في ظل المستجدات المرتبطة ب "الرسوم المتبادلة" التي أعلنت الولاياتالمتحدة عنها مطلع أبريل الجاري، حيث شملت 14 اتفاقية تجارة حرة مبرمة مع 20 دولة من بينها المغرب، أوضح مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقرير حديث، أن هذه الإجراءات تؤثر بشكل غير متكافئ على هذه الدول، ومن دون أن تحقق أهدافا واضحة في تقليص العجز التجاري الأمريكي أو تحسين عائداتها الجمركية. وفقا للتقرير، فإن المغرب بصفته شريكا تجاريا للولايات المتحدة بموجب اتفاقية التجارة الحرة الثنائية الموقعة سنة 2006، أصبح خاضعا، ابتداء من 5 أبريل 2025، لرسوم جمركية إضافية نسبتها 10 بالمائة على صادراته إلى السوق الأمريكية، رغم ما تمنحه الاتفاقية من امتيازات تفضيلية. وعلى الرغم من أن هذه الرسوم تم تعليقها مؤقتا لمدة 90 يوما اعتبارا من 9 أبريل، فإن هذه المهلة لا تمثل حلا مستداما، وإنما تؤجل تداعيات محتملة قد يكون لها وقع مباشر على الاقتصاد المغربي، لا سيما في القطاعات التصديرية الحساسة مثل النسيج والفلاحة والصناعات التحويلية.
وبحسب التقرير، فإن الرسوم المفروضة تشمل أيضا الدول المستفيدة من برامج التفضيلات التجارية الأمريكية، مثل قانون النمو والفرص في أفريقيا، ما ينسف مبدأ الدعم الإنمائي الذي يفترض أن تحققه هذه المبادرات. ووفقا لتحليل الأونكتاد، فإن الرسوم الأمريكية لا تُحقق فعليا أهداف خفض العجز التجاري أو زيادة العائدات الجمركية الأمريكية بالشكل المأمول، في حين تُكبّد الدول المتلقية أضرارا اقتصادية كبيرة، وتُقوض مساعيها لتحقيق التنمية المستدامة. كما قد تُضعف هذه السياسات ثقة المستثمرين الأجانب، الذين يُراهنون على ولوج السوق الأمريكية عبر البوابة المغربية، مستفيدين من الامتيازات الجمركية التي تُوفرها الاتفاقية الثنائية. التقرير يسلط الضوء أيضا على الإشكاليات المرتبطة بغياب الشفافية في اتخاذ القرار من قبل الإدارة الأمريكية، حيث لم يُتح لشركائها وقتٌ كافٍ للتكيّف مع هذه التغييرات أو حتى التشاور بشأنها. وهذا ما يُثير تساؤلات حول مستقبل التعاون التجاري متعدد الأطراف، وفعالية الأطر التعاقدية الدولية، التي من المفترض أن توفر الاستقرار والتنبؤ في العلاقات التجارية. كما يُوصي التقرير الأممي بضرورة إعادة تصميم الاستراتيجيات الصناعية والتجارية للدول النامية بشكل يُعزز من القيمة المضافة المحلية، ويقلل من التأثر المباشر بالتقلبات في السياسات التجارية للدول الكبرى، ويضمن استمرارية النمو وتحقيق الاستقرار في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بقدر متزايد من عدم اليقين.