لم تصمد اليوم الأربعاء محاولة جديدة لوقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الخرطوم وأماكن أخرى وتملك من السكان الخوف من نقص الإمدادات الغذائية وعانوا من انهيار الخدمات الطبية. ووقف إطلاق النار الذي مدته 24 ساعة،كان من المفترض أن يبدأ في تمام الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش). وقال شاهدان في منطقتين بالعاصمة الخرطوم لرويترز إن القتال مستمر. في وقت سابق اليوم، سمع دوي قصف متواصل في وسط الخرطوم حول المجمع الذي يضم مقر قيادة الجيش الذي قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في وقت سابق من الأسبوع أنه يشرف على العمليات من داخله.ولم يتضح إذا كان البرهان ما زال هناك. وقال الجيش في بيان "القوات المسلحة تتصدى لهجوم جديد على محيط القيادة العامة". وقال مراسل من رويترز إن تبادلا كثيفا لإطلاق النار وقع في حي جبرة بغرب الخرطوم حيث توجد منازل لحميدتي وعائلته. ولم يتم الكشف عن مكان حميدتي منذ بدء القتال يوم السبت. كما دوت انفجارات من المطار الرئيسي الذي أغلق بعد اندلاع الاشتباكات بسبب صراع على السلطة بين البرهان وحميدتي وسط خلاف بشأن خطة لدمج قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في الجيش النظامي. وتصاعد دخان كثيف في السماء وخلت الشوارع من المارة إلى حد بعيد في العاصمة التي تعد واحدة من أكبر مدن أفريقيا ويقطنها نحو 5.5 مليون نسمة. وعانى سكان الخرطوم المحتمون بمنازلهم من انقطاع الكهرباء ويساورهم القلق من نفاد الإمدادات الغذائية. وقالت هديل محمد، وهي مهندسة عبرت عن خوفها على شقيقها الذي خرج لجلب الغذاء، إن بعض الضروريات بدأت تنفد. وتحدث شاهد من رويترز عن إطلاق نار في جنوبالمدينة. وأظهرت صور عرضتها شبكة العربية التليفزيونية أن الجيش استعاد السيطرة فيما يبدو على مطار عسكري رئيسي في شمال البلاد. وقالت وزارة الصحة السودانية إن القتال أدى إلى مقتل 270 شخصا على الأقل وإصابة 2600 آخرين. وقالت نقابة الأطباء السودانية إن تسعة مستشفيات تعرضت للقصف بالمدفعية، وكان لابد من إخلاء 16 مستشفى ولم يعمل أي منها بشكل كامل داخل العاصمة. وقال أسامة عثمان المتحدث باسم الهلال الأحمر السوداني "المستشفيات منهارة تماما وخالية من كل الضروريات. هذا يتجاوز الكارثي". ويرأس البرهان مجلس السيادة الحاكم الذي تشكل بعد الانقلاب العسكري عام 2021 والإطاحة بعمر البشير في 2019. وكان حميدتي، الذي يقول محللون إنه يقود أكثر من مئة ألف مقاتل، يشغل منصب نائب رئيس المجلس. وحطم الصراع الآمال في التقدم نحو الديمقراطية في السودان، ويغامر بتوريط جيرانه ويمكن أن يلعب دورا في المنافسة الإقليمية بين روسيا والولايات المتحدة. وقال داود يايا إبراهيم، وزير الدفاع في تشاد المجاورة للسودان من ناحية الغرب، اليوم الأربعاء إن القوات المسلحة نزعت سلاح 320 جنديا سودانيا دخلوا أراضي تشاد يوم الاثنين مضيفا أن تشاد لا تريد أن تتورط في الصراع. وأضاف إبراهيم "اليوم يعبر آلاف اللاجئين حدودنا طلبا للحماية. لا خيار أمامنا سوى الترحيب بهم وحمايتهم". وتوجه أشخاص آخرون من الخرطوم إلى جنوب السودان حيث لم ترد أنباء عن قتال. ويسيطر الجيش على مداخل الخرطوم ويحاول قطع طرق الإمدادات فيما يبدو على مقاتلي قوات الدعم السريع في العاصمة. وقال شهود وسكان إن تعزيزات للجيش وصلت إلى المدينة من مناطق شرقية قرب الحدود مع إثيوبيا. وقالت قوات الدعم السريع في بيان اليوم الأربعاء إن الجيش انتهك القانون الدولي واستخدم المدفعية الثقيلة في قصف منازل العائلات والمواطنين في جبرة. وأضافت أنه تم إنشاء مركز اتصال تابع لقوات الدعم السريع لمساعدة الناس في أجزاء من العاصمة التي تسيطر عليها. عرقلة عمليات الإجلاء وضغطت قوى أجنبية من أجل وقف إطلاق النار للسماح بعمليات إجلاء للسكان وتوصيل إمدادات. وعلى الرغم من إعلان الجانبين عن هدنة يومي الثلاثاء والأربعاء، لم يصمد أي منهما. ومع اشتعال النيران في طائرات على المدرج في مطار الخرطوم الدولي فإن عمليات الإجلاء تبدو صعبة في الوقت الحالي. وقال غواص بلجيكي لرويترز من الخرطوم "ما من سبيل للخروج". وأضاف "إنه (وضع) مزر وبصراحة لا يوجد ما يمكننا فعله في الوقت الحالي". وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن "الوضع الأمني غير الواضح" وإغلاق المطار يحولان دون وضع خطة لعملية إخلاء بتنسيق من جانب الحكومة الأمريكية. وقالت تركيا أيضا إنها لن تتمكن من القيام بعمليات إجلاء حاليا. وذكرت مجلة دير شبيجل نقلا عن مصادر لم تكشف هويتها أن ألمانيا أوقفت اليوم الأربعاء مهمة لإجلاء نحو 150 مواطنا على متن ثلاث طائرات نقل من طراز (إيه400إم) تابعة لسلاح الجو الألماني. وردا على سؤال بشأن تقرير المجلة، قالت وزارة الخارجية الألمانية إن كل الخيارات تخضع للتقييم. وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني إن السلطات تعتزم استخدام طائرة تابعة لقوات الدفاع الذاتي لإجلاء نحو 60 مواطنا يابانيا من السودان. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين اليوم الأربعاء إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش سيناقش الوضع غدا الخميس مع رؤساء الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى ذات صلة. وأضاف "الطعام والوقود والإمدادات الحيوية الأخرى تنفد من الناس في السودان. كثيرون بحاجة عاجلة لرعاية طبية". وقالت الأممالمتحدة إن مسلحين استهدفوا المستشفيات وموظفي الإغاثة الإنسانية وسط أنباء عن حوادث عنف جنسي ضد موظفي الإغاثة. وتوقفت معظم المستشفيات عن العمل وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن مسلحين داهموا مخزنا للإمدادات تديره في غرب البلاد. ويواجه نحو ربع السكان في السودان أزمة جوع حادة حتى من قبل نشوب الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من أكبر عملياته الخاصة بتقديم المساعدات على مستوى العالم في السودان يوم السبت بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.