يسارع المغرب ونيجيريا الخطى لتدشين مشروع بناء خط أنابيب الغاز الرابط بين البلدين، الذي سيمتد على طول يناهز 5660 كلم، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في أوروبا. وسيتم تشييد الأنبوب على عدة مراحل، ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلاد التي سيعبر منها. ويأتي ذلك، في وقت يبحث المغرب عن مصادر للغاز الطبيعي، وإيرادات نقدية من شراكات عبور مصادر الطاقة، بعد تعليق الجزائر لخط أنابيب كان ينقل الغاز إلى أوروبا عبره في 2021. وكان المغرب يحصل على رسوم عبور للغاز الجزائري، إضافة إلى حصة من الغاز لسد احتياجات الاستهلاك المحلي، قبل أن تقرر الجزائر نهاية أكتوبر الماضي، عدم تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر الأنبوب. لكن نيجيريا، كانت محور تحالف آخر يعود لمطلع الألفية الحالية، ينص على تدشين خط يصل بينها والجزائر لنقل الغاز إلى أوروبا، في إطار ما يعرف "الأنبوب العابر للصحراء". هذا الأنبوب الذي يمر -وفق المخططات- من أدغال إفريقيا إلى القارة العجوز، ينطلق من لاغوس النيجيرية مرورا بدولة النيجر، ووصولا إلى الجزائر العاصمة على مسافة 4600 كيلومتر. ووقعت الشركة الجزائرية للمحروقات سوناطراك (حكومية)، على أول مذكرة تفاهم لتنفيذ المشروع مع شركة النفط الحكومية النيجيرية عام 2002، لمد خط الأنابيب. وقدرت التكلفة الأولية للمشروع عند توقيع مذكرة التفاهم بين الجزائرونيجيريا، ب 13 مليار دولار لنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا. وفي شتنبر الماضي، كشف وزير الطاقة النيجيري، تيميبري سيلفا، أن حكومة بلاده "شرعت بتنفيذ بناء خط أنابيب لنقل الغاز إلى الجزائر، والتي ستقوم بدورها في مرحلة لاحقة بنقله إلى دول أوروبية". المغرب والنموذج الإقليمي والأربعاء 8 يونيو الجاري، قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن مشروع أنبوب الغاز النيجيري، "يشكل نموذجا للاندماج الإقليمي الذي سيغير ملامح إفريقيا الأطلسية". وأوضح بوريطة، في ندوة صحافية مع نظيره وزير الخارجية النيجيري، جيوفري أونياما، أن مشروع أنبوب الغاز النيجيري، "يحقق تقدما، وسيكون نموذجا للاندماج الإقليمي، ويغير ملامح المحيط الأطلسي وإفريقيا الأطلسية". ويرجع الاتفاق على إحداث مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا، خلال زيارة الدولة التي قام بها الملك محمد السادس إلى نيجيريا، في دجنبر 2016. وعلى الرغم من عدم تطرق أية وثيقة حكومية لمدة إنجاز المشروع، إلا أن نماذج إمدادات خطوط أنابيب الغاز بين روسيا وأوروبا، تشير أن المشروع النيجيري المغربي قد يحتاج لمتوسط 3 سنوات من التنفيذ. اتفاقية مع "سيدياو" وفي مطلع يونيو الجاري، صدّقت نيجيريا على دخول شركة البترول الوطنية في اتفاقية مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو"، لبناء خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب. جاء ذلك، في تصريح لوزير الدولة للموارد النفطية تيميبري سيلفا، عقب اجتماع للمجلس التنفيذي الفدرالي النيجيري (مجلس الوزراء). وقال سيلفا، إن المشروع وصل مرحلة التصميم الهندسي الأولي، مضيفا: "خط الأنابيب سينقل الغاز عبر عدة دول في غرب إفريقيا، إلى المغرب، ومن خلاله إلى إسبانيا وأوروبا". وسيمر الأنبوب بكل من بينين وتوغووغاناوساحل العاجوليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبياوالسنغال وموريتانيا. وتضم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس أو سيدياو)، التي تأسست في 25 ماي 1975، في عضويتها 15 من دول غرب إفريقيا، وهي: بنين، بوركينا فاسو، الرأس الأخضر، ساحل العاج، غامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، مالي، النيجر، نيجيريا، السنغال، سيراليون، توغو. الاتجاه الصحيح وفي 5 ماي الماضي، قالت الحكومة المغربية عبر المتحدث باسمها مصطفى بايتاس، إن مشروع خط الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب "يسير في الاتجاه الصحيح". وأضاف بايتاس: "الدراسات المتعلقة بالهندسة في طور الإنجاز.. هناك دراسات جديدة مرتبطة بالأثر البيئي والاجتماعي سيتم إعلانها قريبا". وفي 29 أبريل الماضي، أعلن المغرب وصندوق (أوبك) للتنمية الدولية، توقيع اتفاق تمويل جزء من الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب. وقال بيان لوزارة المالية المغربية آنذاك، إن "وزيرة الاقتصادية والمالية قامت، من خلال تبادل مراسلات مع عبد الحميد الخليفة المدير العام لصندوق (أوبك) للتنمية الدولية والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن أمنية بنخضرة، بالتوقيع على وثيقة قانونية تتعلق بتمويل قيمته 14.3 مليون دولار". السوق الدولية يشكل مشروع أنبوب الغاز النيجيري، شريان طاقة حيوي، تنتظره أوروبا، وأيضا المغرب لتأمين أمنه الطاقي، في وقت أعلن أنه دخل رسميا إلى السوق الدولية للغاز الطبيعي. وقالت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط، في 14 أبريل الماضي، إن المغرب سيشرع في استيراد الغاز من السوق الدولية عبر أنبوب الغاز "المغاربي- الأوروبي". وزادت بنعلي: "سنستعمل البنيات التحتية المتعلقة بتوريد الغاز الطبيعي لإسبانيا والبرتغال، لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز طبيعي مسال". ويصل حجم استهلاك المغرب من الغاز إلى حوالي مليار متر مكعب سنويا. تزايد الاستثمارات وبدأ المغرب في 5 يناير الجاري، استدراج عروض لإنجاز الدراسات المتعلقة بمشروع محطة لاستقبال بواخر الغاز الطبيعي المسال، بميناء المحمدية. وبحسب الوكالة المغربية للموانئ تصل كلفة إنجاز الدراسة إلى 4 ملايين درهم (401 ألف دولار)، دون الكشف عن المبلغ المرصود لتشييد محطة استقبال بواخر الغاز والوحدة العائمة للتخزين. وفي 16 مارس الماضي، أعلن المغرب توقيع عقد مع شركة "ساوند إنيرجي" البريطانية، لتوريد الغاز من حقل تندارة المحلي إلى أنبوب "المغرب العربي- أوروبا". وتقدر الشركة البريطانية احتياطيات الحقل بنحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز. التنقيب مستمر وقال المغرب في 13 أبريل الماضي، إن إجمالي الاستثمارات في التنقيب عن الغاز والبترول في البلاد بلغت 28 مليار و845 مليون درهم (2.94 مليار دولار)، منذ عام 2000 حتى نهاية 2021. ويتم تمويل 96 بالمئة من الاستثمارات للتنقيب عن الغاز والبترول في المغرب، كليا من طرف الشركات؛ وشملت عمليات التنقيب عن البترول والغاز في المغرب خلال 2021، مساحة إجمالية تُناهز 283 ألف كيلومتر مربع. وتم منح 9 رخص استغلال و53 رخصة تنقيب، منها 26 بالمجال البحري و3 رخص استكشافية، وفقا لوزيرة الطاقة المغربية.