– مازالت قضية ملينا محمد منير، الإسباني من أصول مغربية الذي تمتع بعفو ملكي بمناسبة عيد العرش، وذلك حتى قبل أن تبدأ محاكمته، حيث كان يتابع أمام المحكمة الابتدائية في الحسيمة بتهم الاتجار والنقل الدولي في المخدرات، تتفاعل داخل وسائل الإعلام الإسبانية. وفي دفاعها عن الخطأ الذي وقعت فيه سفارة بلادها في الرباط، قالت وزارة الخارجية الإسبانية في خروج إعلامي لها تداولته وسائل إعلام إسبانية إن العفو الملكي في المغرب يكون بلا شروط، وبالتالي يمكن أن يستفيد منه حتى من لم تجري محاكمته بعد. موقع "لكم. كوم" يعود إلى بناء قصة هذا العفو الذي يثير الكثير من الأسئلة حول مسؤولية السفارة والسفير الإسباني فيما وقع. يتعلق الأمر بشخص يدعى ملينا محمد منير، مغربي من مواليد 1982 حامل لجواز سفر إسباني، كان موضوع مذكرة بحث صادر عن الشرطة القضائية بالحسيمة تحت رقم 68- ش ق بتاريخ 9 فبراير 2013 من اجل "الاتجار الدولي في المخدرات". قرار قاضي التحقيق بناء على "قرار بالمتابعة مع الأمر بالإحالة على المحكمة الإبتدائية بالحسيمة"، الصادر عن قاضي التحقيق بنفس المحكمة، فإن التحقيق مع ملينا، الذي ألقي عليه القبض يوم 8 يوليوز، انتهى يوم 11 يوليوز 2013، وقرر قاضي التحقيق توفيق المالكي "متابعة الضنين محمد ملينا منير من أجل جنح حيازة ونقل والاتجار الدولي في المخدرات ومحاولة الاتجار في المخدرات ومحاولة تصدير المخدرات دون ترخيص او تصريح والمشاركة فيها وحيازة سيارة بدون سند صحيح..."، وبناء على ذلك أمر القاضي "بإحالته في حالة اعتقال على المحكمة الابتدائية بالحسيمة طبقا للقانون". وكانت أول جلسة سيمثل فيها ملينا أمام المحكمة بتاريخ فاتخ غشت 2013، لكن 48 ساعة قبل ذلك صدر العفو الملكي بمناسبة عيد العرش وكان ملينا من ضمن الأشخاص المستفيدين منه ضمن لائحة السجناء الاسبان الذين قال بيان صادر عن الديوان الملكي أنه تم العفو عنهم بطلب من الملك الإسباني خوان كارلوس عند زيارته منتصف شهر يوليوز للمغرب، وهو الطلب الذي استجاب له ملك المغرب محمد السادس. أصل التهمة وتعود وقائع القضية التي كان ملينا متابع فيها إلى تاريخ 6 فبراير عندما ضبطت سلطات الجمارك بميناء الحسيمة كمية 264 كيلو غرام من مخدر الشيرا مخبأة بسيارة من نوع (أودي أ4) تحت ترقيم إسباني كان يتولى قيادتها شخص يسمى الحسين الفاضلي. وحسب محاضر القضية التي حصل موقع "لكم. كوم" على نسخ منها، فقد جاء على لسان الفاضلي "بمحضر الحجز والاستماع الجمركي ومحضر الشرطة القضائية"، بأن ملينا محمد منير هو من طلب منه "الدخول إلى أرض الوطن بقصد إحضار السيارة بعد تسلمها من أخيه سعيد بمدينة الحسيمة"، وهو ما سيتم، ولم تكن تلك السيارة إلا سيارة محمد منير ملينا، لكن هذا الأخير سيقول للمحققين بأن أوراق سيارته سرقت منه يوم 29 يناير 2013، وسيلاحظ المحققون أن اللوحة المعدنية لم يتم تغييرها رغم ان السيارة سرقت، وأن صفيحتي التسجيل لم تتم سرقتها، لذلك استنتج محضر قاضي التحقيق أن ما أدلى به ملينا من أقوال لا يمكن أن تكون "دليلا كافيا على عدم ضلوعه في عملية التهريب الدولي للمخدرات لاسيما بعد استحضار قصر المدة الزمنية بين السرقة المفترضة وعملية التهريب"، لذلك قرر قاضي التحقيق أن القرائن التي جمعها حول المتهم كافية لمتابعته بالتهم المنسوبة إليه. مفاجئة هيئة المحكمة لكن المفارقة أن مولينا لن يمثل أمام المحكمة بناء على قرار قاضي التحقيق، وسيفرج عنه بعفو ملكي قبل أن تبدأ محاكمته، فيما حكم على السائق الذي يتحذر من منطقة شيشاوة بالسجن ثماني سنوات نافذة. وطبقا لإفادات السائق فقد هاجر إلى اسبانيا سريا عبر قوارب الموت، واستقر بالميريا لمدة خمس سنوات إلى أن سوى وضعيته القانونية، وبسبب الأزمة الاقتصادية في اسبانيا وجد نفسه عاطلا عن العمل منذ 2010، وعندما عرض عليه المشاركة في هذه العملية لم يستطع أن يقاوم إغراء المقابل المادي الذي كان سيجنيه منها والذي حدده للمحققين بنحو 50 ألف درهم. نجاة ملينا وإدانة السائق فكيف نجا مولينا المفترض أنه هو مدبر العملية بينما سقط الشخص الذي كان سيقوم بدور "ساعي البريد"؟ أثناء جلسة فاتح غشت 2013، وهي أول جلسة كان سيمثل فيها مولينا أمام المحكمة ستفاجئ هيئة المحكمة بعدم وجود المتهم الرئيسي داخل قاعة المحكمة رغم أنه كان يتابع في حالة اعتقال، عندها تدخل ممثل النيابة العامة ليخبر المحكمة بان المتهم الرئيسي تمتع بعفو ملكي يوم 30 يوليوز، وهو ما بعث على الاستغراب داخل المحكمة بما في ذلك حتى هيئة القضاء التي فوجئت بالأمر فقررت رفع الجلسة وتأجيلها حتى يوم 13 غشت الجاري ليدلي ممثل النيابة العامة بما يؤكد تمتع المتهم الرئيسي بعفو ملكي لتقرر المحكمة في مآل أغرب قضية يتم العفو على التهم الرئيسي فيها قبل أن تبدأ محاكمته. ما الذي حصل؟ فما الذي حصل؟ طبقا لتصريحات صادرة عن السفير الإسباني في الرباط ألبرطو نافارو نسبتها له عدة وسائل إعلام إسبانية ومغربية ولم ينفيها، فإن السفارة الإسبانية في الرباط هي من قامت بإرسال لائحتين تتضمنان أسماء المساجين الاسبان ال 48 المحكوم عليهم من طرف محاكم المغرب لتمتيعهم بالعفو الملكي أو لطلب ترحيلهم إلى بلادهم لقضاء بقية عقوبتهم السجنية في بلادهم بناء على اتفاق قضائي بين المغرب واسبانيا يتيح للمحكومين الإسبان من طرف المحاكم المغربية ان يطلبوا ترحيلهم إلى بلادهم لقضاء بقية عقوباتهم السجنية متى انتهت جميع أطوار محاكمتهم وأدوا جميع الغرامات والتعويضات التي حكم عليهم بها. لكن بالنظر إلى حالة ملينا، فهو في كلتا الحالتين غير معني بأي من اللائحتين اللتين أعدتهما السفارة الإسبانية، فهو مازال لم يحاكم وبالتالي فهو مجرد متهم يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته. وحسب القوانين الإسبانية فإن العفو لا يمكن أن يناله إلا من ثبتت إدانته في جميع مراحل التقاضي. فكيف لم تنتبه السفارة الإسبانية في الرباط إلى هذه المفارقة؟ وبالنسبة للترحيل، وبما أن ملينا مازالت محاكمته لم تبدأ بعد فهو غير معني به، بل وأكثر من ذلك فإن الاتفاقية القضائية الثنائية المبرمة بين المغرب واسبانيا تستثني من هذه الاتفاقية المسجونين الاسبان من أصول مغربية مثل ملينا، فكيف تسرب اسمه مرة أخرى إلى لائحة السفارة؟ مسؤولية السفير مصادر متطابقة رجحت وجود تلاعبات أدت إلى إدراج اسم متهم بالاتجار والنقل الدولي للمخدرات ضمن لائحة المستفيدين من العفو الملكي وذلك حتى قبل أن تبدأ محاكمته. وطبقا لمصادر اسبانية فإن السفير الاسباني في الرباط هو الذي طلب من قنصليات بلاده في الرباط تزويده بلوائح الأشخاص الطالبين للعفو أو الراغبين في الترحيل إلى سجون بلادهم، وهذا الطلب وصل إلى قنصلية اسبانيا في الناظور التي يفترض أنها هي من أعدت لائحة الأسماء المقترحة ومن بينهم اسم محمد منير ملينا. وأثناء التحريات التي قام بها موقع "لكم. كوم" تبين أن قنصلية اسبانيابالناظور توجد بدون قنصل منذ عدة أسابيع بعدما تم تنقيل القنصل السابق إلى كاركاس وبقي منصبه شاغرا، وهو ما يجعل مسؤولية السفير مباشرة عن الخطأ الذي وقع في اللائحة الواردة عليه من قنصلية اسبانيا في الناظور والتي تضمنت اسم محمد منير ملينا. و حاول الموقع الاتصال بالسفير الاسباني في الرباط لاستفساره حول الموضوع، لكن تبين أنه في عطلة خارج المغرب منذ أسبوعين ويصعب التواصل معه مباشرة، لكن هذا لا يلغي طرح السؤال حول مسؤوليته في إدارج اسم متهم بالاتجار الدولي في المخدرات ضمن قائمة تمتع أصحابها بعفو ملكي مغربي بدون شروط؟