أكدت وثائق وزارة الخارجية الأميركية أن الزعيم الليبي، معمر القذافي، يعيش حياة متواضعة رغم أنه يعاني «جنون العظمة». وأشارت الى أن أولاده الثلاثة سيف الإسلام ومعتصم وخميس هم الثالوث الذي سيحكم ليبيا في المستقبل، فيما تحدثت وثيقة عن طلب «حماس» من نجل القذافي سيف الإسلام إقامة قناة تواصل خلفيّة مع الأميركيين. وكشفت الوثائق، المُصنّفة «سريّة» والصادرة عن السفارة الأميركية في ليبيا، عن أن رئيس برنامج تدمير صواريخ «سكود ب»،الليبي، الجنرال أحمد عزاوي، أكد خلال لقائه السفير الأميركي لدى طرابلس الغرب، جين كريتز، أن الحكومة الأميركية مسؤولة في الغالب عن تأخير تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتدمير الصواريخ. ولام الحكومة الأميركية لعرقلتها الجهود الليبية من أجل إيجاد نظام تحكّم تكنولوجي بالصواريخ. ورفض عزاوي مناقشة تحديد وقت لإنهاء التدمير، ريثما تحصل بلاده على نظام بديل، مشدداً، وفق وثيقة مؤرخة في 11 شباط 2010، على أن لغة الاتفاق تُلزم الولاياتالمتحدة وبريطانيا بمساعدة ليبيا لإيجاد نظام (صاروخي) بديل مناسب. وقال إن الولاياتالمتحدة وبدلاً من تنفيذ التزاماتها، وضعت العوائق في طريق ليبيا، أولاً لرفضها طلب طرابلس إجراء صفقة صواريخ «اسكندر» من روسيا، وتأخير البيع وتعطيل العملية المقررة، مشيراً إلى أن ليبيا كانت قد وقّعت عقداً مع روسيا حول صفقة صواريخ «اسكندر»، فيما رفضته أميركا، ووافقت بريطانيا على البيع. وقال المسؤول الليبي للسفير الأميركي، خلال الاجتماع، «ينبغي أن نحصل على البديل، لن أسمح ببقاء 12 ألف جندي ليبي مجردين بلا سلاح». وأشار الى أن «روسيا هي الصديق الوحيد لليبيا». وأفادت وثيقة مؤرخة في 10 شباط 2010، بأن أحد مستشاري نجل القذافي سيف الإسلام، أخبر السفارة الأميركية بأن سيف الإسلام يؤمن بأن لدى ليبيا الفرصة الأوفر من أجل إتمام مصالحة بين الأطراف الفلسطينية، نظراً الى «حياديتها»، ولهذا الغرض، قدّم مقاربة الى مسؤول المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، شخصياً حول التدخل (في هذا الشأن). بدوره، طلب مشعل من سيف، العمل على إنشاء قناة خلفية من الروابط بين حماس والحكومة الأميركية. المستشار الليبي، أكد أن طرابلس سارت في طريق آخر للعمل على توحيد الفلسطينيين، بمشاركة أحد أنجال العقيد القذافي، و«ضباط أحرار» ليبيين، فيما كان سيف الإسلام قد عمل في الماضي على مناقشة تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإطلاق الجندي الإسرائيلي المعتقل في غزة جلعاد شاليط. وتضيف الوثيقة إن مستشار سيف الإسلام أبلغ الأميركيين أن مشعل قدّم لسيف الإسلام عرضاً للعمل معاً من أجل مناقشة تسوية مع محمد دحلان، لأنه «أكثر مسؤولية» من الرئيس محمود عباس، الذي يعتقد بأنه «رئيس صوري ضعيف» من دول سلطة، وعقبة في طريق مساعي الوفاق. وفي وثيقة تعود الى 30 تشرين الثاني 2009، تقول إن سيف الإسلام القذافي أخبر السفير الأميركي في 27/11 بأن ليبيا أوقفت الشحنة الأخيرة المخزّنة من اليورانيوم المخصّب بدرجة عالية، والتي كان مقرراً تسليمها لروسيا، لأنها «اكتفت» من الخطوة البطيئة في الالتزام الثنائي (مع الولاياتالمتحدة). وأكد أن والده لا يريد العودة الى «المُربع الأول» ويودّ تطوير العلاقات الإيجابية مع الإدارة الأميركية الجديدة. وفي وثيقة مؤرّخة في 7/12/2009، أكد خبراء من دائرة الطاقة الأميركية، زاروا ليبيا، أن طرابلس اتخذت خطوات مطلوبة منها من أجل تعزيز الأمن في مفاعل تاجوراء النووي (للأبحاث الواقع قرب طرابلس)، وأن سبعة براميل من اليورانيوم العالي التخصيب تبيّن أنها ستبقى من دون تغيير (في الخطة) منذ أن توقفت الشحنة المقررة الى روسيا. وأشار الخبراء الأميركيون الى تزايد واضح في عدد الحراس المسلحين حول المفاعل. وقال السفير الأميركي، في إحدى الوثائق، إن العلاقة مع ليبيا شهدت تقدماً (وفي الوقت نفسه) إخفاقات جدية عديدة، منذ آخر زيارة قام بها سيف الإسلام الى الولاياتالمتحدة. ومن الأمور التي سببت إخفاقات في العلاقات موت فتحي الجهمي (معارض ليبي توفي في 20 أيار 2009 في العاصمة الأردنية عمان). لكن في أي حال، تشير الوثيقة إلى أن الولاياتالمتحدة وليبيا وجدتا طريقاً منتجة الى الأمام لتأسيس حوار ثنائي بشأن حقوق الإنسان. وفي ما يتعلق بدور سيف الإسلام في الحكم، ذكرت وثيقة مؤرخة في 19/11/2009، أن الزعيم الليبي عيّن نجله في الفترة الأخيرة «منسّقاً عاماً»، وصدرت إشارات مصاحبة لهذا التعيين بشأن خطة التوريث التي يجري الحديث عنها وفق شائعة سابقة عن وجود منافسة على الحكم بين سيف وشقيقه مستشار الأمن القومي، معتصم القذافي. وتضيف الوثيقة إن سيف الإسلام عاد بعد غياب طوعي دام 12 شهراً عن السياسة الليبية. ورأى أن التعيين الأخير يشير بوضوح الى أن نجمه في ارتفاع وسط كوكبة المتنافسين على الخلافة. وكشفت الوثيقة أن معتصم تابع التزامه بالملف الأميركي وواصل جهوده لتنسيق موعد بين والده والرئيس الأميركي باراك أوباما، مشيراً الى أن تطوير العلاقة مع الولاياتالمتحدة هو بمثابة بطاقة لاستمراره في لعبة السلطة. ويشير التقرير الى أن ابنة العقيد القذافي، عائشة، يعتبرها البعض أكثر فطنة وذكاءً من إخوتها، لكن لا يظهر أنها ستؤدي دوراً ملموساً في النزاع على الخلافة. الاتصالات أكدت أيضاً أن سيف قد يكون «وجه الإصلاح» نظراً الى سيرته الذاتية وشعبيته، وهو المفضّل حالياً لخلافة والده، وقد يكون الوجه السياسي للنظام. لكن (النجل الثاني للقذافي) معتصم، لا يمكن أن يُحسب خارج لعبة التوريث، وهو مسنود من المحافظين في النظام، ولديه القدرة على إدارة الأمن القومي. أما شقيقهما خميس، وهو قائد لواء النخبة في القوات المسلحة، فيمكن اعتباره وجهاً عسكرياً أمنياً للنظام. وعن حياة الزعيم الليبي، تتحدث وثيقة صادرة في 18/11/2009، نقلاً عن أحد مستشاريه، أن القذافي يعيش وفق تقاليده وعلاقاته الشخصية، في أحد أحياء طرابلس المتواضعة، لكنه مريض «بجنون العظمة». بيد أنها قالت إنه يعيش بتواضع ولا يظهر أن لديه حساباً مصرفياً. كذلك تشير الوثيقة الأميركية إلى أن إحدى أعضاء فريق مساعدي القذافي، أميركية سعودية تدعى مبروكة الشريف. ووفقاً لقول المستشار الليبي، فإن مبروكة هي «اليد اليسرى للقذافي، بينما نوري المسماري هو اليد اليمنى».