عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن استنكارها لتصريحات عبد اللطيف وهبي وزير العدل بشأن منع المنظمات المدنية من إبلاغ النيابة العامة عن شبهات الفساد في تدبير الأموال العمومية. واستغربت الجمعية الحقوقية في بيان لها من هذه التصريحات، معتبرة أنها مقدمة لحماية المفسدين والفساد، والتستر على حجم الفساد المسترشي باعتراف هيئات الحكامة الرسمية، ودعم سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية. واعتبرت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب أن تصريحات وهبي تشجيع على استباحة المال والملك العموميين، والاغتناء غير المشروع، خاصة من طرف المنتخبين، ومن شأن تنزيلها المساس بالمبلغين عن الفساد. وأكدت الجمعية رفضها بشكل قطعي توفير أية حماية سياسية أو قانونية للمفسدين والفساد، داعية النيابة العامة إلى التفاعل الإيجابي مع الشكايات والمناشدات والطلبات، التي تعرضها الحركة الحقوقية على أنظارها، وذلك بفتح التحقيقات بشأنها وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، بدل تجاهلها أو حفظها، والحرص على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وكل المبلغين عن الفساد. واعتبرت الجمعية الحقوقية أن هذه التصريحات هي دعوة للإجهاز على دور منظمات المجتمع المدني في الاهتمام بالشأن العام ومكافحة الفساد، وخطوة رسمية في اتجاه المنع من التبليغ عن الجرائم المالية، ومقدمة لإضفاء المشروعية على الحرمان من الحق في التقاضي والانتصاف، والتشجيع على الإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية. وسجلت أكبر جمعية حقوقية أن هذا المنع يشكل إخلالا بالمادة 13 من اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وتجاهلا للتوصيات المنبثقة عن مؤتمرات الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وانتهاكا صريحا للمقتضيات الدستورية. كما اعتبرت تصريح وهبي انزياحا عن التصريح الحكومي وتملصا من مضامينه، وتنكرا لمضامين "الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد". ولفتت الجمعية الحقوقية إلى أن وزير العدل، من خلال تصريحه، في حالة تناقض تام مع المرجعية الأممية ذات الصلة بمحاربة الفساد، وما تفرضه من التزامات على المغرب، وفي تعارض بيِّن مع مقتضيات ومقاصد الدستور والتشريعات الوطنية، رافضة أسلوب التهديد والتحريض والاجتهاد في تعبئة المؤسسة التشريعية، لإبعادها من دورها في محاربة الفساد عبر آليات التبليغ والتقاضي. وطالبت الجمعية بجعل الفساد المالي أولوية لدى الحكومة، معبرة عن تخوفها من أن تكون تصريحات وهبي استهلالا لتضمين القانون الجنائي المنتظر نصوصا تمنع المجتمع المدني من تقديم الشكايات، ومن الترافع لمحاربة الفساد.