شرعت خمسة و ثلاثون من وسائل الإعلام العالمية اليوم الخميس في الكشف عن أسماء الأشخاص الذين لديهم حسابات أو شركات مسجلة في بلدان تعتبر ملاذات ضريبة. في المغرب، سبق لموقع لكم.كوم في نسخته الفرنسية أن كشف عن وجود عدة أشخاص مقربين جدا من رأس السلطة لديهم ارتباطات بالملاذات الضريبية، ولكن إلى حد الآن، لم يتحرك أي إجراء رسمي للكشف عن الملابسات والتفاصيل ... في فرنسا خلقت الأنباء الأولى في هذا الملف صدمة إعلامية قوية صباح اليوم الخميس، فقد كشفت صحيفة لوموند أن أمين المال السابق لحملة الرئيس فرانسوا هولاند، جان جاك أوجييه يمتلك شركتين اثنتين مقرهما في جزر كايمان. ومن المتوقع أن تنكشف قريبا اسماء أخرى في أماكن متفرقة من العالم حيث تتعاون 35 من المؤسسات الإعلامية الدولية على معالجة التسريبات انطلاقا من رصيد يبلغ مليونين ونصف من الوثائق المتعلقة بهذه الشركات، توصلت الشبكة الدولية لصحفيي التحقيق (ICIJ) التي يوجد مقرها في واشنطن. هذه الوثائق – نسخ من الفاكسات والعقود وجوازات السفر، ورسائل البريد الالكتروني ومراسلات بنكية وغيرها – صدرت عن شركتين متخصصتين في تسجيل الشركات في الملاذات الضريبة، اشتغل عليها خلال عدة أشهر فريق من أكثر من 80 صحفيا من جميع أنحاء العالم. في المغرب، حيث لا توجد أية مؤسسة إعلامية مساهمة في هذا العمل الجماعي، هناك عدة شخصيات مقربة جدا من السلطة ولها ارتباط بالملاذات الضريبية وبعمليات مبهمة، كشف عنها تحقيق لموقع لكم.كوم حول استغلال مقالع الرمال، نشر في شهر يناير الماضي. فالشركات المعنية، بالإضافة إلى كونها مسجلة في بلدان تعتبر ملاذات ضريبية فهي تعمل في مجال مقالع الرمال و الأحجار الذي يتحكم فيه منطق الريع، حيث يتمتع المقربون من السلطة بامتيازات هائلة دون غيرهم. المغرب وجزر فيرجن البريطانية من بين الشركات التي اكتشفها موقع لكم، هناك شركة Millenium Invest Limited المسجلة في جزر الفيرجن البريطانية، والتي حصلت سنة 2009 على رخصة من السلطات لاستغلال مقلع مساحته 51 هكتارا على المِلك الخاص للدولة. هذه الشركة لها مساهمون غير معروفين ومنذ إنشائها لم تصرح بأنشطتها ولا بأية أرباح. أما ممثلها في المغرب فهو السيد Antonio Mavica، الذي يشتغل كمُدبِّر للثروات في سويسرا، فإنه يُسيِّر أيضا شركة ثانية مقرها في جزر الفرجن البريطانية اسمها Clarkenson Group SA التي يُجهل المساهمون فيها، و قد ربطتهم صفقات تجارية في المغرب مع العديد من الأشخاص من بينهم حسن المنصوري، الذراع الأيمن لمنير الماجدي الكاتب الخاص للملك. عندما استفسر موقع لكم.كوم حسن المنصوري أجاب أنه لا يرى أي مانع من التعامل مع شركات مقيمة في الملاذات الضريبية موضحا "إنهم مستثمرون أجانب خواص دفعتهم الأزمة المالية العالمية لتغيير استراتيجيتهم ولا يسعنا إلا أن تمنى عودتهم". هناك شركة أخرى اكتشفها لكم.كوم، اسمها MDS Participations SA المسجلة في اللوكسمبورج والمرتبطة في مجال مقالع الأحجار في المغرب مع رشيد فهمان، وهو رجل مقرب من القصر ونائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لرياضة الفروسية. هنا أيضا يبقى المساهمون في الرأسمال غير معروفين، بينما الذي يمثل الشركةَ في المغرب هي الموثقة لبنى الماجيدي شقيقة منير الماجدي. وهنا مرة أخرى لم تصرح الشركة بأية أرباح خلال مدة نشاطها. كل هذه الشركات وهذه الشخصيات المغربية لم تخضع لأي تحقيق عمومي منذ نشر الملف من طرف لكم.كوم، رغم أن مديرية الضرائب أقرت أنها قد أخذت في الاعتبار هذه المعلومات. الملاذات الضريبية تهديد للديمقراطية بعد التسريبات الأولى من Offshore Leaks كتبتت المديرة الجديدة لصحيفة لوموند Natalie Nougayrède افتتاحية تندد فيها بغموض هذه المنظومة برمتها وتطالب من الحكومات أن تتحرك بحزم، موضحة أن "الملاذات الضريبية هي تهديد للديمقراطية. إنها تقوض سيادة القانون من خلال اللعب على إخفاء المعلومات، إنها توفر الملجأ لكل المحتالين وتشجع على اختلاس الثروات العمومية في الدول التي تزدهر فيها مظاهر الرشوة وينتعش الفساد." لقد صدق من قال إن الفساد لا وطن له.