حزب "الأحرار" يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (مؤجل الدورة 14).. الجيش الملكي يفوز على مضيفه المغرب التطواني (2-1)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    إدارة الأمن تسلح عناصرها بالأمن الجهوي بالحسيمة بجهاز متطور لشل الحركة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    قيوح يعطي انطلاقة المركز "كازا هب"    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    مهرجان جازا بلانكا يعود من جديد إلى الدار البيضاء    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هامش على متن فتح الله أرسلان
نشر في لكم يوم 27 - 12 - 2011

نشرت جريدة"أخبار اليوم"عدد:632(السبت/الأحد:24-25دجنبر)حوارا مع الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل و الإحسان،عقب تداعيات بيان الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة نفسها أعلن توقيف نشاط منتسبي الجماعة داخل حركة 20 فبراير،هذا البيان الذي حفل بجملة متناقضات و مناطق لبس و فراغات،لم تمّكن المراقب للمشهد السياسي من استكناه الأسباب الحقيقية لحدث بمثل هذه الأهمية،الذي استطاع أن يغطي على حدثين فارقين آخرين:انتخاب رئيس مجلس النواب و مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد.
و قد أملت أن تكون إجابات ذ.أرسلان في مستوى شعاري:الوضوح و المسؤولية اللذين ترفعهما الجماعة...و لكن خاب ظني،،،بحيث لم أجده إلا سالكا منهج الهروب إلى الأمام و المصادرة على المطلوب و الابتعاد عن الوضوح.
و بعيدا عن خطابات التخوين البئيسة التي طالت الجماعة ممن كانوا يتربصون في المنعطف منتظرين مثل هذه المبادرات ليشهروا في وجهها اتهامات متهافتة من قبيل:صفقة مع المخزن/عمالة لأمريكا/تبادل أدوار مع حزب العدالة و التنتمية،،،أحببت أن أناقش بعضا مما جاء في الحوار خصوصا ما له علاقة بمقولة"التسقيف"التي حان الوقت لإخراجها من ظلال اللبس إلى منطقة النقاش الصريح المسؤول.
يقول ذ.أرسلان:"...لكن آخرين أصروا على بسط هيمنتهم على الحركة،و صبغها بألوانهم الإيديولوجية،و قلت آخرين لأنني لا أعمم،فقد وجدنا في باقي المكونات من هيئات و شباب مستقل نعم الشركاء،و قد راهنا على عامل الزمن لتعالج هذه العراقيل،لكن لم يزدد الأمر إلا تفاقما"
أستغرب مثل هذا الكلام غير الواضح بتاتا،،،من هذه الأطراف التي سعت إلى الهيمنة؟؟..و من تلك التي كانت نعم الشركاء؟؟ و أين تتجلى الهيمنة؟؟ و قد كانت كل القرارات تنبثق عن الجموع العامة التي كان حضور نشطاء الجماعة لافتا فيها،،حتى على مستوى الشعارات لم يسبق أن رفعت شعارات إيديولوجية إلا ما كان من انزلاقات هامشية عابرة من الأطراف كلها:الإسلامية و اليسارية و الأمازيغية...و احتراما لذكاء القارئ لا نعتقد أن طرفا يساريا ما مهما بلغت قوته قادر على الهيمنة على حركة تساهم فيها الجماعة بقوة عددها و لوجيستيكها،،و الجميع يعلم أن هناك تنسيقيات كانت الهيمنة فيها للجماعة واضحة،،كما كانت هناك مواقع بلغ التنسيق فيها بين الجماعة و أطراف يسارية أخرى حد عقد لقاءات تشاورية و تنسيقية خارج الجموع العامة.
يقول ذ.أرسلان:"...لأن الحركة بسقفها المفروض و وتيرتها وصلت إلى أقصى ما يمكن أن تحقق،و كان لزاما مراجعة أساليبها و وتيرتها،و هذا ما كان يطرحه شبابنا و كل من نشترك معهم هذا التقييم،و لكن ووجهنا بحرب شرسة".
حرب؟؟؟...من شنّ هذه الحرب؟؟،،هنا ينبغي التوقف مليّا فيما يخص مراجعة الأساليب،،،لا يمكن لمراقب موضوعي من داخل الحراك أو من خارجه إلاّ أن يتفق أنّ ثمة تراجعا في أداء الحركة و في حجم التجاوب الشعبي مع المسيرات لأسباب ذاتية و موضوعية،و لكن على ذ.أرسلان أن يعترف كذلك أنّ شباب العدل و الإحسان لم يثيروا هذا الموضوع البتة،،و أنا شاهد على أنّها كانت ضد توقيف المسيرات مرحليا لحين فتح نقاش داخلي يفرز آليات و استراتيجيات جديدة لاستعادة المبادرة و استرجاع الزخم الذي كان،،،ثمّ لو صح أنّ الجماعة كانت ترى هذا الرأي، ألم يكن من الأجدى نقاشه مع الشركاء سواء داخل المجلس الوطني للدعم(الممثلة فيه الجماعة في أعلى هيئة تقريرية و هي لجنة المتابعة،و التي لم تكلف نفسها عناء إخبارها بقرارها حتى بعد صدوره احتراما للتعاقدات التي وقعت عليها بشكل رسمي في البيان التأسيسي للمجلس)أو داخل الجموع العامة للحركة وفاء لتعاقداتها مع الأطراف الأخرى بما فيهم المستقلون،عوض الانفراد بقرار فوقي فرض من الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة على نشطائها قبل شركائها،و الدليل هو حالة الارتباك التي كانت بادية على وجوه مناضلي الجماعة حال توصلهم بالقرار وسط المسيرات مساء الأحد 18 دجنبر،فإذا كنا لا نملك إلا احترام خيارات الجماعة و قراراتها(مع أن المنطقي كان هو انسحابها من مجلس الدعم حيث التمثيلية السياسية،أما داخل الحركة فالانتماء شخصي حصرا،ألم يكن حريا والحالة هاته الانسحاب من مجلس الدعم و ترك الحرية للأفراد فيما يخص المساهمة داخل الحركة كما فعلت على الأقل الأطراف التي ننعتها بالإصلاحية و غير المتفقة مع مطالب الحركة و أشكالها النضالية) ،فإنّنا بالقدر نفسه لا نستسيغ آليات تنزيل القرار في علاقتها بالشركاء السياسيين في إطار مجلس الدعم أو الشركاء الميدانيين في إطار حركة 20 فبراير، مما يجعل أي تنسيق مستقبلي تخيم عليه ظلال اللاثقة.
يقول ذ.أرسلان:"...لكنّ الذي حصل أنّ بعض الأطراف سعت بكل إصرار إلى فرض سقف محدد و مسيج و مكبل للحركة،بالقدر الذي يجعلها لا تتجاوز دور ضبط و كبح الشارع و تنفيس الغضب الشعبي"
سأحاول ان أكون أكثر وضوحا من ذ.أرسلان،الذي لم يشأ أن يفصح عن ماهية هذا "السقف"، حتى يترك لسفنه خط الرجعة سالكا إذا ما قررت الجماعة يوما ما تبني هذا السقف نفسه،،الذي هو الملكية البرلمانية،،و كل نبيه يعلم أن هذا "السقف"ما هو إلا خيار على الدرجة نفسها من الجرأة مع خيار "الجمهورية"،و اختيار شكل النظام السياسي في إطار ديموقراطي لا يقوم على المفاضلة بينهما، بل يقوم على الإمكان الموضوعي و على حساب التكلفة و الشرط التاريخي و الثقافي(و بالمقارنة نجد أن كل الملكيات البرلمانية ديموقراطية بينما ليست كل الجمهوريات ديموقراطية، سنعود لهذا الموضوع لاحقا)،أما السقف المتجاوز للملكية البرلمانية(و بالتالي للجمهورية الديموقراطية، ما دام كلا النظامين يرتكزان على الآليات و القيم و القواعد الأساس نفسها،و لا يختلفان إلا من حيث الأبعاد السيميائية و الرمزية و البروتوكولية) فلن يكون إلا سقفا غير ديموقراطي و شموليا يجد أفقه في الدولة الدينية حيث الدعوة تقود الدولة أو في ديكتاتورية البروليتاريا /الحزب الواحد.
كما أنّ على المرء أن يكون عادلا و منصفا،،فالأطراف المناضلة من أجل ملكية برلمانية هي من تنازلت،و ليس الأطراف الأخرى،باعتبار أنّ الأرضية التأسيسية للحركة نادت بالملكية البرلمانية،و حفاظا على العمل المشترك تمت التضحية بهذا المطلب لصالح مطلب مفتوح على كل الاحتمالات، و لا يحدد أفقا و هو" مطلب الدستور الديموقراطي"،و الذي في اعتقادي الشخصي كان من عوامل عدم وضوح العرض السياسي لدى الأطراف المعارضة في الشارع، مما أفقدها المبادرة و جعل جهودها مشتتة خصوصا إبان معركة مقاطعة الدستور،حيث لم نستطع أن نقدم عرضا دستوريا واضحا أمام العرض الذي قدمه القصر و الذي كرّس الملكية التنفيذية رغم الهوامش التي فتحها مقارنة مع الدستور السابق.(استطاع الائتلاف من أجل ملكية برلمانية أن يصوغ عرضا مضادا و لكن حفاظا على وحدة الحركة لم يسع لجعل الحركة تتبناه).
و في إطار الوضوح نوّد فهم طبيعة النظام السياسي الذي تريده الجماعة-و شركاؤها في مطلب الدستور الديموقراطي-،،الذي لا يجب أن يكون أمام رفض مطلب الملكية البرلمانية سوى الخيار "الجمهوري"،،و هنا يلزم غير قليل من الصبر لفهم الفراغات في خطاب الجماعة،فأرسلان يقول في تصريح سابق ل"أخبار اليوم" إنّ الجماعة لا مشكل لها مع الملكية البرلمانية بل ما يهمها هو المحتوى الديموقراطي،ليعقب عليه مرشد الجماعة في شريط فيديو يسخر فيه من الحكم الوراثي(إلا إذا كان المرشد يقيم فاصلا بين الملك و الحكم )،،تصرح نادية ياسين في حوارها الشهير مع"الأسبوعية" أنّ النظام الجمهوري هو الأقرب لروح الإسلام،ثم تتدارك بعد الضجة لكي لا تحمل الجماعة وزر تصريحها فتعلن أنّ هذا رأيها باعتبارها أكاديمية و ليست سياسية(أية أكاديمية في حكم القيمة هذا و التاريخ الإسلامي كله قبل الاستعمار لم يعرف و لو نظاما سياسيا واحدا يختار فيه الشعب حاكميه،باستثناء فترات قصيرة من الخلافة الراشدة حيث حل أهل الحل و العقد محل الأمة في الاختيار،لكن هذا ليس بمستغرب من "أكاديمية"تقول في الحوار نفسه إنّ علينا أن نستفيد من إرثنا المنفتح و تقدم ابن رشد نموذجا،هذا النموذج الذي يرفضه ذ.عبد السلام ياسين لصالح نموذج الغزالي،و كأني بنادية لم تقرأ كتاب محنة العقل المسلم للسيد الوالد الذي تفتخر بانتمائها لمدرسته المنهاجية)،لقد دعا ذ.عبد السلام ياسين ذات سبعينيات الملك الراحل إلى التوبة العمرية(لا التخلي عن الحكم الوراثي باعتبار أن العلة التأسيسية لحكم عمر بن عبد العزيز كانت وراثة أموية عضوضا)،و عاد و نحن على مشارف الألفية الثالثة ليدعو ابنه محمدا السادس إلى إعادة الأموال المنهوبة(لا التخلي عن الحكم و التنازل عن العرش لصالح الأمة تختار من تراه الأصلح)،،لم تخاطب الجماعة في تاريخها الملك إلا بمنطق معارض لا يتجاوز سقف "النصيحة"المستمد من إرث"الفقه السلطاني"الذي يؤطر علاقة الحاكم بالسلطان ، أو في أحسن الأحوال من تجربة"العلماء الناصحين"الذين كانوا لا يرون حاجة لتغيير الحكام خوفا على وحدة الأمة و الأرض و اتقاء "الفتنة"و "التنازع".
و يبقى هذا النقاش فقط لتوضيح المواقف لأننا بعيدين في هذه اللحظة عن تقرير شكل النظام السياسي حتى يتحدث البعض عن "التسقيف"و كأن إمكان التغيير كان ممكنا لولا "جبن"و "تخاذل" أنصار"الملكية البرلمانية"،و الحال أننا نحتاج لقدر غير يسير من التواضع،لنقر أن ميزان القوى و إن عرف بعض التململ مع بداية الربيع المغربي(إسقاط برنامج تونسةالمغرب و مخطط تهميش السياسي لصالح مفهوم للتنمية الاقتصادية يعتمد التكنقرطة)،فإن النظام استطاع أن يسترجع المبادرة و يدخلنا في مأزق رد الفعل(الدستور و الانتخابات السابقة لأوانها و فوز العدالة و التنمية).
لقد كنا الوحيدين في إطار ائتلاف الملكية البرلمانية من نظم نقاشات عمومية بمشاركة من يتموقعون على يمين الملكية البرلمانية(العدالة و التنمية-الاتحاد الاشتراكي-التقدم و الاشتراكية) و من يتموقعون على يسارها(العدل و الإحسان-النهج الديموقراطي)،و كنا حريصين على استمرار النقاش و مأسسته،، و طرحنا مقترح تطوير نقاش بين الإسلاميين و العلمانيين يلامس كل القضايا الشائكة بما فيها حدود الدولة المدنية و إشكالات الحريات العامة و الفردية ،على أمل الوصول لوثيقة مماثلة لميثاق 18 أكتوبر بين القوى التونسية المعارضة لبنعلي،،لكن للأمانة التاريخية فأغلب الأطراف بما فيها الجماعة لم تشأ الخوض في مثل هكذا نقاش خوفا من تفجير العمل المشترك،و كان طبيعيا أن تظهر التناقضات لاحقا التي تم الهروب من نقاشها،،رغم أن التجربة التاريخية تعطينا إمكانيات للعمل المشترك ميدانيا مع استمرار الصراع الفكري و الإيديولوجي،لكننا في المغرب للأسف اخترنا الطريق السهل الذي يمر إما من التنسيق الميداني و ممارسة سياسة دفن النعامة رأسها في الرمال بخصوص التناقضات الإيديولوجية، أو جعل هذه التناقضات هي التناقض الأساس مما يطيل في عمر الاستبداد.
إن الذين يتهمون مكونات الائتلاف من أجل ملكية برلمانية ب"تسقيف "أفق الحراك،مما يشي باتهام مبطن بانعدام الجرأة،او ممارسة المساومات على حساب الحركة،يجب ان يجيبونا عن من الإطار الذي فتح نقاشا عموميا جريئا في علاقة الملكية التنفيذبة الحالية بالاقتصاد الوطني و الريع و الفساد،و سمينا الأشياء بمسمياتها سواء فيما يخص الشركات المرتبطة بالقصر أو الدائرة في فلك المقربين منه،و لم نختبئ وراء العبارات المسكوكة من قبل "المخزن"أو"النظام الجبري"أو"الكمبرادور،،ليقيننا أن مغرب ما بعد 20 فبراير يقتضي الجرأة في النقاش و الوضوح في صياغة العبارة السياسية.
إنّ الجماعة تتكلم و كأنّها كانت تروم التصعيد من داخل الحركة و تجاوز "سقف" الشعارات المرفوعة و تطوير الآليات في اتجاه أكثر راديكالية،،و الذي عاش الحراك من الداخل يعرف تمام المعرفة أنّ الجماعة كانت ضد رفع شعارات تمس بالنظام أو بالملك،و بأنّها كانت ضد تحويل المسيرات إلى اعتصامات مفتوحة(مثال طنجة غير بعيد زمنيا)،بل إنّها كانت ضد تغيير مجرى المسيرات نحو البؤر السكانية الملتهبة(مسيرة سيدي مومن بالبيضاء نموذجا حيث وقف شباب الجماعة ضد توجيه المسيرة صوب أحياء الصفيح)،،لقد كان أداؤها قمة في "الإصلاحية"،،فلماذا التدثر الآن بخطاب"ثوري"،،،و هنا أنا لا أنتقد خيارات الجماعة داخل الحراك،لأنّ الواقع الموضوعي لم يكن يحتمل مغامرات "ثورنجية"،إنّما ما أعيبه انتقاد الجماعة لأفق هي من ساهمت في تكريسه ودافعت عنه بشراسة أحيانا.
يقول ذ.أرسلان:"..الذي سنفعله سنحتفظ به لأنفسنا،و لمّا انخرطنا في حركة 20 فبراير،قمنا بذلك عن طريق شبابنا و هو جزء من مكونات جماعتنا،لكن بقي جزء كبير من تنظيمنا يشتغل خارج يافطة الحركة الشبابية،فقد بقينا ملتزمين بنضالاتنا في الجامعات و داخل القطاعات العمالية...) و هي لازمة كررها و باقي قيادة الجماعة في غير ما حوار،،و هذا كلام لا يحتاج قارئه لاستكناه طبيعة التعالي فيه و نفحة الفوقية...و كأنّني بالجماعة تحضرنا لحدث جلل ،ستفاجئ به شعبا ليس في نظرها إلاّ قطيعا لا يشرك في صناعة قرار تطبخه الجماعة،لا أدري أعلى نار هادئة ام في طنجرة ضغظ...نتمنى صادقين أن لا يكون مصيره كمصير وعود سابقة أخلفت(2006) حتى لا تتضرر مصداقية الجماعة.
ثم كيف يدعو شبابكم الشعب المغربي للمشاركة في المسيرات،فيما أنتم تقرون أنّ جزءا كبيرا من تنظيمكم كان يشتغل خارج يافطة الحركة الشبابية(نتمنى أن لا يكون قولكم هذا مجرد تغطية عن انكشاف حقيقة القوة العددية للجماعة و حجم قدرتها التأطيرية في الشارع)،،،و عن أية قطاع عمالي أو طلابي تتحدثون؟؟،،و أنتم لم تستطيعوا مواجهة حتى البيروقراطية النقابية المتنفذة،و التي كانت من أسباب محاصرة زخم الحراك الشعبي حين دخلت في تواطئات أسفرت عن اتفاقات بئيسة في أوج الحراك مما لجّم مشاركة العمال و المأجورين،،و أية نضالات طلابية؟؟و الكل يعلم أنّ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كان خارج سياق ربيع الثورات العربية،،بل إنّ من أسباب ضعف امتداد الحراك أفقيا هو غياب الإسناد العمالي و الطلابي،،و للأسف فأطراف من اليسار المتنفذ نقابيا لم يشأ المغامرة بمواقعه و توافقاته المصلحية مع البيروقراطية النقابية،،و جماعة العدل و الإحسان لم تشأ(أو لم تستطع) أن تدفع بواجهتها الطلابية المسيطرة على"تعاضديات"الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في اتجاه تعضيد حركة الشارع...في هذه المرة لم يكن لكل معركة جماهيرية صداها لا في الجامعة و لا في المعامل و أماكن الإنتاج إلا ما ندر،،،
في تقديري الشخصي أن الجماعة و بعد 10 أشهر من الحضور في الشارع وجدت نفسها في وضعية صعبة خصوصا بعد فوز العدالة و التنمية بالانتخابات،،باعتبار أن خيار المشاركة السياسية أصبح أكثر إغراء للمتعاطفين مع التيار الإسلامي،كما استطاع أن يوجد حالة من الأمل لدى شرائح واسعة من الرأي العام(نقر بأنّه أمل عابر لأنّه قائم على اللحظة الانفعالية )،و هنا أصبح استمرار الجماعة في الحراك الحالي بصيغته الراهنة لا يخدم أجندتها الاستقطابية ،فضلا عن تكلفته المرتفعة التي يستفيد منها سياسيا طرف إسلامي آخر منافس على الهيمنة على الصوت الإسلامي(هنا لا بد من إعادة النظر في اعتبار جماعة العدل و الإحسان أقوى فصيل إسلامي بالنظر لقوة حركة التوحيد و الإصلاح و أذرعها السياسية و الحقوقية و النقابية و الجمعوية)،كما أن المراهنة على التصعيد من داخل الحراك أصبح صعبا باعتبار حالة الانحسار التي يعرفها الحراك(انحسار ظرفي تعرفه كل الحراكات و مببررات استعادة الزخم ما زالت موجودة و ربما ستكون أقوى في المستقبل القريب)،،و بالتالي لم يكن أمام الجماعة من خيار إلا توقيف مساهمتها ظنا منها أن الحركة في طريقها إلى الفشل،،ففضلت الانسحاب من السفينة قبل غرقها،،حتى إذا كان الفشل فليتحمل اليسار مسؤوليته،،و حتى يتم ربط تراجع أعداد المشاركين في المسيرات(الطبيعي بعد حالة الإنهاك سواء انسحبت الجماعة أو لم تنسحب) بعدم مشاركة الجماعة.
أقدر أن الجماعة و من خلال بيانها و تصريحات قيادتها وجدت نفسها في حالة دفاع لا في حالة هجوم كما تدعي بالنظر إلى بحثها الدؤوب عن مببرات لهذه الخطوات،،مبررات متناقضة و متعارضة،فمرة مرتبطة باستنفاد الحراك لممكناته،،و مرة مرتبطة بأطراف لا تسميها منها من "يسقف"و منها من "يساوم"ومنها من "يؤدلج"و مرة لأن الحراك ليس إلا تنفيسا عن الغضب،و الأغرب هو اعتبار الانسحاب من الشارع ضربة للنظام،يحتاج المرء لعبقرية خارقة لفهم هذه المعادلة،التي تشبه في طرافتها بيان الاتحاد الاشتراكي القائل إن الشعب اختار الاتحاد الاشتراكي في المعارضة(لم نعرف انتخابات يختار فيها الناخبون المعارضة لا الحكومة)،،إنه زمن الارتباك و العجز عن مصارحة الذات بضرورة القيام بالنقد الذاتي و المراجعات المطلوبة قبل فوات الأوان،،أما حركة 20 فبراير فانبثقت من حاجة مجتمعية(شبيبية أساسا)في سياق مساعد،،و لا زالت مبررات استمرارها قائمة و تراجعها مرحليا لا يعني استنفادها لممكناتها،بل الأمر يرجع لقدرة النظام على الالتفاف على مطالبها و استرجاعه للمبادرة ،و لا يضيرنا في شيئ الاعتراف للخصم بنجاح مناوراته،،و لكن تأجيل المشاكل عبر المسكنات الظرفية عوض حلها لن يسهم إلا في عودة الحركة بزخم أقوى.
عضو سكرتارية الائتلاف من أجل ملكية برلمانية الآن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.