أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في نقطة يقظة حول التضخم والقدرة الشرائية للمغاربة، أن ارتفاع الأسعار يعزى لعوامل مرتبطة بالعرض وكلفة الإنتاج بالنسبة لبعض القطاعات، لكنه يتأثر أيضا بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة، وكذا الاختلالات الناجمة عن ضعف فعالية وتنظيم مسارات التوزيع، دون إغفال احتمال وجود ممارسات لبعض المنتجين تتعلق بهامش الربح، فيما يعرف بظاهرة الجشع التضخمي. وأكد المجلس في نقطة اليقظة التي تضمنها تقريره السنوي، أن الأرقام تبرز ارتفاع هامش الربح لدى المنتجين، ما يفاقم التضخم، داعيا السلطات العمومية إلى ضرورة مضاعفة وتدقيق جهود مراقبة الأسعار وهوامش الربح المفرطة، مع التنبيه إلى أن هذا الجشع لا ينبغي تعميمه على جميع المنتجين، لا سيما بالنسبة للوحدات الإنتاجية الصغيرة التي لا تملك أي تأثير على السوق، بل وتخضع أكثر من غيرها لتقلبات الأسعار. وأبرز المجلس أن تعدد وتعقد العوامل التي تفسر ارتفاع الأسعار خلال الأشهر الماضية، زاد من حدة الشكوك بشأن مدى نجاعة التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية وقدرتها على كبح التضخم. ولاحظ ذات المصدر، أن ارتفاع الأسعار، لا سيما أسعار المنتجات الغذائية، أثر بشكل أقوى على الأسر ذات الدخل المحدود، نظرا لكون هذه المنتجات تحتل مكانة أكبر في سلة استهلاكها مقارنة بالفئات الميسورة. وأكد التقرير أن مستوى جودة الخدمات العمومية كالتعليم والصحة الذي لا يزال دون الحاجيات والتطلعات، يزيد من عدم قدرة الأسر على تحمل موجات التضخم، مما يدفع المواطنين بشكل متزايد، ولا سيما المنتمين إلى الطبقة الوسطى، إلى اللجوء للقطاع الخاص، والحال أن أسعار خدماته تلقي بوطأتها على قدرتهم الشرائية، مما يضعف قدرتهم على مواجهة صدمات تضخمية جديدة محتملة. وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتعزيز عمليات مراقبة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، مع تطبيق عقوبات رادعة بما يكفي من أجل مكافحة المضاربة المفرطة، والاستغلال التعسفي للوضع المهيمن، مع اعتماد تدابير كفيلة بالتقليص من مراكمة هوامش الربح المبالغ فيها. ودعا المجلس إلى النظر في إمكانية اتخاذ تدابير مؤقتة لتقنين أسعار بعض المنتجات الأساسية التي شهدت ارتفاعا مهما، أو التي تكتسي أهمية بالغة بوصفها مدخلات مشتركة في باقي المنتجات، سيما وأن القانون يتيح هذه الإمكانية. وشدد ذات المصدر على ضرورة التصدي للتضخم الذي يهم المنتجات الغذائية، من خلال العمل على دعم المدخلات الفلاحية على وجه الخصوص )البذور، منتجات الصحة النباتية، علف الماشية…)، مع الإسراع بإصلاح أسواق الجملة، والعمل على إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 37.21 الذي دخل حيز التنفيذ في يوليوز 2021 والذي تسمح مقتضياته بتسويق المنتجات الفلاحية المنتجة في إطار مشاريع التجميع الفلاحي مباشرة دون إلزامية المرور عبر أسواق الجملة. كما أوصى المجلس بالعمل قدر الإمكان على ضمان شفافية السوق شفافية تامة، من خلال النشر الدائم للمعلومات حول الكميات المتداولة، والأسعار، وهوامش الربح، وذلك ارتكازا على نظام معلوماتي خاص بهذا الأمر. ودعا إلى منح مساعدات مباشرة للأسر المعوزة التي تأثرت بشكل مباشر من موجة التضخم، ودراسة جدوى إجراء تخفيض استثنائي لمعدل الضريبة على القيمة المضافة، يهم بشكل خاص المنتجات الأساسية أو التي يؤثر ارتفاعها سلبا على سلة استهلاك الأسر المعوزة والأسر المنتمية للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى.