تعرض المناضل الأمازيغي الحقوقي لحملة مغرضة هوجاء من طرف القوى الظلامية التي تجسدها الحركات الإسلامية المتطرفة الدموية التي لها رصيد غير مشرف في القتل والتهديد والتعنيف والتسلط منذ قرون. ويرجع سبب هذا التهديد الصريح بالقتل والتصفية الجسدية إلى النشاط والحيوية الفكرية والسجال الفلسفي والمنطقي الذي واجه به الرجل ظلامية الفكر السلفي. وبين عبر مقالاته ومناظراته عن ضعف وهشاشة وتهافت السلفيين وفكرهم الصغير الذي لا يناسب العصر ولا يتماشى مع متطلبات الوقت الحقوقية. وهو الأمر الذي لم يستسيغوه ولم يتقبلوه كعادتهم. واتبعوا في ذلك نهجهم القديم الجديد في إسكات الأصوات الحرة المفكرة، تماما كما فعلوا مع مفكرين آخرين، سلبوا منهم حياتهم لأنهم عجزوا كل العجز عن مسايرة منطقهم القوي في الحجاج والتناظر والمقارعة الفكرية والسياسية الحضارية وكشف جهلهم للعموم. ولن ينسى التاريخ جرائمهم في حق مبادئ الحرية والكرامة التي تضمنها المرجعيات الدولية لحقوق الإنسان للمفكرين والكتاب للتعبير عن آرائهم وأفكارهم وتوجهاتهم بكل انطلاق وحرية. لقد دق السلفيون بالمغرب آخر مسمار لهم في نعش الفكر الظلامي الموسوم بالجهل والعنجهية. جهل وعنف لم تعد تخفيه مظاهر عدم إعفاء اللحى وقص الشوارب، أو شعارات "المراجعات" التي شنفوا بها الأسماع وسودوا بها الصفحات اتقاء بطش الأقوياء في انتظار لحظة الإنقضاض والتسلط. هاهم يخرجون إذن من جحور الفكر الأسود بعدما لعقوا الأحذية والجزم وانبطحوا أذل انبطاح للخروج من الزنازن. لقد وصلت الصفاقة بسلفيي المغرب إلى تعيين أعداء الله من أصدقائه، حيث جعلوا من أنفسهم وسطاء بين الله والإنس اصطفاهم ليكونوا جنودا مجندة وراءه، أو أمامه، ليدافعوا عنه لصد الكفرة والمشركين. وكان ذلك واضحا أشد الوضوح في وصف الكتاني، الذي يربط نفسه ب"الشرف"، لأحمد عصيد ب"عدو الله"، وهو الأمر الذي انتقل إلى بعض أإمة المساجد السلفيين والظلاميين. وهم غافلون عن أن الله لا يحتاج أبدا، وهو العظيم الجليل القدير، إلى أجهل خلقه وأضحوكة العالمين ليدافعوا عنه. إن تعرض الأستاذ أحمد عصيد للتهديد بالتصفية الجسدية بسبب قناعاته الفكرية يستلزم من الدولة المغربية أن تتحمل كافة مسؤولياتها القانونية و محاسبة المحرضين على القتل ومعاقبتهم بشدة على تهديدهم لحياة المواطنين وأمنهم وسلامتهم، وأيضا على خرقهم لأبسط المبادئ الديموقراطية المتمثلة في حرية التعبير والرأي التي تكفلها قوانين الدولة وكذا جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما يتوجب على الدولة أيضا أن تُعمل القانون وتحرص أشد ما يكون الحرص على تطبيقه ومعاقبة وزجر المحرضين والظلاميين الذين يستغلون الفضاءات والمنشآت الدينية العمومية لتصريف دعوات ومواقف مغرضة تروم تحريض المواطنين على بعضهم البعض وتزرع بينهم الكراهية والفتنة تحت غطاء ديني مليء بالحقد والتغليط والتجهيل. الفضاءات الدينية العمومية ملك للجميع وليست حكرا على تيار ديني مغلق يجعل من معادة الحياة والبشرية والمواطنة أساسا للإنتماء إليه.