مما لا شك فيه أن جماعة العدل والإحسان ومنذ تأسيسها سعت وتسعى دائما إلى توحيد جهود الفاعلين من أبناء هذا الشعب الحبيب، ولا تترك مناسبة إلا وتذكر أن إصلاح حال البلد لا يمكن أن يتحقق إلا بمساهمة الجميع ومشاركة كل أطياف الشعب المغربي في عملية الإصلاح الحقيقية. من هذا المنطلق، تشارك الجماعة في جميع المبادرات والفعاليات واللقاءات بنفس تشاركي سعيا إلى توحيد الجهود والصفوف في معركة مواجهة الاستبداد، منفتحة على جميع التيارات والتوجهات السياسية التي تؤمن بأن مصلحة الشعب فوق كل شيء. كان ذلك مبدؤها من خلال المشاركة في حراك 20 فبراير وغيره من المبادرات، وما توصيات مجلس الشورى الأخير عنا ببعيدة، لكن التنسيق المقصود والتوافق المطلوب هو ذاك الذي يكون على أرضية واضحة وعلى ضوء أهداف محددة، يكون فيها المشترك بين الأطراف المشاركة هو موضوع النقاش والفعل، طبعا بما لا يصطدم مع الإرادة الشعبية. ففي مرحلة الزحف نحو غد الحرية يكون إسقاط الاستبداد من أول الأهداف التي تلتقي عليها إرادات المناضلين من كافة التوجهات، نناقش ونحاور فيما هو مشترك بيننا ونترك المسائل الخلافية جانبا، لأن طرحها قبل وأثناء مرحلة تستوجب التوحد والتضامن، قد يحدث ارتباكا في الوعي والفعل، وقد يؤدي إلى عرقلة عملية التنسيق وبالتالي تشتيت الصف بما يخدم مصلحة الاستبداد في الانفراد بكل طرف على حدى. هكذا وبناء على ما سبق، كانت مشاركة شباب الجماعة في حراك 20 فبراير، فلا يستطيع أحد إنكار ما تميز به شباب الجماعة من انضباط لما اتفق عليه الشباب منذ بدايات الحراك، لاعنف ولا انفراد بالمعركة ولا تميز في الشعارات والمطالب والرموز، لم يسجل على شباب الجماعة أي خرق لهذه المبادئ طيلة مشاركتها في الحراك، في مقابل سعي دائم من بعض أطراف اليسار لفرض لون معين وسقف معين وطقوس تعني ما تعني على الحراك الشعبي، صاحب ذلك صبر جميل من مناضلي الجماعة إيمانا منهم بضرورة التضحية وتقديم التنازلات في سبيل هدف أسمى وأنبل، لكن استمرار هذا الخرق بشكل ملفت كان من بين أسباب توقيف شباب الجماعة مشاركتهم في الحراك. مناسبة هذا المقال، هو ما يتردد مؤخرا على لسان بعض الشباب الذين جمعتهم أيام النضال تحت سقف حركة 20 فبراير بشباب الجماعة، يستغرب هؤلاء من مواقف شباب الجماعة من مجموعة من الأحداث الجارية الآن، مستنتجين من تلك المواقف أن الجماعة غيرت من مواقفها، أو أنها تظهر ما كانت تضمره أيام الحراك، أو في أحسن الأحوال أنها أصبحت في صف إسلاميي القصر، مع العلم أن كل ذلك مبني على غير أساس. لم يستسغ بعض العلمانيين موقف الجماعة من الثروة السورية، منتقدين موقف بعض نشطاء الجماعة الداعم للثورة. وتناسى هؤلاء أن موقف الجماعة ثابت لا يتغير من الاستبداد، سواء كان الاستبداد باسم العروبة أو باسم الدين أو تحت أي مسمى آخر فالموقف واضح، الحكم الفردي الاستبدادي الوراثي مرفوض شكلا ومضمونا وكفى. شن بعض الرفاق من مناضلي الأمس هجوما حادا على نشطاء الجماعة بعد موقفهم الرافض والمستنكر لبعض مظاهر التعري والشذوذ الذي يروج البعض أنه مظهر من مظاهر الاحتجاج، أراد رفاقنا أن يقوم أعضاء الجماعة بمساندة تلك المظاهر اللاأخلاقية، باعتبارها تدخل في إطار الحرية التي كانت تنادي بها الجماعة إبان الحراك !! تجاهل هؤلاء أن الجماعة لم تدع أبدا إلى حرية مطلقة تمكن الفرد من فعل ما شاء متى وأين شاء، فالحرية أكيد أنها تكون مسيجة بسياج نابع من إرادة الشعب وهويته ودينه، وإلا تكون فوضى عارمة. كيف يظن هؤلاء أن تساند الجماعة عاريات وشواذ ومرضى جنسيين يسعون "للنضال" بتلك الطرق المشينة؟ قد يحق للفرد فعل ما يشاء واعتقاد ما يريد دون مساسه بحرية الآخر، وفي هذا تفاصيل كثيرة. كما ندد الرفاق "الديمقراطيون جدا" بردة فعل بعض نشطاء الجماعة، خصوصا على الفايس بوك، بعد تصريحات " المفكر" عصيد، معتبرين –أي الرفاق- ما قام به عصيد من إساءة واضحة وصريحة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، رأي يندرج في إطار حرية التعبير !!، فيما صنفوا آراء غالبية نشطاء الفايس بوك ومنهم أعضاء الجماعة، الساخطة على هذه الجرأة على دين الله من قبل أمثال عصيد، صنف الرفاق هذه الآراء في خانة الحرب على حرية التعبير، والحملة الشعواء ضد أنصار الحرية...الكيل بمكيالين. والغريب أن يعاتب بعض المناضلين على أبناء الجماعة تفاعلهم مع التجارب الديمقراطية في دول الربيع العربي، مصر وتونس على وجه الخصوص، في ما يتعلق بتجربة حكم الإسلاميين في هذه الدول، فمن جهة يستنكر هؤلاء على أبناء العدل والإحسان تنويههم والتغيير الحقيقي الذي حصل في تلك البلدان خصوصا أن الثورة "لم تكتمل بعد" حسب قولهم، ما دامت لم تأت بالرفاق إلى سدة الحكم طبعا، ومن جهة أخرى يقيسون على بعض الأخطاء المرتكبة من قبل الإخوان أو النهضة، وعلى تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتونس نتيجة عقود من الديكتاتورية والفساد. نقول لرفاقنا أن الخطأ وارد في كل تجربة ديمقراطية، وأن الحكم هو الشعب والصندوق، فهو الذي جاء بالإسلاميين وهو القادر على رفضهم مستقبلا. يد الجماعة ممدودة دائما لجميع الأطراف من أجل التنسيق والتفاهم والحوار حول القضايا الكبرى للبلد، في إطار ميثاق واضح تحدد فيه الأهداف والغايات والوسائل. لكن أن يلعب الآخر دائما دور الأستاذ الذي يفهم ولا يعلى على فهمه في كل شيء، والذي يعتبر كل ما يفعله حرية وصواب وديمقراطية...وما يفعله غيره تطرف ورجعية، هذا من شأنه عرقلة جهود أي توافق، وبالتالي تفويت فرص مهمة للتكتل في وجه الاستبداد. فالمطلوب هو تضافر الجهود وتوحيد الصف من أجل تحقيق الإصلاح الحقيقي، كل ذلك في إطار من احترام خصوصيات كل الحساسيات، إن لم يكن بدافع الديمقراطية التي تدعو إلى احترام جميع الأفكار والتيارات والقبول بالآخر، فليكن بتقدير كل طرف لحجمه الحقيقي في الساحة السياسية ووسط الشعب.