دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقرير له إلى جعل حرية التعبير والصحافة في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية، مسجلا انشغاله بمتابعة أشخاص أو إدانة بعضهم بعقوبات سالبة للحرية بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما بالمغرب. ونبه المجلس إلى أن المنصات الرقمية، خاصة منصات التواصل الاجتماعي، أضحت حاضنة أساسية لحرية الرأي والتعبير بالمغرب، لكنها وبالقدر الذي تعزز فيه الولوج إلى ممارسة هذا الحق، بقدر ما تطرح تحديات وقضايا جوهرية من شأنها تقويض حرية الرأي والتعبير وحقوق أساسية أخرى. وإذا كان المشرع قد وضع ضمانات تنأى بالصحفي المهني عن أية عقوبة سالبة للحرية في القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر، فإن هذه الضمانات لا تشمل كل قضايا النشر بمفهومه العام، والنشر على المنصات الرقمية بشكل خاص، في ظل غياب مقتضيات تشريعية جامعة ودقيقة ومتاحة تراعي خصوصيات التعبيرات الرقمية، وأشكال التعبير الجديدة وتحمي الحق في ممارستها، وفقا لما تنص عليه أحكام الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ومن جهة أخرى، كشف التقرير أن عدد التجمعات والتظاهرات خلال سنة 2021، بلغ 13471 تجمعا، شارك فيها حوالي 670 ألف شخص، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 52,3% و69,0%، على التوالي، مقارنة مع سنة 2020. ورصد المجلس في تقريره منع السلطات لعدد من الوقفات الاحتجاجية، جرى تفريق وفض بعضها بالقوة، وقد أسفر التدخل في عدد من الحالات عن اعتقال متظاهرين ومتابعة بعضهم بتهمة إهانة رجال القوة العمومية والضرب والجرح في حقهم والعصيان، وخرق حالة الطوارئ الصحية، وصدرت في حق بعضهم أحكام بالسجن موقوف التنفيذ، كما أكد المجلس على ضرورة التنصيص على إخضاع عملية استعمال القوة لمراقبة النيابة العام. وفي ظل الأزمة الوبائية الحالية وفرض حالة الطوارئ، لاحظ المجلس أن أغلب الحركات الاحتجاجية لم تتقيد بالإجراءات والتدابير القانونية الواردة سواء في ظهير الحريات العامة لسنة 1958، أو في القوانين ومراسيم القوانين المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني، كما أن أغلب المبادرات الاحتجاجية لم تقم بإشعار السلطات المحلية، ولم تنظمها هيئة منظمة قانونا. وسجل المجلس خلال تتبعه لمختلف هذه التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية، سواء تلك التي تم رصدها ميدانيا أو من خلال شبكة الإنترنيت على أن المغرب عرف تطورا مهما في ممارسة الاحتجاجات السلمية، خاصة مع تزايد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت تشكل، ولو مرحليا، وعاء افتراضيا للتعبير وممارسة الحق في التعبير والتجمع، منبها إلى ما يمكن أن يترتب عن ذلك من خطر وتهديد، بسبب نشر خطابات قد تحرض على الكراهية والعنف والتمييز، وكذلك نشر الأخبار الزائفة واستعمالها بطريقة سلبية. وعلاقة بحرية الجمعيات، تلقى المجلس 11 شكاية من جمعيات وشبكات جمعوية ونقابات وأفراد، تتعلق بالتظلم من قرار إداري برفض تسلم الملف القانوني الخاص بتأسيس الجمعية دون تبرير أسباب الرفض، أو برفض تسليم وصل الإيداع القانوني، سواء المؤقت أو النهائي، أو رفض السلطات الإدارية منح وصل الإيداع القانوني الخاص بتجديد الهياكل أو التظلم من قرار إداري بمنع ممارسة أنشطة جمعوية. وتوقف المجلس على بعض التحديات التي تحول دون تطور الفعل الجمعوي، ومنها ما هو إداري مرتبط بالممارسات الصادرة عن بعض الموظفين الإداريين، وخاصة في مراحل التأسيس أو التجديد أو استغلال القاعات العمومية لتنظيم أنشطتها طبقا لأهدافها المسطرة في قوانينها الأساسية. كما سجل المجلس ضعف الإمكانيات المادية واللوجستيكية والموارد البشرية، وكذلك ضعف التأطير، مما يؤدي إلى الحد من الأدوار المنوطة بالجمعيات للمساهمة في تعزيز الحريات والمشاركة المواطنة. وأوصى المجلس بالعمل على إحداث مدونة جديدة تتعلق بقانون الجمعيات وتنظيم الحياة الجمعوية، والتي يجب أن تكون مستجيبة للتطورات التي يعرفها الإطار القانوني الوطني والدولي.