10 يناير, 2016 - 02:19:00 ذكرت دراسة أنجزها مركز «رفيق الحريري للشرق الأوسط» التابع للمجلس الأطلسي أن المغرب تجنب الاضطرابات التي شهدتها دول «الربيع العربي» بفضل «الشرعية التي يتمتع بها الملك محمد السادس والاصلاحات التي بادر الى اطلاقها عقب انطلاق الاحتجاجات، إلا ان تراجع الاصلاحات السياسية وجمود الاصلاحات الاقتصادية قد يعيد الاحتجاجات الى الشارع». وعادت الدراسة التي أعدها محسن خان وكريم مرزان تحت عنوان «التحول التدريجي السياسي والإقتصادي في المغرب» الى الايام الاولى لانطلاق الاحتجاجات التي شهدها الشارع المغربي سنة 2011، وحددت «ثلاثة عوامل متداخلة جعلت المغرب ينجو من المخاطر السياسية والإقتصادية التي سقطت فيها دول الربيع العربي». واسترسلت الدراسة أن «أولها يكمن في كون أن الملك، على عكس زين العابدين بن علي ومبارك يتمتع بشرعية ممتدة إلى ثلاثة قرون وهو ما جعله يحضى بدعم شعبي، رغم ان المغاربة ينتقدون سياسة نظامه. وثانيها ان الملك ومستشاريه استبقوا المخاطر وبادروا الى اعلان إصلاحات وامتصوا غضب المتظاهرين الذين خرجوا الى الشارع في فبراير 2011. وثالثها أن الحكومة بادرت بدعم من صندوق النقد الدولي الى إصلاحات اقتصادية لتعويض الآثار الداخلية والخارجية التي خلفتها الاحتجاجات». وذكرت أن «الملك اعتبر ان القرار استمرارية لاصلاحات بدأها بعد توليه الحكم» في إشارة إلى هيئة الانصاف المصالحة، ومدونة الاسرة، مضيفة ان «المسؤولين مع ذلك لم يغيروا جوهر السياسة التي بني عليها النظام وهو ما كان يطالب به المتظاهرون». واسترسل الباحثان ان «التعديل الدستوري احتفظ بنسبة كبيرة من السلطات ما زالت بيد الملك فان الاصلاحات منحت مزيدا من السلطات الى الحكومة المنتخبة، كما أن اختيار رئيس الحكومة أصبح من الحزب الحاصل على المرتبة الاولى في الانتخابات»، معتبرة أن «التحدي أمام الاحزاب هو خلق جذور في صفوف المواطنين وخلق قنوات تواصل مع المنتخبين لتستمد منها قوتها عوض أن تستمر في نهج سياسة نخبوية وتطلب ود الماسكين الفعليين بالسلطة في المحيط الملكي». وتضيف الدراسة أنه «بالرغم من هذه التحديات فان النظام في المغرب يجسد ما يصفه المختصون ب"الاستبداد المستنير"»، موضحة أنه الملك رغم سلطاته الواسعة يخول للفاعلين السياسيين هامشا من التحرك وضربت مثلا عندما باشر الاصلاحات «طالبت حركة عشرين فبراير بإنشاء جمعية تاسيسية لصياغة الدستور الا ان الملك عين لجنة وكلفها بصياغته، وبذلك قفز فوق مطلب الحركة على ثلاثة مستويات: من جهة أمن لنفسه التأثير على عمل اللجنة طيلة فترة عملها، ومن جهة ثانية ظهر بمظهر المنفتح المصلح، ومن جهة ثالثة فإن الاستفتاء على الدستور كان بمثابة تأييد شعبي للاصلاحات وبذلك ضاق هامش المناورة أمام المحتجين وباتت اي محاولة لفرض المزيد من الاصلاحات من شأنها أن تعزلهم سياسيا". وفي الختم حث الباحثان النخبة السياسية على تحفيز الاصلاح السياسي من أجل إعادة الأمل للمغاربة، وذلك بالتركيز على الزيادة من السلطات المخولة للحكومة والبرلمان، والنهوض بحقوق الانسان بالإصرار على تفعيل مقتضيات الدستور في هذا الاطار، وحرية الصحافة بالتخلص من العقوبات السالبة للحرية، وتحديد سقف للغرامات". وعلى الصعيد الاقتصادي اعتبرت الدراسة ان «الناتج الداخلي الخام للمغرب شهد تقدما خلال السنوات التي سبقت احتجاجات 20 فبراير، رغم تنامي البطالة والفقر والإقتصاد غير المهيكل وتنامي الفوارق الإجتماعية، الا أن الاهمية التي يكتسيها القطاع الفلاحي جعل معدل النمو ينخفض الى 2.7% سنة 2012". وأشارت إلى أن الاجراءَات التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الاخيرة مكنتها من تفادي الإضطرابات، وأنها تطمح الى اقتصاد شبيه باقتصادات جنوب اروبا، الا ان هذا الهدف لن يتاتى الا من خلال التركيز على إصلاحات بنيوية تركز على تطوير المالية العامة، وانعاش سوق الشغل، وتطوير مناخ الاعمال من خلال مراجعة قانون المنافسة ومحاربة الفساد".