سجلت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها استمرار الوضع غير المرضي لمستوى تفشي الفساد بالمغرب، والذي أكده مسلسل التراجع في مؤشر مدركات الفساد بخمس نقاط خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهو التراجع الذي انعكس أيضا على ترتيب المغرب ضمن لائحة الدول المشمولة بهذا المؤشر، مسجلا تراجعا ملحوظا ب 21 رتبة خلال السنوات الأربع الأخيرة. ورصد التقرير السنوي للهيئة برسم سنة 2022، والذي تم الكشف عن خطوطه العريضة في ندوة صحفية ترأسها رئيس الهيئة محمد الراشدي، في ندوة صحفية، اليوم الأربعاء بالرباط، التراجعات التي سجلها المغرب في مجموعة من مؤشرات الإدراك غير المباشرة، كمؤشر الحرية، والحرية الاقتصادية، ومؤشر سيادة القانون، والميزانية المفتوحة. تجاوب سلبي وأكد التقرير التجاوب السلبي للمغرب مع المؤشرات الفرعية، المتعلقة أساسا بالحقوق السياسية والمدنية، والفعالية القضائية، ونزاهة الحكومة والعدالة الجنائية، والحكومة المنفتحة والمشاركة العمومية في الميزانية. وأشار أنه تأكد للهيئة ارتفاع مستوى تفاقم الفساد في المغرب، من خلال استقرائها لنتائج البارومتر العربي حول المغرب، والتي جاءت لتؤكد استمرار تفشي الفساد، خاصة في أوساط الفقر والهشاشة والبعد عن المركز، بما رسخ الاقتناع لدى الهيئة بأن التكلفة الكبرى للفساد يتحمل أعباءها الأشخاص المنتمون إلى هذه الأوساط، وبأن تجليات الفساد يمكن تلمسها في الحقوق التي يحرم منها هؤلاء في التعليم الجيد والسكن اللائق، والرعاية الصحية، وغيرها من الحقوق الأساسية. وأوضح التقرير أن المغرب وبحصوله على درجة %38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2022، يكون قد تراجع بخمس نقاط خلال الأربع سنوات الأخيرة، مكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على درجة %43 ليتراجع بدرجتن سنة 2019 بحصوله على درجة %41، ثم بدرجة واحدة سنة 2020 بحصوله على درجة%40، قبل أن يتراجع بدرجة أخرى سنة 2021 بحصوله على درجة %39. وسلطت الهيئة الضوء على احتلال المغرب الرتبة التاسعة على المستوى العربي مسبوقا بكل من الإمارات وقطر والسعودية وسلطنة عان والأردن وتونس والكويت والبحرين، ومتبوعا ب 12 دولة عربية، وكذا احتلاله مرتبة وسطى على المستوى الإفريقي، مسبوقا بإحدى عشر دولة. الديمقراطية والفساد وربطت الهيئة في تقريرها بين ارتفاع معلات الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتراجع الأداء الديمقراطي والضغوط المفروضة على الحريات المدنية والسياسية، والتي تتقاطع معها أيضا نتائج مؤشر الحرية التي أكدت التجاوب السلبي للمغرب مع المؤشرات الفرعية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية، كما تتقاطع معها نتائج مؤشر الفعالية القضائية ومؤشر نزاهة الحكومة المتفرعين عن مؤشر الحرية الاقتصادية، واللذين حقق فيهما المغرب نتائج هزيلة، وتتقاطع معها أيضا النتائج السلبية المحققة في المؤشرات الفرعية المتعلقة بالعدالة الجنائية وغياب الفساد والحقوق الأساسية والحكومة المنفتحة؛ وهي المؤشرات المنبثقة عن مؤشر سيادة القانون. ودعت الهيئة إلى معالجة الأسباب العميقة لتكريس الوضع المتفاقم للفساد في المغرب، والتي تجد تجلياتها في الأعطاب التي تشوب مجالات الحقوق والحريات والنجاعة القضائية، والمساواة في الاستفادة من استحقاقات التنمية البشرية. واعتبرت أن هذا الوضع يرخي بظلاله على مبدأ تكافؤ الفرص، ويؤثر سلبا على المساواة في الولوج إلى وسائل الإنتاج، ويؤدي إلى حصر تراكم الدخل وفرص خلق الثروات على فئة قليلة من المجتمع، ويساهم في توسيع دائرة اقتصاد الريع، وتناسل مظاهر الاقتصاد الخفي.