تتوقع دراسة حول "تسقيف الدولة الاجتماعية" أن تترتب عن تفعيل ورش الحماية الاجتماعية تأثيرات جانبية تنتج وضعيات تمييزية وتكرس بعض حالات الإقصاء في حق فئات عريضة نتاج عدم حصولها على العتبة المطلوبة أو بسبب ضعف مواكبة وتحيين منظومة الاستهداف، إضافة إلى احتمال توظيف الحزمة الجديدة لبرامج الدعم والحماية لحصر السياسات الاجتماعية ضمن تدابير مرحلية ضيقة، كما أن اكراهات التمويل قد تستغل كمسوغ لتبرير رفع يد الدولة عن المسألة الاجتماعية وتكريس منظور "اقتصادوي" قد يتعاكس مع الدينامية المطلوبة للتعاطي مع التعقيدات التي تطبع السياسات العمومية الاجتماعية. وأوصت الدراسة التي أنجزها عبد الرفيع زعنون، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، ونشرت على منصة المعهد المغربي لتحليل السياسات، بتبني مقاربة استباقية للتعامل مع المخاطر التي قد تحرف السجل الاجتماعي الموحد عن مساره الحقيقي من ضمانة لتعزيز فعالية السياسات الاجتماعية إلى آلية لتكريس الإقصاء في حق بعض الفئات الاجتماعية. واقترحت لتحقيق للحيلولة دون انحراف السجل الاجتماعي الموحد عن مساره الحقيقي مراجعة المقتضيات التشريعية والتنظيمية لضمان فعالية منظومة الاستهداف، بما يجعل السلطات العمومية مُلزمَةً بالإعمال الفعلي للسجل الاجتماعي الموحد في تصميم السياسات الاجتماعية وتتبعها وتقييمها. كما دعت الدراسة إلى التحيين التلقائي والمنتظم لقواعد المعطيات السوسيو اقتصادية حتى تعكس حقيقة الوضع الاجتماعي وتلبي أكثر متطلبات الإنصاف والاستحقاق. وأوصت الدراسة بتقوية الأدوات التدبيرية والمالية لتدخل الوكالة الوطنية للسجلات لجعلها قادرة على التحقق من المعطيات المضمنة بالسجل الوطني الاجتماعي الموحد مع تيسير المساطر المتعلقة بإعادة النظر في التنقيط بما يضمن مصداقية وكفاءة منظومة الاستهداف. وأبرزت الدراسة ضرورة تأطير المعادلات الحسابية المتعلقة بتنقيط الأسر بضمانات جدية، تفاديا لاستخدامها كوسيلة لتضييق قاعدة المستفيدين من البرامج الاجتماعية، من خلال المراجعة المنتظمة للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية مع تنويع الصيغ الحسابية للتنقيط بحسب التفاوتات المجالية. ودعت الدراسة ّإلى توحيد الجهود الرامية إلى إرساء نظام شامل لشبكات الأمان الاجتماعي، عبر خلق بنية قيادية للتنسيق بين مختلف آليات قيادة الحزمة الجديدة للبرامج الاجتماعية بما يضمن استفادة المستحقين من الدعم الذي تقدمه الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية. وأوصت الدراسة بتهيئة الظروف المثلى للانتقال من التطبيقات السابقة إلى البرامج الاجتماعية الجديدة لتجنب الإقصاء في حق الفئات التي تستحق دعم الدولة، كما حصل عند الانتقال من نظام "راميد" إلى نظام "أمو تضامن"، مع إحداث لجان للمساءلة الاجتماعية لضمان فرز واضح بين النسقين المساهماتي والتضامني لمنظومة الحماية الاجتماعية. وخلصت الدراسة إلى أن من شأن هذه الإجراءات المقترحة أن تُمكِّن من الرفع من الأثر الإيجابي للسجل الاجتماعي الموحد في تحقيق تكامل واندماج السياسات الاجتماعية، مع الحفاظ على التعزيز الفعَّال للعدالة الاجتماعية والمساواة في توفير الدعم والحماية للأفراد في وضعية اجتماعية صعبة.