أوضحت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن مؤشر مدركات الفساد برسم سنة 2023 ظلت في حالة ركود، مؤكدة أن الفساد في المغرب يتقاطع مع التراجعات المسجلة في مجال الحقوق السياسية والمدنية. وشددت الهيئة في تقريرها السنوي برسم 2023، أن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط مازالت تنتظر مسارا طويلا لضمان النزاهة والعدالة في مختلف أنحاء المنطقة، وأن التحديات التي تواجهها منطقة إفريقيا فيما يتعلق بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والاستقرار السياسي، توفر أرضية مواتية لتفاقم الفساد.
وأشار التقرير أن وضعية المغرب غير مرضية في مختلف المؤشرات والتقارير والأبحاث المتعلقة بالفساد، والتي لم تعرف تحسنا خلال العقدين اللذين غطتهما هذه المؤشرات، إذ تراجع المغرب بخمس نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة، واحتل الرتبة التاسعة على المستوى العربي، وتراجع ترتيبه بدرجتين على المستوى الإفريقي. وأكد أن هذه التراجعات تتقاطع مع ما خلصت إليه بعض المؤشرات غير المباشرة، التي أظهرت تراجع المغرب على مستوى مؤشر الفساد السياسي الذي يصدره مشروع أنماط الديمقراطية، وتراجعه على مستوى المؤشرين المتعلقين بتطبيق القانون والحكومة المنفتحة المتفرعين عن مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مؤشر العدالة العالمي، وكذا تراجعه في المؤشرات الفرعية المتعلقة باستقلال القضاء وحرية الصحافة وبالخدمات والأنترنت، المنبثقة من مؤشر النزاهة العمومية الذي يصدره مركز الأبحاث الأوروبية لمكافحة الفساد وبناء الدولة. ونبه التقرير إلى الإشكالية التي سبق وتحدث عنها المجلس الأعلى للحسابات، والمتعلقة بمحدودية التوصل بطلبات في شأن القضايا ذات الصلة بالتأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية، من قبل السلطات المخول إليها إحالة القضايا على المحاكم. وأبرز أن الفساد يحتل مرتبة متقدمة ضمن انشغالات المقاولات التي شملتها الدراسة، وأن الحصول على التراخيص والمأذونيات والرخص الاستثنائية، والصفقات والمشتريات العمومية، والتوظيف والتعيين والترقية في القطاع الخاص، تعد بالنسبة للمقاولات المجالات الأكثر تضررا من الفساد. وسجل التقرير أن فعالية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تأثرت بمحدودية منظومة حكامتها، خاصة على مستوى الإشراف والتنسيق، ذلك أن الديناميكية التي ميزت سنة 2019، بعد تبني التوصيات التي تقدمت بها الهيئة في إطار تقريرها الأول لتقييم الاستراتيجية، سرعان ما عرفت فتورا ملحوظا، بما رسخ العودة إلى تغليب البعد القطاعي، الأمر الذي شكل عاملا أساسيا في غياب النتائج بالمستوى المتوخى من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وبالتالي استمرار الوضع غير المرضي لتطور الفساد ببلادنا.