استغرب المتتبعون للعلمية الانتخابية التي شهدها المغرب يوم 4 شتنبر لاختيار أعضاء المجالس البلدية والجهوية، صمت وزارة الداخلية، المشرفة الفعلية، على الانتخابات، لمدة ناهزت ست ساعات قبل الإعلان عن النتائج الأولية للاقتراع الذي قالت في بيان سابق لها إنه جرى في "ظروف عادية". وحسب ما استقاه موقع "لكم" من مصادر مطلعة فإن خلافا احتدم بين وزارتي الداخلية التي يوجد على رأسها وزيران تكنقراطيان هما محمد حصار والشرقي الضريس، ووزارة العدل التي تشترك رسميا في الإشراف على الانتخابات، والتي يرأسها مصطفى الرميد، القيادي بحزب "العدالة والتنمية"، حيث احتج الرميد على زميليه في وزارة الداخلية على تأخيرهما الإعلان عن النتائج التي كانت وزارتهما تتوصل بها تباعا من جميع مناطق المغرب، وذلك وفاء للتعهد السابق الصادر عن وزارة الداخلية بالإعلان عن النتائج بعد التوصل بها مباشرة من مراكز تجميع الأصوات. وطبقا لنفس المصادر، فقد عمد الرميد إلى إبلاغ رئيس الحكومة، ورئيس حزبه، عبد الإله بنكيران، بالأمر، وبعد اتصالات على مستوى عال، لم تكشف المصادر التي تحدثت ل "لكم" عن أطرافها، خرج وزير الداخلية في لقاء صحفي في منتصف الليل ليعلن عن النتائج الأولية التي كشفت عن تصدر حزب "العدالة والتنمية" الأغلبية المدن الكبرى. وفي غضون صمت وزارة الداخلية، سارعت ثلاث أحزاب محسوبة على المعارضة البرلمانية، وهي "الاتحاد الاشتراكي" و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، إلى عقد اجتماع طارئ وإصدار بيانات استباقية تدين ما وصفته ب "التجاوزات" التي "تهدد الديمقراطية" حسب تعبيرات بياناتها. وقد ذهبت مصادر إعلامية إلى اعتبار أن اجتماع أحزاب العارضة وبياناتها جاءت لتمارس نوعا من الضغط على وزارة الداخلية بعد أن اكتشف الاكتساح الكبير لحزب "العدالة والتنمية" لمقاعد المدن الكبرى. ورغم أنه لا يوجد ربط مباشر بين مواقف ثلاثة أحزاب من المعارضة البرلمانية، وصمت وزارة الداخلية غير المبرر، إلا أن مراقبين اعتبروا أن هذا التسلسل الزمني غير برئ. وفيما سكتت جميع الأحزاب السياسية عن هذا "الصمت" غير المبرر لوزارة الداخلية، كانت جماعة "العدل والاحسان" المقاطعة للعبة السياسية، هي الوحيدة التي انتقدت صمت وزارة الداخلية ووصفته بأنه "غير طبيعي"، على اعتبار أن الوزارة دأبت على أن تعطي النتائج المؤقتة بعد ساعة أو ما يقل من إغلاق مكاتب الاقتراع، على حد ما جاء في بيان الجماعة.