أصدرت لجنة الحقيقة والعدالة في قضية الصحفي توفيق بوعشرين، بيانا تحت عنوان "مرة أخرى يعجز القضاء عن توفير محاكمة عادلة للصحفي توفيق بوعشرين"، وهذا نصه: "تلقت لجنة الحقيقة والعدالة في قضية الصحفي توفيق بوعشرين بانزعاج وقلق شديدين منطوق الحكم الظالم والقاسي، والقاضي بسجنه 15 سنة مع أداء غرامة ثقيلة لفائدة الدولة، الصادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في الدعوى العمومية التي أقامتها النيابة العامة ضد الصحفي توفيق بوعشرين. إن لجنة الحقيقة و العدالة، وهي تستحضر أن هذا الحكم لازال لم يكتسب بعد قوة الشيء المقضي به و بالتالي لا يمكن تنفيذه طبقا لما نصت عليه المواد392 و608 و611 من المسطرة الجنائية، فإنها تأسف لحرمان الصحفي المستقل توفيق بوعشرين المعروف بانتقاداته القوية للسلطة السياسية، من شروط وضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الفصل 23 من الدستور المغربي والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الدولة المغربية سنة 1979، في المرحلة الاستئنافية أيضاً، وهو التوجه الذي ميز محاكمات مماثلة كمحاكمة الصحفية المستقلة هاجر الريسوني والصحفي المستقل حميد المهداوي. لقد رصدت لجنة الحقيقة والعدالة انتهاك شروط المحاكمة العادلة للصحفي توفيق بوعشرين في المرحلة الاستئنافية منذ أن رفضت النيابة العامة و الهيئة القضائية التي أصدرت حكمها ضده أن تطلق سراحه طبقا للقرار الصادر عن فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي طالب بإطلاق سراح الصحفي توفيق بوعشرين فوراً و تعويضه عن اعتقاله التعسفي ومنحه ضمانة رسمية بعدم تعريضه لهذا الاعتداء على حقوقه الدستورية مجددا، ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرض لها وأقر بتعرض بوعشرين للاعتقال التعسفي بسبب عمله الصحافي وليس لسبب آخر، وأحال قضيته على المقرر الأممي الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير. كما تؤكد لجنة الحقيقة والعدالة أن المرحلة الاستئنافية للمحاكمة افتقدت كذلك لشروط المحاكمة العادلة في حدودها الدنيا، بعد ان تعمدت النيابة العامة اللجوء إلى الإحالة المباشرة إلى غرفة الجنايات وتفاديها مسطرة التحقيق بالرغم من عدم توفر شرطي التلبس والجاهزية للحكم المنصوص عليهما في المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية. كما أن اللجنة تعتبر أن عدم تمكين الصحفي المعتقل تعسفيا من عرض قانونية اعتقاله على قاض يعد انتهاكا لحقوقه الدستورية المنصوص عليها في الفصلين 117 و118 وللمادة التاسعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. إن عدم تمكين الصحفي توفيق بوعشرين من الحصول على سجل المكالمات الهاتفية والموقع الجغرافي للواقط الهوائية التي تعتبر أدلة تثبت تواجده في أماكن بعيدة عن الأماكن التي تدعي النيابة العامة في الوقت نفسه أنه ارتكب فيها مخالفات للقانون الجنائي، في حين أن هذه الأدلة متوفرة لدى النيابة العامة ومع ذلك تصر على حجبها، يعد حرمانا له من إثبات براءته أمام المحكمة وانتهاكا صارخا لحقه في الدفاع عن نفسه. إن عدم استدعاء المحكمة لأي شاهد بصفة عامة ولشهود النفي بصفة خاصة، كتقني الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الذي وقع محضر حجز المعدات الذي رفض توفيق بوعشرين توقيعه، وهو المحضر الذي لا يشير لأي من الأرقام التسلسلية للمعدات المحجوزة، مما يستحيل معه القول بأن هذه المعدات هي نفسها التي عرضت على الخبرة وعلى المحكمة الابتدائية، يعد حرمانا لتوفيق بوعشرين من إثبات براءته أمام المحكمة وانتهاكا صارخا لحقه في الدفاع عن نفسه. إن عدم عرض سائل الإثبات أمام محكمة الاستئناف وعدم عرض الفيديوهات التي ينكر الصحفي توفيق بوعشرين نسبتها إليه أو وجود صوره فيها، يفقد المحاكمة أهم عناصر عدالة حكمها. بالإضافة إلى عدم استجابة المحكمة إلى الطلب المتكرر والملح للصحفي بوعشرين ودفاعه بإحضار هاتفه الذي أخبر المحكمة بأنه يحتوي على تحذير له من الصحفي جمال خاشقجي من إمكانية تصفيته، وكذا على رسالة مصورة من صديق له أخبره بأنه ضحية مؤامرة تتمثل في زرع أجهزة إلكترونية لمراقبة مكتبه وعمله الصحفي، وذلك أياما قبل اعتقاله. إن المتابعات الزجرية والتأديبية التي أثيرت ضد أعضاء من فريق دفاع الصحفي توفيق بوعشرين وعلى رأسهم النقيب محمد زيان، حيث بلغ الأمر حد إخضاع نجليه للحراسة النظرية في بحث له علاقة مباشرة بالمحاكمة، مما يعتبر انتهاكا غير مسبوق لحصانة الدفاع، ويقوض المحاكمة العادلة من أساسها في هذه القضية. إن لجنة الحقيقة و العدالة إذ تثمن عاليا الرأي الصادر عن فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي بكل مقتضياته، تطالب بالمقابل السلطات المعنية مرة أخرى، بالتجاوب معه وإطلاق سراح الصحفي توفيق بوعشرين دون إبطاء، بناء على ما جاء في الفقرة التاسعة والستون (69 ) من القرار. كما تطالب لجنة الحقيقة و العدالة بإسقاط كل المتابعات الجارية في حق محاميي الدفاع عن الصحافي توفيق بوعشرين، بالإضافة إلى تمكين السيدة عفاف برناني من عرض شكايتها على الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، في توافق تام مع ما جاء في الفقرة 71 من رأي مجموعة العمل الأممية. إن لجنة الحقيقة والعدالة لا زالت تعتبر أن الصحافي توفيق بوعشرين معتقل اعتقالا تعسفيا منذ 26 فبراير 2018 لأن الأمر بالإيداع في السجن الصادر عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لا يمكن أن يشكل السند الصحيح للاعتقال و فقاً لتعريف المادة 608 من المسطرة الجنائية بأي حال من الأحوال. كما أن الحكم المذكور لازال لم يكتسب بعد قوة الشيء المقضي به وبالتالي لا يمكن تنفيذه بأي حال من الأحوال طبقا لما نصت عليه المواد392 و608 و611 من المسطرة الجنائية وهو ما يستوجب إطلاق سراحه فورا".