قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إنه توصل ولجانه الجهوية خلال سنة 2019 ب 3150 شكاية وطلب، منها 989 تلقتها مصالحه المركزية أي بنسبة 31.40%، في حين توصلت اللجان الجهوية ب 2161 شكاية بنسبة 68.6 في المائة، موضحا أنه تم التوصل بهذه الشكايات بكافة الوسائل المتاحة، ومنها 1310 تم وضعها مباشرة بمقر المجلس ولجانه. وأشار المجلس في تقريره السنوي الخاص بحالة حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2019، أنه استقبل ولجانه الجهوية خلال السنة الفارطة، 4785 مواطنة ومواطن، منهم 1006 تم استقبالهم بالمقر المركزي، و3779 مواطنة ومواطنا تم استقبالهم من طرف اللجان الجهوية، ومنهم من قام بوضع شكايته مباشرة أثناء استقباله.
وأوضح المجلس أن 1419 من مجموع الشكايات المتوصل بها، تندرج في إطار اختصاص المجلس، ومن حيث مواضيعها، فإنها تتوزع بين الحقوق المدينة والسياسية ب 671 شكاية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ب721 شكاية، والحقوق الثقافية ب 16 شكاية، الحقوق البيئية ب11 شكاية، أما باقي الشكايات فإنها لا تندرج ضمن اختصاص المجلس، بل تدخل ضمن صلاحيات مؤسسات أخرى. حرية الرأي والتعبير وأبرز المجلس أنه رصد خلال سنة 2019 عددا من المتابعات القضائية بسبب نشر مضامين في الفضاء الرقمي، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وسجل المجلس في تقريره السنوي الخاص بحالة حقوق الإنسان بالمغرب في 2019 انشغاله بإدانة بعض هؤلاء المتابعين بعقوبات سالبة للحرية وبالخصوص في أشكال التعبير التي تحظى بالحماية في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. وأوضح المجلس أنه تابع قضية الصحفيين الأربعة الذين قضت بخصوصهم المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط، بستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية، من أجل جنحة نشر معلومات تتعلق بأعمال لجنة تقيص الحقائق البرلمانية حول الصندوق المغربي للتقاعد. وأشار المجلس أن المحكمة احترمت في نص الحكم، حق الصحفيين في حماية مصادرهم وشددت في أكثر من مناسبة على حقهم في عدم الكشف عن مصدر معلوماتهم، مسجلا كون العقوبة السجنية التي أقرها الحكم الابتدائي وأيدها الحكم الاستئنافي في هذه القضية عقوبة موقوفة التنفيذ، إلا أنه لا بد من التذكير بالمعايير الدولية ذات الصلة، وخاصة التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والمتعلق بحرية الرأي وحرية التعبير، والذي يدعو الدول الأطراف إلى الاعتراف بأن أحد عناصر الحق في حرية التعبير يشمل الامتياز المكفول للصحفيين في عدم الكشف عن مصادر المعلومات، كما يدعوها إلى العمل على احترامه، مذكرا بتوصية الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع المدني، الخاصة بتكريس الطابع الخاص للممارسة حرية التعبير والإعلام بشكل يجعلها في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية. وأثار المجلس في تقريره مسألة التشهير والسب والقذف، مشيرا أن هذه الممارسات والخروقات دفعته في شتنبر2019 إلى تعميم بلاغ حول قضية سيدة أثار اعتقالها نقاشا كبريا حول الحريات الفردية، ومسألة الإيقاف الفردي للحمل (الصحافية هاجر الريسوني)، مذكرا أنه أعرب وقتها عن رفضه للقذف والسب والتشهير ذي الطبيعة التمييزية الذي عربت عنه منابر إعلامية، ومجموعة من المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي في حق السيدة المعنية. وأضاف المجلس أن هذا ما تكرر في نشر وتداول صور شخصية عمومية ذات انتماء حزبي مأخوذة لها في الخارج، وهي بلباس مغاير للباسها المعروفة به، وما رافق ذلك من تشهري ومس بكرامتها وكرامة أفراد من عائلتها. بالإضافة إلى تداول فيديو وصور شخص تم توقيفه ليلة رأس السنة بمدينة مراكش، والتشهير به في فضاءات التواصل الاجتماعي، ونشر صورة لبطاقة تعريفه الوطنية ومعلومات عن مساره المهني، وسجل المجلس التفاعل الإيجابي للمديرية العامة لألمن الوطني التي فتحت بحثا إداريا بخصوص التقصير في حماية المعطيات الشخصية المتعلقة بهذا الشخص. وانتقد المجلس الاستمرار في نشر صور نمطية سلبية ضد المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، خلال تداول أخبار مخالفات أو تجاوزات يقوم بها مهاجرون، يكون المحدد الأول لنشرها هو ضلوعهم في ارتكابها، بمقالات تكون عنوانيها مقرونة بجنسيات مرتكبيها، وتعتمد بعض العناوين والمقالات التي رصدها المجلس، إلى كتابة كلمة “الأفارقة” دون أن يكون مقرونا حتى بكلمة المهاجرين مثل “فارقة والد زيان”، “اعتقال أفارقة”، “عصابة إفريقية”، “مخيمات إفريقية”. وحث المجلس على ضرورة تجميع كافة المقتضيات ذات الصلة بالصحافة بمدونة النشر، داعيا السلطات القضائية إلى التشبث بمبدأي الضرورة والتناسب بما لا يمس ميس الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة وجعلها في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية، وعدم مساءلة المبلغين والمصادر الصحفية إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا واعتماد سياسات ترتكز على الشفافية لتمكين العموم من الولوج إلى المعلومة، خاصة تلك التي تهم المصلحة العامة والتي لا تمس بالأمن القومي والحياة الخاصة للأفراد. حرية التجمع وقال المجلس إنه تابع المستجدات المتعلقة بتشميع بيوت بعض مسؤولي جماعة “العدل والإحسان”، وهي جماعة غي مرخص لها، وما صدر من قرارات متعلقة بهدمها، حيث وصل عدد البيوت المعنية بهذه القرارات في الفترة المشمولة بالتقرير إلى 11 بيتا، بكل من مدن وجدة والناظور والقنيطرة وأكادير والدارالبيضاء والجديدة وفاس وطنجة. وأوضح المجلس أنه رصد منع وقفة كانت تعتزم منظمة العفو الدولية-فرع المغرب القيام بها تحت شعار "من أجل وقف تطبيق عقوبة الإعدام بالمغرب". كما رصد منع تقديم عرض مسرحي في الشارع المقابل لمبنى البرلمان تحت عنوان "العدالة لا تقتل بل تنتصر للحياة!"، مسجلا أن القرار المتخذ بخصوص منع هذا النشاط لا يستند على أساس قانوني، خصوصا أن الجمعية أعلنت أنها قامت بإخبار السلطات، ولم تتلق أي رد في الموضوع. وأشار أنه تابع قضية جمعية “جذور” التي رفعت ضدها دعوى من طرف ممثلي السلطات الإدارية وانتهى الأمر بحلها، مؤكدا على ضرورة حماية حرية الجمعيات من قبل السلطات العمومية، ومشيرا أنه مراعاة منه لمبدأ استقلالية القضاء المكرسة دستوريا، فإنه ما زال يتابع هذه القضية، ويتطلع إلى مراجعة القرار من طرف محكمة النقض. وأكد المجلس وجود نواقص على مستوى القانون المؤطر للجمعيات، مثيرا انتباه جميع المتدخلين والفاعلين المعنيين بالموضوع، للمساهمة بشكل أكثر فاعلية في توسيع الفضاء المدني وتعزيز الضامنات القانونية المتعلقة بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان. ودعا المجلس إلى تجديد مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بمسطرة التأسيس والتجديد، والتمويل، والاستفادة من القاعات العمومية لتنظيم الأنشطة، بما يضمن ممارسة حرية الجمعيات وفقا للدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية. حرية التظاهر وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره أن ممارسة الفعل الاحتجاجي في تزايد مضطرد، حيث وصل المعدل اليومي إلى حوالي 46 مظاهرة في اليوم، مشيرا أن هذه الممارسة الاحتجاجية تختلف من حيث خصائصها عن الحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب في السابق، سواء من ناحية المدة الزمنية، أو في نوعية قاعدتها المادية الحاملة للمطالب، وهو ما يعكس بحسبه الوعي المتزايد والقوي للمواطنين بحقوقهم. وأضاف أن ” هذه الحركات الاحتجاجية تحولت من فعل ممركز مؤطر "قانونيا"، إلى فعل احتجاجي منتشر على مستوى ربوع التراب الوطني، ومختلف في موضوعاته ومطالبه، إذ غالبا لا يتقيد المحتجون بالإجراءات القانونية والمسطرية المؤطرة لممارسة هذا الحق على أرض الواقع، و هذا النزوع المميز للتعبيرات العمومية الناشئة، غالبا ما يتسبب في الرفع من منسوب التوتر والاحتقان بين المتظاهرين والسلطات المسؤولة عن نفاذ القانون والحفاظ على الأمن”. وتطرق المجلس في تقريره إلى مجموعة من الاحتجاجات التي شهدها المغرب بالعام الماضي، ومن بينها مسيرات حركة “أكال”، واحتجاجات الأساتذة المتعاقدين، ومسيرات المكفوفين وضعاف البصر، ومسيرات عائلات المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة، واحتجاجات طلبة الطب، واعتصام “إيمضر”. وأكد المجلس على ضرورة ضمان حق التظاهر والتجمع السلمي حتى إن لم يستوفي مسطرة التصريح أو الإشعار.