أكد المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي أن المغرب يعيش ترديا غير مسبوق لمفهوم السياسة، ولصورة الفاعل السياسي؛ يتجلى في احتواء أغلب النخب السياسية، وتحكم النظام في اللعبة السياسية، وفي دائرة القرار السياسي والاقتصادي. كما توقف المكتب السياسي للفيدرالية في تقريره العام الذي قدم أمام مجلسه الوطني على إفساد الحقل السياسي، من خلال تعميق علاقة الولاءات السياسية بأجهزة الدولة، وتهميش الفعل السياسي الديمقراطي، والقوى المعارضة المستقلة، وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، ونهج سياسة الإفلات من العقاب في جرائم الفساد ونهب المال العام، والتضييق على الحريات وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. ونبه الحزب إلى أن البلاد تعيش اليوم ردة حقوقية خطيرة، وتضييقا ممنهجا على الحريات؛ و في مقدمتها الاعتقالات والمحاكمات التي شملت مناضلي الحراكات، وفي مقدمتهم شباب حراك الريف، و الصحفيين و المدونين وغيرهم، مؤكد العزم على اتخاذ مبادرات نضالية من أجل إطلاق سراحهم. وانتقد المكتب السياسي للفيدرالية الهجمة الشرسة على المكتسبات الاجتماعية، والقدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنات والمواطنين، رافضا زواج المال و السلطة، الذي أصبح بارزا من خلال حكومة تخدم بشكل مفضوح مصالح الرأسمال الاحتكاري والريعي. واعتبر الحزب أن الأوضاع المقلقة والمزعجة بالبلاد، غير مطمئنة ومفتوحة على كل الاحتمالات، وما هي إلا نتيجة طبيعية لإصرار الدولة على نهج نفس الاختيارات، والتوجهات السياسية اللاديمقراطية والفاشلة التي تكرس الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية المركبة والبنيوية التي يعيشها المغرب. وتوقف الحزب على الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات الرسمية، وهي إحصائيات صادمة ومخيفة تعبر عن اختلالات منذرة بأخطر العواقب؛ فمعدلات التضخم، و غلاء الأسعار بلغت نسبا غير مسبوقة، منذ ثمانينيات القرن الماضي، مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، في الوقت الذي حقق فيه الرأسمال الاحتكاري نسب أرباح فاقت العشرين في المائة، في مجموعة من القطاعات. ولفت الحزب إلى أن تغول الرأسمال الريعي الاحتكاري، و المضاربين في مختلف المجالات والقطاعات، لم تقابله أيةإجراءات حقيقية للتحكم في نسب التضخم. واعتبر ذات الحزب أن الخلفية النيوليبرالية للحكومة، و خضوعها للوبيات الاقتصادية و المالية، جعلها عاجزة عن اتخاذ أي قرار جريء وفعال؛ في مواجهة موجات الغلاء، أو الحد منها، واستمرار موجة الغلاء، رغم تراجع أثمنة المواد في الأسواق العالمية وتكلفة اللوجستيك. وأكد المكتب السياسي للفيدرالية أن عناوين فشل الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب عديدة، ولا يمكن حصرها جميعها، ومنها أن مستوى نسب النمو المحققة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعني إفلاسا شاملا للنماذج الاقتصادية، والبرامج القطاعية التي تناسلت في كل المجالات، و كلفت مئات الملايير من الدراهم وعمرت طويلا دون ان تكون موضوع تقييم ومحاسبة. كما رصدت الفيدرالية تآكل نسبة النشاط، و الارتفاع الهائل في نسبة البطالة، والارتفاع القياسي لمعدلات الفقر . وخلص الحزب إلى أن المغرب اليوم في حاجة للتغيير الديمقراطي الحقيقي، و القطع مع الاستبداد و الفساد عبر إصلاح دستوري و مؤسساتي عميق، يفصل بين السلط بشكل حقيقي، و يجعل الإرادة الشعبية مصدرا للسلطة التي تمارس من خلال مؤسسات منتخبة بشكل نزيه و شفاف، و يضمن الحقوق و الحريات، ويفتح آفاقا للخروج من التأخر التاريخي، في اتجاه مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وفي ذات الصدد شدد الحزب على ضرورة إقرار الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لضمان الحق في التعليم والصحة والشغل والعيش الكريم، والذي من شانه ان يعزز الجبهة الداخلية، ويساهم في بناء المغرب القوي القادر على رفع التحديات ومواجهة كل أشكال الابتزاز أو الارتهان لأية قوة خارجية في قضاياه المصيرية.