لم تنفع تطمينات شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أمام البرلمان بغرفتيه، وما حشده من أدوات التواصل، لأجل ثني نحو 283 ألف من نساء ورجال التعليم عن خوض أكبر إضراب وطني يتواصل على مدى ثلاثة أيام في عهده منذ تولي عزيز أخنوش رئاسة الحكومة، وهو الإضراب الأكثر استجابة في قطاع التعليم منذ إضراب سبعينات القرن الماضي. وبلغة الأرقام التي رصدها موقع "لكم"، فإن احتساب الإضرابات التي بوشرت من قبل التنسيقيات الفئوية في القطاع منذ بداية أكتوبر الجاري، من دون النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية الأربع المشاركة في الحوار القطاعي، قد أهدر ما لا يقلّ عن سبعة ملايين و700 ألف ساعة عمل تدريس من الزمن التعليمي كان من المفروض أن يستفيد منها تلميذات وتلاميذ المدارس العمومية المغربية في أكثر من 12 ألف مؤسسة بالمغرب. هذا الرقم الصادم والمقلق، يؤكد أنه خلال أكتوبر الجاري، ضاعت مليون 250 ألف يوم عمل من زمن التّعلمات الصفية التي من المفروض أن يؤطرها نحو 280 ألف أستاذة وأستاذ يشتغلون في التعليم المدرسي العمومي بالمغرب، أي ما يوازي ثلاثة ملايين حصة دراسية بمعدل ساعة ونصف إلى ساعتين لكل واحدة منها. وقال الخبير التربوي أحمد بلاج لموقع "لكم"، إن ما يحصل اليوم في المدرسة المغربية العمومية لا يبشر بخير ويكرس "اللاّثقة"، حيث بدت الأسر قلقة مما يحصل لأبنائها بعد التحاقهم بفصول الدراسة ليوم واحد، إثر العطلة البينية لمنتصف السنة الدراسية 2023/2024 تزامنا مع الفترة الأولى من إجراء فروض المراقبة المستمرة، وبعد النتائج الكارثية التي حصدتها المنظومة التربوية خلال الموسم الدراسي الماضي 2022/2023 ". وأوضح الخبير التربوي في توضيحاته، أن ما يعضد ذلك "ارتفاع مؤشرات التكرار والتسرب والهدر الدراسيين والاكتظاظ، انعكست على نسب النجاح والتميز في الامتحانات الإشهادية من السادس ابتدائي مرورا بالسنة الثالثة إعدادي وستنعكس أكثر على المردودية الداخلية للمنظومة التربوية خلال السنة الدراسية الجارية، فنتائج الباكلوريا عرفت أدنى نسب نجاح منذ تولي الوزير بنموسى شؤون قطاع التربية والتّكوين، وفي عز مرحلة تنفيذ خارطة الطريق الاستراتيجية 2022/2026 التي بشر الوزير وفريقه بتغيير جذري في المنظومة بمحاورها الثلاثة: التلميذ، والأستاذ، والمدرسة، فصار الوزير اليوم في موقع لا يحسد عليه، لأن المدرسة تعطلت، والتلميذ نتائجه تدنّت، والأ ستاذ غاضب مضرب قلق، مما يحصل بعد سنتين من الإنتظار والتوجس والترقب،"، وفق تعبير الخبير التربوي. وبحسب المتحدث، فإن ما يحاصر المنظومة التربوية، والتي يتعين على الوزير التدخل باستعجال لمواجهتها، "الأرقام الصادمة والمخيفة للهدر المدرسي التي ينخرها ويهدر الطاقات والموارد المالية والبشرية بتسرب أكثر من 300 ألف تلميذة وتلميذ. من دون رؤية استراتيجية ومخططات جهوية وبرامج عملية إجرائية وخطط ميدانية محلية، اللهم بعض حملات قافلة التعبئة المجتمعية التي ما تزال دون الطموحات في استرجاع المنقطعين عن الدراسة لأسباب تربوية أو أسرية أو اجتماعية، من المفروض أن يتعبأ لها الجميع، لأن مغادرة تلميذ واحد لفصل الدراسة هو ضياع مستقبل إطار في المجتمع، وخسارة نحو 9000 درهم ما تنفقه الدولة على كل تلميذ في المدرسة المغربية، وفق آخر افتحاص أجراه المجلس الأعلى للحسابات على نفقات التلميذ المغربي"، وفق إفادات الخبير التربوي. ويواجه الوزير بنموسى أصعب دخول مدرسي منذ توليه حقيبة شؤون التربية والتكوين، حيث تعثر عشرات البنايات المدرسية، التي لم يجد تلاميذها وأطرها التربوية والإدارية مكانا بها للدراسة والتدريس، في منظومة تربوية تستوعب 7 ملايين و973 ألف و634 تلميذ بالأسلاك التعليمية الثلاث، يدرسهم 283 ألف و662 أستاذة وأ ستاذ من أطر التدريس، منهم 18 ألف جدد خلال الموسم الدراسي 2023/2024، ونحو مليون و90 ألف طفل في التعليم الأولي، في 12 ألف و198 مؤسسة تعليمية، منها 237 أحدثت خلال شتنبر 2023، وفق إحصائيات رسمية كشف عنها الوزير بنموسى في اجتماع مع أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالغرفة الأولى للبرلمان.