30 يونيو, 2016 - 12:30:00 أفواج من الناس تتوافد على المكان كبارًا وصغارًا، رجالاً ونساءً، بعضهم جاء من مكان قريب، والبعض الآخر تكبد عناء السفر، وقطع عشرات الكيلومترات، ليأتي إلى هنا؛ حيث "مسجد الحسن الثاني"، في مدينة الدارالبيضاء. ف"عذوبة" صوت "عمر القزابري"، أحد أشهر المقرئين المغاربة، وإمام المسجد، الذي يعد الأكبر في المغرب وأفريقيا، تجذب عشرات الآلاف من المصلين إليه مساء كل يوم من أيام شهر رمضان؛ لأداء صلاة العشاء والتراويح، في أجواء تغلفها الروحانيات ويسودها الخشوع. قوافل من المواطنين والمقيمين تتقاطر على الشوارع المحاذية للمسجد، وكأنها خلايا من النحل؛ فالكل يسارع الخطى لإدراك الصلاة داخل المسجد، والذي يمتلئ عن جنباته، ويفيض بالمصلين الذين يصطفون في ساحته الكبيرة، التي لا تقل جمالا عن الداخل. والمسجد مخصص أصلا لاستيعاب 25 ألف مصلٍ، بينما تستطيع باحته احتضان نحو 80 ألف مصلٍ، لكن في شهر رمضان تفد إليه أعداد أكبر من ذلك بكثير. وحسب ما أفاد به منظمو الفعاليات الدينية في المسجد، فإن نحو 30 ألف مصل يؤدون صلاة التراويح خلف "القزابري" في كل يوم من الأيام العشرين الأولى من شهر رمضان، بينما يرتفع العدد بشكل كبير خلال العشر الأواخر من الشهر المبارك، ويصل إلى نحو ربع مليون خلال ليلة ختم القرآن (26 رمضان)، أو خلال ليلة القدر (27 رمضان)؛ وهو ما يقتضي تخصيص عدد كبير من المكلفين بالتنظيم. كما يتم تخصيص العديد من عناصر الشرطة للسهر على الأمن، فضلا عن سيارات إسعاف متأهبة بعين المكان للتعامل مع أي طارئ. يقول "عبد العالي عتيق"، أحد رواد المسجد، وهو موظف حكومي(40 عاما)، إنه يأتي من مدينة أزمّور (شمال/والتي تبعد 75 كم عن الدارالبيضاء) للصلاة وراء القزابري؛ بسبب صوته الجميل؛ وبسبب الخشوع الذي يشعر به، وهو يؤدي الصلاة بأكبر مسجد في البلاد. ويضيف ل"الأناضول": "نأتي بمعيّة الأسرة للصلاة في هذا المسجد خصوصا أن العدد الكبير للمصلين يضفي على المكان خصوصية وروحانيات دينية قل نظيرها بمساجد أخرى". حول "عتيق" الكل منشغل بالعبادة، والسعى لمناجاة ربه؛ فهذا شيخ ينتظر قيام الصلاة، وهذا شاب يتلو بعض الآيات من القرآن الكريم، بيما تلهج شفاة شيخ آخر بالذكر والدعاء. ومن عوامل جذب المصلين للمسجد فخامته والإبداع في زخارفه؛ حيث بنى المسجد في عهد الملك الراحل "الحسن الثاني"، واستغرق بناءه 6 سنوات ابتداء من سنة 1987. فزائر المسجد، الذي صممه المهندس الفرنسي ميشيل بينسو، ينبهر بعظمة هذا البناء الضخم، الذي أُقيم على مساحة تقدر ب9 هكتارات، كما يعجب بساحته الفسيحة ومأذنته الشاهقة (210 أمتار) ذات الطابع الأندلسي. كما يتميز المسجد بتصميمه الفريد وزخارفه الرائعة المستوحاة من طراز العمارة العربية الأندلسية المغربية؛ حيث استخدم الصناع والحرفيون في بنائه مجموعة من المواد كالزليج والجبس وخشب الأرز الذي يزين السقف المتحرك لقاعة الصلاة، وقد ولفوها مع مجموعة من التقنيات العصرية كالسطح التلقائي الذي يفتح ويغلق بشكل أوتوماتيكي، إضافة إلى أشعة الليزر التي تنبعث من أعلى المئذنة باتجاه القبلة، ويصل مداها إلى 30 كيلومترا. تقول "سعيدة التاقي"، شابة مغربية من الدارالبيضاء (30 سنة)، إنها تحرص على الصلاة في هذا المسجد بسبب تفرده في العمران، وعذوبة صوت الإمام حيث يوجد المقرئ المغربي عمر القزابري. ولفتت في حديثها مع "الأناضول" إلى أن هذا المسجد متفرد من حيث عمرانه؛ وهو ما يشجع على الصلاة داخله، حيث يجد المرء نفسه أمام هندسة تبين أصالة المعمار المغربي. وأضافت قائلة: "أنا أنتمي إلى جيل شُيد فيه هذا المسجد العظيم، وهو ما يجعلني مرتبطة به بشكل كبير به". واعتبرت أن المغاربة يقدرون هذا المسجد الأكبر من نوعه في البلاد، وهو ما يجعلهم يحرصون على أداء صلاة التراويح به