انتقدت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" المقتضيات الخطيرة والتراجعية التي تضمنها مشروع قانون المسطرة المدنية، ولاسيما تلك المتعلقة بحق التقاضي وحقوق الدفاع، والأمن القضائي، واستقرار المعاملات المؤسسة على أحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به. واستغربت في بيان لها، من التعاطي المتسرع والانفرادي وغير المسؤول للحكومة مع قضايا التشريع عامة، ومع النصوص الأساسية والمهيكلة وذات الأثر الكبير على المواطنين والمواطنات بالخصوص، والتي تقتضي التأني والتشاور الواسع والسعي لتوفير شروط الإجماع حوله، مؤكدة رفضها لتبني الحكومة وأغلبيتها بمجلس النواب لمقتضيات تتعارض صراحة مع الدستور، وتضرب في الصميم استقرار المنظومة القانونية والأمن القضائي ببلادنا.
وسجلت أن المشروع يمس بشكل صريح بالمقتضى الدستوري القاضي بكون الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، وذلك عبر تخويل النيابة العامة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقيد بآجال الطعن، إمكانية أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام، وذلك "بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا". وشددت على أن هذا المقتضى يعتبر مسا خطيرا بالمبادئ والحقوق الدستورية الصريحة وبالأمن القضائي ببلادنا، لأنه يفقد الأحكام القضائية النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به حجيتها المطلقة، ويضرب في الصميم استقرار المعاملات المؤسسة على الأحكام القضائية النهائية، ويحط من قيمة ومكانة سلطة القضاء ويضرب في الصميم استقلالية القضاة. وأضافت أن المشروع يمس بالمبدأ الدستوري القاضي بكون الجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له، وذلك عبر مقتضيات تؤسس لوضعية التمييز بين عموم المتقاضين من جهة، والإدارة من جهة ثانية، حيث يجعل الأحكام الصادرة ضد الإدارة لا تقبل التنفيذ بعد الطعن فيها بالنقض من طرف الإدارة، فيما يجعل الطعن بالنقض من طرف المواطنين لا يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد المواطنين لصالح الإدارة، وهي مقتضيات غير دستورية وتراجعية عن المسار التراكمي الإيجابي للقضاء وخاصة القضاء الإداري ببلادنا، وتشكل تهديدا خطيرا لثقة المواطنين والمواطنات عامة والمستثمرين خاصة في منظومة العدالة ببلادنا. واعتبرت أنه يضرب الحقوق الدستورية الأساسية التي تجعل حق التقاضي مضمونا لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون، وتضمن للمتقاضين حقوق الدفاع أمام جميع المحاكم، والحد من حق الأطراف في تقديم دفوعهم وحججهم، وهو ما يشكل في نفس الوقت استهدافا مباشرا لمنظومة الدفاع التي من المفروض أن يوفر له مشروع القانون كل الضمانات التشريعية والمسطرية من أجل تيسير ولوج المواطنين والمواطنات للقضاء وتوفير شروط الدفاع. وأكدت أنه يحرم المواطنين من حقهم في سلوك جميع درجات التقاضي للدفاع عن قضاياهم، وذلك من خلال الزيادة في قيمة الطلبات التي يجوز معها الحق في الطعن بالاستئناف أو النقض في إطار الاختصاص القيمي، وهو ما يشكل تشديدا لشروط التقاضي، ويمس بمبدأ المساواة أمام القانون، ويحد من حق المواطن البسيط في الدفاع عن حقه عبر كل درجات التقاضي بغض النظر عن قيمة الطلبات.