بدأ حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي يقوده رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران يستعد للانتخابات التشريعية التي ستجرى في 2016 بهيمنته على نتائج الانتخابات المحلية في مؤشر الى ترسيخ موقعه على الساحة السياسية. فقد افادت نتائج نشرتها وزارة الداخلية المغربية السبت ان حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي يقود التحالف الحكومي المغربي هو ابرز المستفيدين من الانتخابات المحلية التي نظمت الجمعة بالمغرب وحل اولا في الانتخابات الجهوية وثالثا في الانتخابات البلدية. وفاز حزب العدالة والتنمية ب174 مقعدا من 678 مقعدا في المجالس الجهوية (25,6 بالمئة) تلاه خصمه حزب الاصالة والمعاصره (ليبرالي معارض) الذي حصل على 132 مقعدا (19,4 بالمئة) وحزب الاستقلال (وطني محافظ معارض) الذي سيشغل 119 مقعدا (17,5 بالمئة). وفي هذه الانتخابات التي اختار المغاربة فيها للمرة الاولى اعضاء المجالس الجهوية مباشرة، جاء الحزب الاسلامي في الطليعة في ثلاث من المناطق الاربعة الكبرى عدديا في المغرب وضمنها المدن الكبرى الثلاث الدارالبيضاءوالرباطوفاس. وهذه القاعدة المحلية الجديدة التي ستترسخ على ارض الواقع اذا تمكن حزب العدالة والتنمية من عقد تحالفات لمصلحته، ستسمح للحزب الاسلامي التقدم في وضع جيد للاقتراع التشريعي المقبل خلال عام. وقال المسؤول الكبير في الحزب الاسلامي عبد العالي حميدين لوكالة فرانس برس "هناك تشابه كبير بين الانتخابات الجهوية والانتخابات التشريعية ونعتقد ان هذا الاقتراع سيعزز موقفنا". الا ان منار سليمي الخبير السياسي في جامعة محمد الخامس في الرباط رأى ان الامر لم يحسم بعد. وقال "الاهم هو ان نرى من سيقود المناطق والامر لن يكون سهلا لحزب العدالة والتنمية لان الاحزاب التي يمكن ان يتحالف معها على الصعيد الجهوي سجلت نتائج متواضعة". وفي الانتخابات البلدية حيث جرى التنافس على 31 الفا و503 مقاعد، جاء الأصالة والمعاصرة الذي اسسه احد المقربين من الملك في 2008، في المرتبة الاولى بحصوله على 6655 مقعدا ( 21,12%)، تلاه حزب الاستقلال (5106 مقاعد بنسبة 16,22%) وجاء حزب العدالة والتنمية ثالثا بحصوله على 5021 مقعدا (15,9 بالمئة)، بحسب هذه النتائج غير النهائية. وكان حزبا الاصالة والمعاصرة والاستقلال كغيرهما من احزاب المعارضة رفضا السبت فكرة الدخول في تحالفات محلية مع حزب العدالة والتنمية. ويدرك الحزب الاسلامي انه سيكون هدفا مفضلا لهذين الحزبين الكبيرين على الساحة السياسية على طريق الانتخابات التشريعية بينما سيكون لدى "الاستقلال" رغبة في الرد على هزيمته في معقله فاس (وسط). واكد الياس العماري نائب أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة ان حزبه وأحزاب المعارضة الاخرى قررت "عدم الانخراط نهائيا في أي تحالف يقوده حزب العدالة والتنمية". وقال العماري الذي كان يتحدث في لقاء مع الصحافيين ان هذا الموقف جاء بسبب طبيعة "المشروع السياسي والمجتمعي للعدالة والتنمية الذي يملك تأويلا خاصا للإسلام"، معتبرا أن هذا الحزب "دولة موازية تعمل في الظل (...) ومشروعهم لا يشمل المغرب وحده بل كل مكان". واكد ان حزبه واحزاب المعارضة الاخرى يمكنها ان تحكم بفضل لعبة التحالفات اذ انها فازت في ثماني مناطق من اصل 12، مقابل اربع مناطق فقط لحزب العدالة والتنمية. ويفترض ان يكون حزب العدالة والتنمية قادرا على حكم ثلاثة من المناطق الاربعة التي تضم اكبر عدد من السكان في المغرب وتضم نحو 15,5 مليون نسمة اي حوالى نصف سكان المملكة وتمثل اكثر من اربعين بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي للبلاد. وراى عبد الاله بنكيران رئيس الحزب والحكومة ان حزب العدالة والتنمية حقق هذه النتائج بفضل ادائه في ادارة الحكومة منذ اربع سنوات. وعلق بنكيران على ذلك قائلا ان "رد فعل احزاب المعارضة مثير للشفقة". واضاف "يجب قول الحقائق بوضوح لقد هزموا وبرايي كان على قياداتهم ان تستقيل". واضاف "كفوا عن خداع الناس بقولكم ان حزب الاصالة والمعاصرة هو حزب كبير (...) واليوم نحن مقتنعون بان حزب المال يضعف". وكان بنكيران التزم في بيان مشترك مع الغالبية الحكومية مساء السبت "تدبير التحالفات في إطار احترام منطق الأغلبية الحكومية"، مؤكدا ان "التحالفات خارج منطق الأغلبية لا يمكن أن تكون إلا استثناء يخضع لتشاور مسبق". وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات المحلية 53,6 بالمئة بحسب الارقام الرسمية اي بزيادة طفيفة عن انتخابات 2009 (52,4 بالمئة). وبينما اخفقت تجارب الاسلاميين في تونس ومصر، يبدو ان النجاح الانتخابي لحزب العدالة والتنمية يؤكد صلاحية الاستراتيجية التي يتبعها بنكيران السياسي المحنك الذي حافظ على افضل العلاقات مع القصر الملكي الذي ما زال يحتفظ بصلاحيات كبيرة. وبعد ان بقي لسنوات في المعارضة، احرز حزب العدالة والتنمية فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في نهاية 2011.