دعا محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى اعتماد مقاربة استباقية قائمة على المشروعية وحماية الحقوق لتدبير منازعات الدولة. مؤكدا على أن هذه المنازعات تعكس تحديات كبيرة في الحكامة الشاملة التي تجمع بين التشريع، التنظيم، والتدبير. وذلك خلال كلمته في المناظرة الوطنية حول "تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية"، المنعقدة بالرباط اليوم الثلاثاء 15 أبريل الجاري. وأشار رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى أن التعقيد القانوني وغياب النصوص التشريعية يخلق مناطق رمادية تؤدي إلى الغموض والتضارب في التأويلات، مما يعزز عدم اليقين القانوني. كما أكد أن غياب المعلومات الكافية حول القرارات الإدارية يؤدي إلى اتخاذ قرارات تعسفية أو انتقائية، بل ومزاجية في بعض الأحيان. منبها إلى أن الجمود الإداري يؤدي إلى تأخير معاملات المواطنين وانعدام المرونة في الاستجابة لطلباتهم. وأرجع بنعليلو العديد من منازعات الدولة إلى ضعف "الوعي الارتفاقي" الذي يحكم العلاقة بين الإدارة والمواطنين، حيث تركز الإدارة على الدفاع عن قراراتها بدلاً من تحسين أدائها. مشيرا إلى أن هذا السلوك يؤدي إلى آثار سلبية تبدأ بضعف جودة الخدمات العامة وتصل إلى فقدان الثقة في المؤسسات العامة. وانتقد بنعليلو استخدام الإدارة لمفهوم "المصلحة الإدارية" كمبرر للقرارات خارج الإطار القانوني، ما يؤدي إلى تجاوز السلطة وخرق لمبدأ الشرعية. محذرا من ممارسة الوظيفة الإدارية بمنطق السلطة بدلاً من منطق الحق والقانون، مما يعزز الشعور بالظلم ويزيد من رفض القرارات الإدارية. وشدد بنعليلو على أهمية التدبير الاستباقي للمنازعات عبر تحسين أداء الإدارة، تعزيز الشفافية والمساءلة، وتبني آليات الوساطة لحل النزاعات وديًا قبل اللجوء إلى القضاء. مطالبا بإصلاحات تشريعية وتنظيمية واضحة لتقليل التأويلات الخاطئة وإقرار سياسات علنية لتعزيز ثقة المواطنين. كما اقترح إحداث مرصد وطني لمنازعات الدولة يتولى تحليل أسباب تزايد النزاعات واقتراح حلول استباقية للحد منها، بالإضافة إلى تطوير الإطار القانوني للمنازعات الإدارية. ولفت بنعليلو إلى أن منازعات الدولة تؤثر بشكل مباشر على الأداء الاقتصادي من خلال تعطيل المشاريع وزيادة المخاطر الاستثمارية، مما يجعل البيئة الاستثمارية أقل جاذبية. مؤكدا على ضرورة تقييم فعالية السياسات المتبعة لتدبير المنازعات لتحقيق فعالية الحكامة الاقتصادية. وشدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على أهمية الحوار والشفافية في تقوية العلاقة بين الإدارة والمواطنين، وجعل الوقاية من المنازعات والحلول البديلة لها استراتيجية وطنية واضحة تهدف إلى تعزيز الثقة وتحقيق التنمية المستدامة.