وزارة الاقتصاد والمالية: المغرب يصدر سندات اقتراض دولية بملياري أورو    "الكورفاتشي" تستنكر سوء المعاملة في مباراة بيراميدز    وفاة جنديين وجرح ثالث في حادث مقصود ضواحي "فم زكيد"    اعتماد ناشطة جزائرية مثيرة للجدل لتغطية "كان 2025" يشعل غضب المغاربة    غياب شروط العلاج والظروف غير الملائمة للتكوين تدفع طلبة طب الأسنان بالبيضاء إلى مواصلة الإضراب        شراكة بين "Boluda Towage France" و"مرسى المغرب" لإدارة خدمات القطر بميناء الناظور غرب المتوسط لمدة 20 عامًا    وزير الفلاحة مطلوب في البرلمان بسبب التهاب أسعار الخضر    السعودية تدين اقتحام بن غفير للأقصى    المدير العام لمنظمة العمل الدولية يشيد باعتماد المغرب قانون الإضراب وإقراره من قبل المحكمة الدستورية        ولد الرشيد يلتزم بالحوار جنوب جنوب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إطلاق دراستين جديدتين والكشف عن معطيات جديدة بخصوص نفق المغرب وإسبانيا    جريمة في سوق "حومة الوردة" بطنجة.. وفاة حارس على يد شاب في حالة تخدير        الخطوط الملكية المغربية تطرد طيارا أجنبيا بعد تصرف مستفز    أغنية "ساقطة" أمام الأطفال خلال احتفالات عيد الفطر تثير موجة استنكار    أمين الراضي يقدم أكبر عرض كوميدي له بالدار البيضاء    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    بعد إعادة انتخاب مكتب جديد انتخاب لحسن بلاج عن الاتحاد الاشتراكي رئيسا لمجموعة الجماعات الترابية التضامن السوسية بالإجماع    وزارة الشباب والثقافة والتواصل واليونسكو تطلقان برنامج "مختبرات الشباب"    كأس الكونفدرالية.. نهضة بركان يواجه أسيك ميموزا اليوم الأربعاء بقميص خالٍ من خريطة المغرب    بسبب تأجج عطائه …اشرف حكيمي مرشح لنيل جائزة مارك فيفيان فوي    مجزرة جديدة في مخيم جباليا.. إسرائيل تستهدف عيادة "للأونروا" ومناطق أخرى في غزة    "تهديدات تثير القلق".. قضية مارين لوبان تفجر نقاشا سياسيا ساخنا حول القضاء في فرنسا    ثورة العقل النقدي العربي.. بقلم // محمد بوفتاس    إطلاق خط جوي مباشر بين أكادير وأمستردام    مالي تنفي مزاعم الجزائر بشأن إسقاط مسيّرة مسلحة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات تطلق 33 محطة لتحلية المياه    التنسيق الوطني لقطاع التعليم يتضامن مع الفئات المقصية من مباريات تكوين المفتشين    المغاربة يطالبون بالعودة إلى توقيت غرينيتش والعدول عن الساعة الإضافية    بعد يومين من اتصال ماكرون وتبون.. صنصال يستأنف الحكم ومحاميه يطالب ب"بادرة إنسانية"    إسرائيل توسع الهجوم في قطاع غزة    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    وزارة الشؤون الداخلية للدول    نائل العيناوي يختار اللعب لفائدة المنتخب المغربي بدلا عن الفرنسي    كأس ملك إسبانيا .. إياب حارق في دور نصف النهائي    المغرب يسجل تباطؤا في نموه الاقتصادي في الربع الأخير من 2024 مقارنة مع 2023    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    47,5 مليار درهم من التمويلات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر "تمويلكم" في 2024    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    الصين: "هواوي" تسجل ارتفاعا في إيرادات المبيعات في 2024    واقعة تعنيف إطار صحي بقلعة السراغنة تتكرر بأكادير..    إشكاليات سوق إمزورن الأسبوعي تدفع امغار إلى مساءلة وزير الداخلية    الولايات المتحدة ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صابون تازة" قصة مقولة..
نشر في لكم يوم 17 - 03 - 2025

بعمارة وتموقعات متباينة وأدوار ذات علاقة بجوار، تتقاسم أسوار تازة التاريخية المحيطة بمجالها العتيق أبواب اثرية شهيرة، واحدة منها موسومة ب"باب الزيتونة" بالجهة الغربية للمدينة، تلك التي لا شك أنها طوبونيميا ذات صلة بما طبع بيئتها من أشجار زيتون ببساتين ممتدة منذ القدم حتى مطلع القرن الماضي، غير بعيد عن هذا الباب على مستوى ما يعرف محليا ب"واد تازة" حيث "بوزكري" و"ماكًوسة"وغيرها من الأجراف/ ليروشي. ولعل من خلال ما ورد من إشارات بمصادر تاريخية وسيطية، وكذا بدراسات حديثة فضلا عن اثر روماني عن مغرب العصر القديم، يظهر أن ما كان منتشرا من شجر زيتون ارتبط بشمال البلاد حيث وليلي وليكسوس ومحيطهما، فضلا عن فاس وتازة التي من قبائلها التي كانت بشهرة اهتمام وعناية بهذا النوع من الشجر نجد قبيلة مكناسة. وعليه، ما كان من انتشار له بمجال امتدادها حيث فاس ومكناس وتازة، وأن درجة الاقبال على غراسته اتسع أكثر فأكثر زمن دولة الموحدين بغرض التغدية والأدهان والانارة، بدليل ما ورد من اشارة وافادة تاريخية معبرة في أحد مصادر المغرب التاريخية، حول كون غارس جل اشجار زيتون منطقة تازة هو عامل بلاد المغرب محمد بن عبد الله بن واجاج في بداية دولة الموحدين.
ويسجل عموما ما تزخر به ذاكرة تازة المادية واللامادية من بصمات واحالات وأثر ضارب في القدم، والذي منه ما لا يزال حيا متوارثا منذ قرون. ذلك الذي بقدر ما يعد جزءا من هوية مكان ومرجع حضارة وخصوصية إنسانية زاخرة بصور حياة، بقدر ما لا يزال بدون ما هو شاف من معلومة ودراسة وإبراز وتأسيس بحثي علمي. ولعل من عظمة تازة المكان والمدينة والانسان، ما هناك من حديث حول "صابون تازة" ومن ثمة السؤال حول أية قصة وأثر تاريخي، وأي موقع لهذا المعطى في زمن المدينة حيث رائحة وعبق تراث رمزي. وماذا عن طبيعة منتج وحرفة وخبرة، واية علاقة للزيتون والزيوت وصناعة الصابون بتازة الموحدية، وما حدود الخبر في المصادر وتقارير الرحالة والمستكشفين وغيرهم. بل ماذا عن حقيقة "صابون تازة" الذي سارت بذكره الركبان من حيث انتاجه وأمكنته ولونه، واية تميز جعله بما هو عليه من صدى ومقولة ورواية، واية مراحل انتاج طبعته بين جمع وخزن وعجن وطبخ وتجفبف وتقطيع ومواد مضافة ..، وهل قصة "صابون تازا" حقا جزءا من إرث المدينة الثقافي الذي يحق الفخر والاعتزاز به، وما علاقة حرفة صناعة الصابون بفترات المدينة الذهبية، وبخاصة زمن دولة بني مرين في أول امرهم السياسي، وما كانت عليه تازة من دور وقرار عاصمة البلاد المؤقتة، ومن نفوذ وسيادة ومركز قيادة ورعاية سلطانية. ثم اية تجليات ازدهار لهذه الصناعة محليا واي عرض وطلب ورواج، وهل منتوج المادة من الصابون تازة كان يقتصر على توفير الحاجة المحلية، ام كان ينقل لجهات ومدن وأسواق أخرى من قبيل فاس لجودته، وأية أسر تازية وصناع ارتبط اسمهم بهذا النوع من الحرف، وأية تطورات وتغيرات شهدها "صابون تازة" في مغرب العصر الحديث وكذا المعاصر وبخاصة القرن التاسع عشر الميلادي، وأية أمكنة شاهدة ظلت الى غاية مطلع القرن الماضي، وأية رواية تازية حديثة حول ما هناك من حديث عن استمرارية صناعة الصابون بتازة الى عهد قريب حيث ستينات القرن. وما أثر ما هو طبيعي وبشري على أمكنة هذه الصناعة، وهل حديث الذاكرة المحلية عن "صابون تازة" في حد ذاته حديث عما تم طمسه من تاريخ وثقافة واثاث حضاري، وأية سبل رافعة لجعل تازة عبر رمزية "صابونها "ببعد أثري وأفق انساني فضلا عما هو وطني.
وعن صابون تازة وحقيقته ومصدر صناعته، فضلا عما ورد من إشارات مصدرية خجولة حول شجرة الزينون وصناعة الصابون في مغرب العصر الوسيط هنا وهناك من مدن، ومنها ما جاء عند ابي عبيد البكري والمقديسي وابن ابي زرع والادريسي وغيرهم، وما جاء ايضا من اشارات مهتمين وباحثين تراثيين مغاربة، من قبيل الأستاذ عبد الهادي التازي لافتا الى أن تازة كانت عاصمة الصابون. من الروائيين المغاربة من ارتأى لعمله الإبداعي "صابون تازا" عنوانا، وقد استلهمه من خطاب المغاربة التراثي الشفهي المتداول، على تباين تلميحات واحالات عبارة "صابون تازة" وما تتقاسمه الذاكرة المغربية بين مدن وبوادي من "هادشي خصنا معاه صابون تازة". ومن جملة القصص الشعبية ذات الصلة بعبارة "صابون تازة"، ما ورد في علاقة بما طبع المدينة من قوة عزيمة وشدة مقاومة للمستعمر زمن الحماية، ذلك أن السلطات المحلية الاستعمارية بتازة قامت باعتقال أحد المقاومين التازيين، والذي كان أحد صناع صابون المدينة الذي داع صيته وصدى جودته في المغرب. وهو الاجراء الاستعماري المستفز الذي كان برد فعل من أهل تازة الذين خرجوا مجتمعين محتجين صوب مكان الاعتقال، وخوفا من أن تتطور الأحداث لما لا تحمد عقباه امنيا بالمدينة والمنطقة ككل، ارتأى ضابط عسكري فرنسي مكلف بالعملية خطة ذكية للتخفيف من غضب المحتجين، قائلا لهم أن سر اعتقاله كان امتناعه وعدم التزامه بوعد انتاج صابون تازة الشهير بجودته لسيدة فرنسية هي بحاجة ماسة له. وأنه حتى ليتم اطلاق صراحه يتوجب إحضار صابون تازة الأصيل. وبعد احضار اهل تازة كمية منه فاجأهم بمكره ومناوراته أنه يتوفر على وثيقة نادرة تقول أن صابون تازة الأصيل له خمس مواصفات، أولا ما يمنحه من راحة لمستعمله، ثانيا تلميعه لشعر مستعمله، ثالثا علاجه لأمراض مستعمله الجلدية، رابعا مقاومته لتعفنات مستعمله الجلدية، ثم خامسا اطالته لشعر مستعمله بشكل عجيب. وعليه اشترط هذا الضابط على اهل تازة من المحتجين تجريب ما أتوا به من صابون خلال ثلاثة أيام قبل إطلاق سراح معتقلهم، الا انه بعد رجوعهم بعد ثلاثة أيام قدم لهم الضابط سيدة فرنسية قالت أن ما جاءوا به من صابون ليس صابون تازة الأصيل. وبعدما حملوا مرة أخرى نوعا من اجود صابون محلات المدينة دون جدوى، ذهلوا بخبر وفاة ابن مدينتهم المعتقل واحد صناع صابون تازة في معتقله بدعوى عدم تقديم صابون تازة الحقيقي. ليتبين لهم أن سبب الوفاة ليس "صابون تازة" بل ما احيط باطلاق صراحه من شروط تعجيزية. هكذا مقولة صابون تازة في ذاكرة المدينة والمغرب ولا تزال، تلك التي تروم وصف ما يحدث من صورة مكر وعناوين دسائس وخديعة، وحلول معقدة أمام صعوبة دفاع عن حق وبلوغ إقناع وتبرئة، ومن ثمة ما لا يزال شائعا من عبارة "هادشي خاصنا معاه صابون تازة" أو "ما يفكني معاه حتى صابون تازة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.