يبدو أن إيران قد ردت على ضربات إسرائيل الموجعة في توقيت دقيق للغاية ولولا العمليات العسكرية الدقيقة التي شنتها اليوم على أهداف عديدة داخل إسرائيل لتمادت هذه الأخيرة في استهداف أذرع إيران في لبنان واليمن وسوريا والعراق لتهييئ الظروف الملائمة لتوجيه ضربة قاسية لإيران في التوقيت المناسب وهو الأمر الذي يبدو أن النظام في إيران قد فطن إليه من خلال مخابراته أو من من خلال المعلومات التي توفرت له من مخابرات دول صديقة! لا شك أن هذه العملية العسكرية النوعية ستكبح جماح الاسرائيلي وقد برهنت للعالم على أن إيران قادرة على الرد وعلى الدفاع عن أمنها القومي ومصالح نظامها السياسي القائم بخلاف ما تم الترويج له اعلاميا وفي مواقع التواصل الاجتماعي من كون نظام الملالي نظام جبان وغير قادر على توجيه ضربات مباشرة لإسرائيل دون الاعتماد على وكلائه في المنطقة. ربط الرد العسكري الإيراني باغتيال هنية ونصر الله وفق ما جاء في بيان الحرس الثوري عبارة عن رد عملياتي على الطرح الذي ذهب في اتجاه أن اغتيال القيادي في حركة حماس اسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تم في إطار صفقة بين إيران وأمريكا روعيت فيها مصالح النظام دون مراعاة مصالح وكلائه في المنطقة! هجوم إيران العسكري على إسرائيل سيغير ميزان القوى كليا في المنطقة وسيكون له ما بعده في علاقة ايران بعدد من الدول وأي رد عسكري متهور من جانب بنيامين نتنياهو سيزيد الطين بلة وسيدخل المنطقة في حرب مدمرة تأتي على الأخضر واليابس ولا يمكن توقع مآلاتها على الإطلاق في ظل الغليان الذي تعرفه على كل المستويات! قبل اغتيال اسماعيل هنية في ايران وحسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت تم اغتيال قائد كبير في الحرس الثوري الايراني في العراق إسمه قاسم سليماني ومع ذلك لم تقم طهران برد مماثل لما فعلته اليوم ضد اسرائيل. أتدرون ما هو السبب؟ السبب في تقديري الشخصي المتواضع هو شعور إيران بأن امنها القومي أصبح في خطر أكثر من أي وقت مضى وأن نظامها السياسي الذي يمتد لعقود من الزمن سيكون مآله هو الزوال اذا نجحت إسرائيل في كسر أذرعه العسكرية في لبنان وسوريا واليمن والعراق! اغتيال حسن نصر الله وقيادات عسكرية بارزة في حزب الله قبل وبعد تفجيرات البيجر وشن غارات عسكرية كبيرة في جنوبلبنان ومحاولة اجتياحه برا واستهداف مطار الحديدة في اليمن وتوجيه ضربات لدمشق هو الذي ولد الرد العسكري الايراني وهو رد استباقي يعكس مخاوف طهران من مخططات إسرائيل وحلفائها الدوليين. لا شك أن الضربة التي وجهتها إيران لإسرائيل كانت موجعة لبنيامين نتنياهو الذي كان ينتظر يوم 7 اكتوبر المقبل لاعلان انتصاره وفق تقديرات عدد من المحللين ولكنها في المقابل ستمنح لأذرع إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان الوقت الكافي لترتيب اوراقها بشكل جيد لا سيما وأن المؤشرات كانت تدل على أن إسرائيل كانت تعد العدة لما هو أكبر وهذا ما استشعرته إيران ودفعها إلى مهاجمة إسرائيل بشكل مفاجئ!