحركة وعدم حصول اي حادث خطر. والاحد، حلقت في الاجواء مروحيات لمراقبة حركة الحجاج وتنقلهم، بينما عمل آلاف من عناصر الامن على الارض، وقوفا او على متن سيارات ودراجات نارية، على تنظيم تنقل الحجاج وتوجيههم. كما اتخذت السلطات اجراءات منها تزويد الحجاج بسوار الكتروني يتضمن معلوماتهم الشخصية، وزيادة تجهيزات المراقبة. واثر حادث التدافع العام الماضي، وجهت ايران التي شكل رعاياها الجزء الاكبر من الضحايا (464 قتيلا)، انتقادات حادة للحكومة السعودية، متهمة اياها "بالتقصير" في التنظيم وانقاذ الضحايا. وعاود مسؤولون ايرانيون هذا الاسبوع انتقاد السعودية على خلفية الحادث. ودعا المرشد الاعلى آية الله علي خامنئي العالم الاسلامي للبحث عن حل للادارة السعودية للحج، بينما طالب الرئيس حسن روحاني ب "معاقبة" الرياض على "جرائمها". وقطعت السعودية علاقاتها مع ايران مطلع السنة الجارية. وفشل الجانبان في التوصل الى اتفاق حول ترتيبات مشاركة الحجاج الايرانيين في مناسك هذه السنة. وهي المرة الاولى منذ زهاء ثلاثة عقود، يغيب الحجاج الايرانيون عن الحج، علما ان السعودية اعلنت ترحيبها بالحجاج الايرانيين في حال وصولهم من دول اخرى. والسبت، وصلت جموع كبيرة من الزوار الايرانيين الشيعة الى مدينة كربلاء في جنوبالعراق، كخيار بديل عن الحج في مكة.