استطاع عدد من المقرئين المغاربة أن يحققوا نجاحا غيرَ مسبوق خلال شهر رمضان، بعد أن جعلوا بعض مساجد الدارالبيضاء قبلة لآلاف المصلين خلال صلاة التراويح، و يوجد على رأس قائمة الأئمة الأكثرَ استقطابا للمصلين خلال الشهر الفضيل المقرئ عمر القزابري، إمام مسجد الحسن الثاني، الذي يشغل الناس كل شهر رمضان، حيث يؤدي صلاة التراويح خلفه كل ليلة حوالي 150 ألف بيضاويّ يأتون من جميع مناطق المدينة من أجل أداء الصلاة في مسجد الحسن الثاني. يرتفع هذا العدد، الذي يصل إلى حوالي 150 ألف مصلّ، الذين يؤدون صلاة التراويح كل ليلة خلف القزابري بشكل لافت خلال ليلة القدْر، ليبلغ مستويات قياسية وصلت في العام الماضي إلى أزيدَ من ربع مليون مُصَلّ، وما يبرّر الوصول إلى هذا الرقم الكبير هو تزامن ختم القرآن مع ليلة القدْر، التي تعرف ختم القرآن الكريم من طرف المقرئ عمر القزابري، الذي يحرص كثير من البيضاويين من مختلف أحياء المدينة على الصلاة خلفه خلال ليلة الختم. ويتحول مسجد الحسن الثاني ومحيطه إلى قبلة للبيضاويين، الذين يحرصون على الاصطفاف خلف القزابري، ومنهم من يأتون من ضواحي المدينة البعيدة إلى وسطها من أجل تأدية الصلاة.. ويفرض هذا الوضع على القائمين على مؤسسة مسجد الحسن الثاني مضاعفة جهودهم من أجل حسن تنظيم عملية أداء المصلين للتراويح بالتنسيق مع الأمن والسلطة المحلية ووزارة الصّحة. ويحرص جلّ المغاربة خلال هذا الشهر على أداء واجباتهم الدينية، لكنهم في الوقت ذاته يبحثون عن أئمّة تتوفر فيهم بعض الشروط الخاصة، من قبيل عذوبة الصّوت خلال قراءة القرآن من أجل الوصول إلى أقصى درجات الخشوع. ازداد الشيخ عمر القزابري، الذي يشغل الناس في المغرب خلال شهر رمضان، في مدينة مراكش سنة 1974 وتلقى القرآن على يد والده الشيخ أحمد القزابري، وهو من علماء مراكش البارزين، وختم القرآن عن سنّ لم يتجاوز ال11.. وبعد حصوله على شهادة الباكلوريا، سافر إلى المملكة العربية السعودية، التي درس فيها في المعهد الإسلامي في مكة سنة 1997، وتولى الإمامة في مسجد الجامعة في جدة. كما تلقى الشيخ القزابري القرآن على يد عدد من كبار القرّاء في العالم العربي، كالشيخ محمود إسماعيل، الذي يعَدّ من أبرز علماء الأزهر، والشيخ الفاه الموريتاني.. ليتولى مباشرة بعد عودته إلى المغرب الإمامة في مسجد الريان في حي الألفة في الدارالبيضاء، وتمكّن من استقطاب آلاف المُصلّين خلال صلاة التراويح، وهو ما جعل القائمين على مسجد الحسن ينتبهون إلى قدراته الهائلة وتمكّنه ليتم نقله إلى مسجد الحسن الثاني، الذي لا زال يؤُمّ فيه المصلين إلى حدود اليوم. في الجهة الأخرى من مدينة الدارالبيضاء، وبالضبط في منطقة أناسي، وخاصة في مسجد الأندلس، يحرص آلاف المصلين على الصلاة خلف المقرئ الشيخ عيون الكوشي، في مسجدٍ يمتلئ عن آخره، ما يضطرّ مئات المصلين إلى أداء الصلاة في الخارج.. يحرص هؤلاء المصلّون، كلَّ يوم، على عدم تفويت الصلاة خلف الشيخ الكوشي، الذي يحقق رقما قياسيا خلال ليلة ختم القرآن. وقد فرض هذا الإقبال الذي يعرفه مسجد الأندلس في منطقة أناسي على السلطات الأمنية زيادة أعداد رجال الأمن المسؤولين عن تنظيم حركة المرور بالقرب من المسجد وتوفير الأمن والحماية للمصلين. وفي حيّ سيدي معروف في الدارالبيضاء، كذلك، هناك المقرئ عبد العزيز الكرعاني، الذي يجذب بدوره آلافَ المُصلّين، الذين يضطر جانب مهمّ منهم إلى الصلاة خارج المسجد في الشوارع المحيطة، التي يتم إقفالها مع صلاة التراويح، وتعرف المنطقة حالة من الاستنفار غير المسبوق، بعد أن يتم إغلاق الشوارع المحيطة بالمسجد.. وتمتلئ الشوارع القريبة بسيارات المصلين، الذين يقصدون الشيخ الكرعاني من جميع المناطق المحيطة بسيدي معروف، كالألفة والحي الحسني وكاليفورنيا وغيرها من الأحياء القريبة، وهو ما يفرض جهدا تنظيميا مُهمّا من أجل إنجاح صلاة التراويح طيلة ليالي رمضان.