موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هيئة مساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير" تنشر تقريرا مفصلا عن ما تصفها ب "حالات الإعتقال السياسي الراهنة"
نشر في لكم يوم 26 - 01 - 2023

عممت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير، وهي هيئة مستقلة، يوم الخميس، تقريرا مفصلا عن ما تصفها بملفات الإعتقال السياسي، وذلك على هامش ندوة صحفية نظمتها لتسليط الضوء على وضعية المعتقلين السياسيين في المغرب.
التقرير، الذي تلي أثناء الندوة، وحصل موقع لكم، على نسخة منه، تخص بالذكر بعض المعتقلين السياسيين "بهدف وضع الرأي العام في الصورة بخصوص الملفات المستجدة"، على حد ما قال معدوه.
تقرير الهيئة وصف قرار البرلمان الأوروبي الذي أدان السلطات المغربية في مجال حقوق الإنسان ب "الضربة التي تلقتها السلطات المغربية من البرلمان الأوروبي من خلال قراره المدين لسياساتها القمعية".
وطالب معدو التقرير من السلطات المغربية التعامل قرار البرلمان الأوروبي بشيء من الحكمة والتعقل، وإن يظهر أنهما غائبان، لجعلها فرصة لتغيير هذا الوضع ورفع كل هذا الظلم الذي مس عائلات بأكملها بسبب ما تعرض له أبناؤها من اعتقال تعسفي، وحرمان من الحرية دون أي مبرر قانوني".
واضاف التقرير أن "الرد المطلوب هو الاعتراف بفشل هذه السياسات القمعية ضد الآراء المنتقدة، وانهيار المخطط القمعي بتلفيق التهم الجنسية الذي انفضح أمام العالم. وإنهاء هذه المقاربة التسلطية في تدبير الصراع حول الأفكار والمشاريع المجتمعية في الفضاء العام، وضمان سيادة القانون، واحترام الدولة المغربية لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان بشكل عام".
وفيما يلي نص التقرير:
على مستوى الساحة الوطنية وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة يمكن تسجيل ما يلي:
1. استمرار الحرمان من الحرية بسبب الرأي لجميع المعتقلين السياسيين وعدم الإفراج عن أي منهم، باستثناء من أنهى عقوبته الظالمة مثل معتقل الرأي المعروف ب "مول الحانوت"، الذي نهنئه باسترجاع حريته بعد أداء ضريبة التعبير الحر عن آرائه. ولا زال كل المعتقلين السياسيين في السجون رغم الطابع التعسفي لاعتقالهم، ورغم أن فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي أكد ذلك بخصوص من تدارس ملفاتهم، علما أن الخروقات التي اعتمد عليها لبناء موقفه هي نفسها الخروقات التي شهدها اعتقال ومحاكمة كل المعتقلين السياسيين الأخرين.
2. اعتقال نشطاء ومناضلين آخرين في الأيام الماضية انضافوا إلى المعتقلين السياسيين الموجودين في السجون ومن ضمنهم: النقيب محمد زيان، الدكتور محمد باعسو، والمدون ياسين بنشقرون المعروف ب "ياسين الثوار" والمواطن السعودي المطلوب للتسليم من طرف سلطات بلاده، والذي تطالب الهيئة بعدم تسليمه لما يشكله ذلك من انتهاك لمقتضيات اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق عليها المغرب، لأن المعني بالأمر مهدد بممارسات تدخل ضمن نطاق التعذيب كما هو مهدد بحكم الإعدام بسبب آرائه ومعتقداته.
3. استمرار المحاكمات السياسية والنطق بالأحكام على أساس محاكمات لم تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة. ومن بينها النطق بالحكم في قضية المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور رضى بن عثمان بثلاث سنوات سجنا نافذا وغرامة 5000 درهم؛ وانطلاق محاكمته الاستئنافية الأسبوع الماضي.
4. وجود عدد من المعتقلين السياسيين في ظروف سيئة داخل السجون، كمحاولات الضغط على عمر الراضي عبر بعض السجناء، والإضراب الطويل عن الزيارة الذي خاضه سليمان الريسوني بسبب ما تعرض له من حجز كتبه ومخطوط روايته، وكذا معاناة معتقل الرأي رضى بن عثمان من ظروف سيئة،
5. قرار بمتابعة جديدة لمعتقلة الرأي سعيدة العلمي، التي أشعرت في 26 من الشهر الماضي أنها متهمة بإهانة الهيئة القضائية. هكذا نرى أنها تتابع أيضا على تصريحاتها أمام المحكمة خلال محاكمتها التي كانت هي بنفسها محاكمة جائرة انتفت فيها معايير وضمانات المحاكمة العادلة ونتجت عنها أحكام ظالمة. كما أنها مرت في ظروف صعبة، بسبب الإضراب عن الطعام الطويل الذي خاضته سعيدة العلمي في السجن بعد اعتقالها والذي أثر على صحتها الجسدية ووضعيتها النفسية. علما أن الاعتقال في حد ذاته اعتقال تعسفي لم يرتكز على أي سند قانوني كما تنص على ذلك مقتضيات المسطرة الجنائية.
وستتابع الهيئة هذه القضية الجديدة التي تتابع بها معتقلة الرأي المدونة سعيدة العلمي، كما ستنجز مستقبلا تقريرا شاملا عن وضعها وعن مختلف الخروقات التي عرفتها محاكمتها.
أما على المستوى الدولي: عرف هذا الأسبوع اهتمام الرأي العام الدولي بوضعية المعتقلين السياسيين بالمغرب بفضل القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي الخميس الماضي، والذي عبر فيه عن إدانته للسلطات المغربية بسبب سياساتها القمعية اتجاه الصحافيين وانتهاكها لحرية التعبير، وتوظيفها التهم ذات المضامين الجنسية للزج بالصحافيين في السجون، وغيرها من الممارسات التي تعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والحريات.
وهو القرار الذي سيتم تقييمه وتحليل مضامينه في الجزء الثاني من الندوة. وقد أصدرت الهيئة بيانها للتعريف بموقفها اتجاهه وهو متضمن في ملف الندوة باللغتين العربية والفرنسية.
وقد أشار قرار البرلمان الأوروبي إلى عدد من المعتقلين السياسيين وخاصة الصحفيين: توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، وعمر الراضي، وتطرق أيضا لمعتقلي الريف وخص بالذكر المعتقل السياسي ناصر الزفزافي الذي كان من بين المرشحين الثلاثة لجائزة ساخاروف التي يمنحها البرلمان الأوروبي، مع الإشارة إلى المؤرخ معطي منجب الذي غادر السجن في حالة سراح مؤقت ولازال متابعا، وممنوعا تعسفيا من مغادرة التراب الوطني ومن التصرف في أمواله وممتلكاته، ومهددا بالطرد من العمل.
لقد قررت اللجنة أن تركز في تقريرها هذا على المعتقلين السياسيين الذين تتابع أوضاعهم ولم يتم ذكرهم في القرار المذكور، خاصة أن من بينهم من لم يسبق للهيئة أن قدمت تقريرا عن قضيتهم.
ويتعلق الأمر بكل من الأستاذ النقيب محمد زيان، والدكتور محمد باعسو، والمدونة سعيدة العلمي، والمناضل الحقوقي رضى بن عثمان.
قضية معتقل الرأي النقيب محمد زيان:
تابعت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حريّة التعبير بالمغرب مسلسل الاضطهاد والانتهاكات الذي تعرض له وزير حقوق الإنسان السابق النقيب محمد زيان منذ دفاعه عن المعتقل السياسي ناصر الزفزافي والصحفي المعتقل تعسفيا توفيق بوعشرين، ثم دفاعه عن عفاف برناني بسبب طعنها بالزور في محضر حرره ضابط بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ثم تصريحاته المطالبة بحل مديرية مراقبة التراب الوطني وتقديم وزير الداخلية شكاية ضده بسببها.
حيث حكم عليه ابتدائيا بثلاث سنوات حبسا نافذا إثر متابعته من طرف النيابة العامة بسبب هذه الشكاية الأخيرة، وهو الحكم الذي تم تأييده استئنافيا، حيث عقدت للمحاكمة الاستئنافية جلسة واحدة بتاريخ 7 نونبر 2022.
وبتاريخ 21 نونبر 2022، الموعد المحدد لجلسة النطق بالقرار الاستئنافي وبعد ما يناهز الستين دقيقة من النطق به، قُبض على النقيب زيان من طرف أزيد من عشرين عنصر أمن بزي مدني اقتحموا مكتب محاميه أثناء تخابره معه، دون تقديم أي قرار قضائي يسمح باعتقاله، وهو ما يعد انتهاكا جسيما لقانون المسطرة الجنائية وللدستور وللمواثيق الدولية ذات الصلة.
فيما يلي تعرض الهيئة تقريرا يبين أبرز الانتهاكات للحقوق الدستورية للنقيب محمد زيان.
1. خرق الفصلين 23 و25 من الدستور والاعتقال التعسفي للنقيب محمد زيان والاعتداء على حريته في إبداء الرأي :
لقد نص الفصل 23 من الدستور على ما يلي: ̈لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.
الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات.
يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت، ويحق له الاستفادة، في أقرب وقت ممكن، من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون.
وحيث إنه سبق للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط أن أعلن في بلاغه الصادر بتاريخ 21 نونبر 2022، أنه قام بتكليف مصالح الشرطة القضائية المختصة بإلقاء القبض على النقيب محمد زيان وإيداعه السجن تنفيذا لمنطوق القرار الاستئنافي المذكور آنفا.
غير أنه بعد الاطلاع على نص القرار الاستئنافي المشار إليه في البلاغ المذكور، فإن الهيئة تثبتت من عدم وجود أي مقتضى يأمر بإلقاء القبض على النقيب محمد زيان وإيداعه السجن بصلب القرار الاستئنافي المذكور، وهو ما يجعل ما جاء في بلاغ النيابة العامة منافيا للحقيقة.
وبناء عليه فإن إلقاء القبض على النقيب محمد زيان وإيداعه السجن تم إبانه بشكل ينتهك الفصل الثالث والعشرين من الدستور بشكل صارخ.
كما أنه لم يسلم أي سند يبرر اعتقال النقيب محمد زيان يطابق ما نصت عليه المادتين 392 و414 من قانون المسطرة الجنائية إلا بعد ثمانية أيام من الاعتقال وإلحاح دفاع النقيب زيان في طلب السند المذكور وتوجيهه رسائل بهذا الخصوص إلى كل من السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط والسيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط والسيد رئيس النيابة العامة والسيد المندوب العام لإدارة السجون.
وبالرجوع إلى المقرر الخاص المسلم إلى دفاع النقيب زيان بعد ثمانية أيام من اعتقاله والذي أمر بإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن تبين أنه مخالف لقانون المسطرة الجنائية فيما نصت عليه من قواعد سير الجلسات وصدور الأحكام لصدوره بعد النطق بالقرار الاستئنافي أي بعد أن رفعت غرفة الجنح الاستئنافية يدها عن القضية بقوة القانون.
وبناء عليه فإن الملتمس المقدم من طرف النيابة العامة يوم الاثنين 21 نونبر 2022 بعد النطق بالقرار الاستئنافي مخالف لمقتضيات المادة 306 من قانون المسطرة الجنائية، كما أن المقرر الخاص الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بنفس اليوم بناء على مداولة ثانية بعد النطق بالقرار الاستئنافي، والذي أمر بإلقاء القبض على النقيب زيان وإيداعه السجن، جاء مخالفا لمقتضيات المواد 287 و306 و365 من قانون المسطرة الجنائية.
حيث سطرت المواد المذكورة بشكل دقيق إجراءات المحاكمة وقواعدها وعلى رأسها أن المحكمة لا يمكن أن تبني مقررها إلا على حجج عرضت ونوقشت شفهيا وحضوريا أمامها، وأن ملتمسات النيابة العامة تقدم قبل المداولة وليس بعد النطق بالحكم وأن هيئة الحكم لا سلطة لها على قضية نطقت بحكمها في موضوعها ولا يمكنها الرجوع إليها بأي شكل من الأشكال.
يضاف إلى كل ما سبق أن المادة 414 نصت على أن المادة 392 من قانون المسطرة الجنائية لا تطبق بكاملها أمام غرفة الجنح الاستئنافية بل تطبق فقط مقتضيات الفقرة الأولى من هذه الأخيرة.
وبالتالي فإن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 392 من قانون المسطرة الجناية التي تنص على أن الأمر بإلقاء القبض أو الإيداع في السجن يبقى نافذ المفعول رغم كل طعن لا تطبق في نازلة الحال لأن مقتضيات المادة 414 لم تحل عليها وحصرت اختصاص غرف الجنح الاستئنافية فقط في إصدار الأمر والذي يوقف الطعنُ فيه تنفيذَه.
وحيث إن النقيب محمد زيان طعن بالنقض في كل من القرار الاستئنافي الذي أيد الحكم المستأنف والقاضي عليه بعقوبة حبسية قدرها ثلاثة سنوات، كما أنه طعن أيضاً بالنقض في المقرر الخاص بإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن فإن استمرار حبسه بناء على مقرر مطعون فيه بالنقض، يخالف صراحة المادة 532 من قانون المسطرة الجنائية.
وبناء على كل ما سبق فإن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير تعتبر أن وزير حقوق الإنسان السابق النقيب محمد زيان معتقل بدون أي أساس قانوني يبرر سلبه حريته، وهو ما يوافق تصنيفه معتقلا تعسفيا من الفئة الأولى طبقا لتصنيف فريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي.
كما أن الهيئة تعتبر أن محاكمة النقيب زيان واعتقاله بسبب التعبير عن رأيه المطالب بحل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هي اعتداء على حقه الدستوري في الفكر والرأي والتعبير المكفولة بكل أشكالها بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 25 من الدستور.
وهو ما يوافق تصنيفه أيضا معتقلا تعسفيا من الفئة الثانية طبقا لتصنيف فريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي.
2. خرق الفصلين 119 و120 من الدستور وانتهاك قاعدة البراءة هي الأصل وحرمان النقيب محمد زيان من محاكمة عادلة:
حيث إنه بالرجوع إلى المقرر الخاص المسلم إلى دفاع النقيب زيان بعد ثمانية أيام من اعتقاله والذي أمر بإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن، فإن المحكمة اعتمدت التعليل التالي: (حيث تبين من خلال وقائع القضية أن الأفعال الإجرامية المقترفة من قبل المتهم محمد زيان تكتسي خطورة إجرامية بالغة).
مما يتبين من التعليل المذكور أن المحكمة جزمت بشكل قاطع أن المتهم ارتكب فعلا جرميا يتعين معه معاقبته بإيداعه السجن فورا واعتبرته مذنبا مع أنها تعلم يقينا بأن مقررها لم يكتسب بعد قوة الشيئ المقضي به.
في حين أن التعليل الوحيد المسموح به قانونا هو تطبيق إجراء احترازي معين، كالخوف من فرار المتهم إلى خارج البلاد مثلا، وهو ما يبقي الباب مفتوحاً أمام براءة المتهم، ولا يناقض منطوقي الفصل 119 من الدستور والمادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية واللذان ينصان على أن المتهم بريء إلى أن يصدر في حقه مقرر قضائي بالإدانة مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
مما يجعل المقرر الخاص المشار إليه آنفاً ينتهك الحق الدستوري للنقيب محمد زيان في كونه بريئا إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
وحيث إنه بالرجوع إلى محضر جلسة السابع من شهر نونبر المنصرم، وهي الجلسة الوحيدة التي عقدت لمحاكمة النقيب محمد زيان، التي لم يتح له فيها أن يدافع عن نفسه، حيث لم تستمع إليه المحكمة ولا إلى دفاعه، وبعد الاطلاع على القرار الاستئنافي الصادر في 21 من نفس الشهر، فإنه يتبين أن غرفة الجنح الاستئنافية المصدرة للقرار المذكور لم تجر أي بحث أو مناقشة علنية للقضية، وأنها لم تبن مقررها على حجج عرضت ونوقشت شفهيا وحضوريا أمامها، كما تنص على ذلك المسطرة الجنائية في موادها 287 و300 و305 و306 و365.
لقد تبين أن هيئة الحكم اكتفت فقط بتلقي تقرير كتابي من طرف النيابة العامة دون عرضه شفهيا في الجلسة ودون مناقشته في ذات الجلسة، كما أن الطرف المدني قام بنفس الشيء إذ تقدم بمذكرة كتابية لم يعرض مضمونها شفهيا ولم تناقش في الجلسة.
كما أن القرار الاستئنافي لم يتطرق إلى الأحكام التمهيدية المستأنفة ولم يفصل فيها، ومنها على وجه الخصوص الطعن في مشروعية شكاية وزير الداخلية والطعن بعدم الاختصاص.
وفي الأخير فإنه بعد الاطلاع على شهادة تسليم الاستدعاء لجلسة 7 نونبر 2022 إلى النقيب محمد زيان فقد تبين أنها تشير إلى أنه رفض التوصل بتاريخ 24 أكتوبر 2022، وبالتالي فإن تاريخ تبليغه يكون بعد احتساب عشرة أيام من اليوم الموالي للتاريخ المذكور طبقا للمادة 39 من قانون المسطرة المدنية، أي 4 نونبر 2022.
وهو ما يجعل أجل الثمانية أيام الفاصلة بين الاستدعاء والجلسة الذي اشترطته المادة 309 من قانون المسطرة الجنائية، غير متوفر مما يترتب عنه بطلان الاستدعاء والقرار الاستئنافي حسب نفس منطوق المادة المذكورة.
وبناء على كل ما سبق، فإنه يتبين أن عيوبا جوهرية اعترت إجراءات محاكمة النقيب زيان أمام غرفة الجنح الاستئنافية، على رأسها بطلان الاستدعاء والحكم وخرق قاعدة البراءة هي الأصل وغياب البحث والمناقشة الشفهية والعلنية للقضية، وعدم نشر الدعوى الابتدائية من جديد وعدم الفصل في الأحكام التمهيدية.
ولكل هذا فلقد خلصت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي إلى أن محاكمة النقيب محمد زيان انتفت عنها أدنى معايير المحاكمة العادلة وهو ما يعد انتهاكا جسيما لحقوقه التي يضمنها الفصل 120 من الدستور.
قضية معتقل الرأي محمد باعسو
لقد تابعت الهيئة أيضا الاعتقال التعسفي للدكتور محمد باعسو وقامت بزيارة عائلته وشاركت في الوقفة التضامنية معه أمام المحكمة التي يمثل بها أمام قاضي التحقيق والتي عرفت أكثر من ست تأجيلات.
فبتاريخ 31 أكتوبر 2022 اعتقلت السلطات الأمنية المغربية بمكناس الدكتور محمد أعراب باعسو، القيادي في جماعة العدل والإحسان، ليتم تقديمه أمام الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمكناس، الذي بدوره أحاله على قضاء التحقيق من أجل "الاتجار في البشر وذلك باستدراج أشخاص بواسطة الاحتيال والخداع وإساءة استعمال الوظيفة، واستغلال حالة الضعف والهشاشة بغرض الاستغلال الجنسي، وجناية هتك عرض أنثى باستعمال العنف وجنح الإخلال العلني بالحياء، وممارسة الضغوط والإكراه لجلب واستدراج أشخاص لممارسة الدعارة طبقا للفصول 448 ف 1 448 ف. 3 و485 و483 و498 ق ج والمادة 1 من قانون 103. 13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء".
أدرج الملف بعدة جلسات للتحقيق تجاوزت (وصلت 7 جلسات) في ملف تحقيق عدد 486_2022 آخرها جلسة التحقيق المنعقدة يوم 25 يناير 2023.
إن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير تعبر عن قلقها اتجاه ما شاب الملف من خروقات إلى حد الآن نذكر من بينها:
1. النيل من سمعة باعسو وسمعة أسرته والتنظيم السياسي الذي ينتمي إليه عبر تسريب خبر اعتقاله لوسائل الإعلام والكشف عن التهم المنسوبة إليه والتشهير به، في خرق سافر لمبدأ قرينة البراءة، وانتهاك صارخ لمبدأ سرية التحقيق المنصوص عليه في المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية.
2. إجراء التحقيق معه في حالة اعتقال بالرغم من وجود كافة الضمانات المالية والشخصية لحضوره المنصوص عليها في المادة 178 من قانون المسطرة الجنائية باعتباره ناشطا سياسيا، ليست له سوابق عدلية، له سكن وعمل قار، دكتور وموظف بوزارة التربية الوطنية، رب أسرة تتكون من 5 أبناء. وأن الاعتقال الاحتياطي يتعارض مع مبدأ البراءة، وكونه مجرد تدبير استثنائي حسب المادة 159 من ق م ج وهذا ما أكدته المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
3. أن السياق العام لإقرار قانون الاتجار بالبشر تم تقديمه أمام البرلمان والمصادقة عليه في ظرف أسبوع تحت ذريعة وجود إملاءات وضغوط دولية تفرض ضرورة الإسراع بتنزيله، والذي جاء في إطار محاربة الاتجار بالبشر كجريمة عابرة للحدود الوطنية والدولية الخاصة بالمهاجرين في استهداف واستغلال ضعفهم ووضعهم الهش، ليتم توسيع استعماله على شكل لباس مطاط يمكن إلباسه لأي جسم.
4. عدم دقة النصوص المراد تطبيقها على الأفعال المنسوبة لباعسو في خرق لمبدأ الشرعية، الأمر الذي يعيد للأذهان قانون "كل ما من شأنه" ويفتح باب التأويل والتحكم على مصراعيه. وأن العبارات التي تتضمنها عامة وفضفاضة ومجملة، يمكن أن تنطبق على عدة وضعيات بشكل يتنافى مع مقاصد المشرع من تقنين جريمة الاتجار بالبشر كما هو مشار إليه سابقا.
5. أن صياغة نص القانون المتعلق بالاتجار بالبشر تهدد حقوق وحريات أغلبية أفراد المجتمع المتشبع بثقافة التكافل والتعاون والتآزر ويجعل جميع المغارية مشاريع متهمين إلى حين، ويمس بحقوق النساء حيث يستغلون أثناء فبركة هاته المتابعات من خلال التشهير بهن والمس بسمعتهن.
6. قلقنا اتجاه الهيمنة على المؤسسات المنوط بها إجراء الخبرات (المختبر الوطني للدرك الملكي، مختبر الشرطة التقنية والعلمية) ولنا شواهد في ذلك من خلال ملفات بوعشرين، الراضي والريسوني.
مطالب الهيئة بخصوص هذه القضية:
1. الإفراج الفوري عن الدكتور باعسو
2. وضع حد للمتابعات المتكررة بهذا القانون (الاتجار بالبشر) والتوظيف المغرض للمتابعات المتعلقة (بالجرائم الجنسية) للتضييق والتشهير بالنشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين.
3. إعادة النظر في "قانون الاتجار بالبشر" من خلال العمل على تعديله بشكل لا يتم توظيفه توظيفا سيئا للانتقام والتضييق على النشطاء والمعارضين.
قضية معتقل الرأي رضى بنعثمان:
لقد سبق للهيئة أن قدمت تقريرا مفصلا عن الانتهاكات التي تعرض لها المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور رضى بن عثمان في ندوة صحفية سابقة عقدت مباشرة بعد النطق بالحكم عليه. لهذا سنكتفي هنا بتذكير مقتضب بها بمناسبة انطلاق محاكمته الاستئنافية التي أجلت جلستها الأولى إلى يوم 30 يناير 2023.
فقد صدر الحكم الابتدائي على الناشط الحقوقي الدكتور رضى بنعثمان يوم 7 نونبر 2022، بثلاث سنوات و5000 درهم غرامة، من المحكمة الابتدائية بالرباط. وكان قد اعتقل يوم 9 شتنبر 2023 بعد سلسلة من الانتهاكات التي مست حقوقه منذ استدعائه من طرف الشرطة القضائية التي لم تذكر سبب الاستدعاء في الوثيقة التي توصل بها منها، إلى حين صدور الحكم الجائر عليه، إضافة إلى ظروفه داخل السجن، ومن أهمها:
1. انعدام أي سند قانوني للاعتقال حيث حرم من حريته تعسفيا بناء على أمر بالإيداع في السجن صادر عن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط وهو ما لا يطابق أيا من سندات الاعتقال المحددة حصرا في المادة 608 من المسطرة الجنائية.
2. رفض كل طلبات إطلاق السراح المؤقت التي تقدم بها الدفاع أمام المحكمة دون أي تعليل.
3. اعتقال بسبب ممارسة حق أساسي يكفله الدستور: وهو التعبير عن الرأي الذي يبقى حقا وإن وجه النقد للأجهزة الأمنية.
4. انتفاء معايير المحاكمة العادلة: من خلال:
● حرمانه من الحضور في جلستين من جلسات محاكمته
● رفض جميع طلبات الدفاع دون تعليل واعتمدت المحكمة على ما قدمته النيابة العامة فقط؛
● لم يتم تمكين الدفاع من الاطلاع على مضمون القرص المدمج المتضمن لاتهامات النيابة العامة؛
● لم يتمكن رضى بنعثمان من الاطلاع على ملف قضيته؛
● لم يتم النطق بالحكم حضوريا وعلانية؛
5. ظروف اعتقال قاسية خاصة في البداية من حيث العزلة، ومدة الزيارة المقلصة وشروطها، والوضعية التي تتم فيها الفسحة من حيث المدة القليلة والفضاء الضيق، عدم تمكنه من الكتب التي يريدها رغم أنها كتب تباع في المكتبات، وأيضا حرمانه من حقه في التوصل بصور أسرته…وغير ذلك من الحقوق التي يضمنها القانون والمعايير الأممية لمعاملة السجناء.
لهذا تجدد الهيئة مطلبها بالإفراج الفوري عن معتقل الرأي الدكتور رضى بن عثمان، والكف عن الزج بالنشطاء والمناضلين في السجون على إثر محاكمات سياسية تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة.
في الختام،
إن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير، وهي تخص بالذكر بعض المعتقلين السياسيين في هذا التقرير بهدف وضع الرأي العام في الصورة بخصوص الملفات المستجدة، فإنها تؤكد مجددا على تضامنها مع كل معتقلي الرأي، من معتقلي حراك الريف، والصحفيين، والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين السياسيين، وتطالب بإطلاق سراحهم فورا، كما تطالب بالإفراج عن كل معتقلي الرأي والمحرومين من الحرية تعسفا، الذين يوجد من بينهم عدد كبير ممن صدر لصالحهم قرار من فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي يطالب الدولة بإطلاق سراحه.
كما تعتبر الهيئة أن الضربة التي تلقتها السلطات المغربية من البرلمان الأوروبي من خلال قراره المدين لسياساتها القمعية، يتطلب التعامل معها بشيء من الحكمة والتعقل، وإن يظهر أنهما غائبان، لجعلها فرصة لتغيير هذا الوضع ورفع كل هذا الظلم الذي مس عائلات بأكملها بسبب ما تعرض له أبناؤها من اعتقال تعسفي، وحرمان من الحرية دون أي مبرر قانوني. ذلك أن الرد المطلوب هو الاعتراف بفشل هذه السياسات القمعية ضد الآراء المنتقدة، وانهيار المخطط القمعي بتلفيق التهم الجنسية الذي انفضح أمام العالم. وإنهاء هذه المقاربة التسلطية في تدبير الصراع حول الأفكار والمشاريع المجتمعية في الفضاء العام، وضمان سيادة القانون، واحترام الدولة المغربية لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان بشكل عام.
عن الهيئة
الرباط في 26 يناير 2023


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.