دخل الصحفي سليمان الريسوني، عامه الثاني على التوالي من الاعتقال، في انتظار محاكمته على خلفية شكوى تقدم بها شاب يتهمه فيها ب"اعتداء جنسي"، وهو الاتهام الذي ينفيه الصحفي. ويعد الريسوني، الذي يعرف بقلمه الجريء ومقالاته المنتقدة للسلطة، من أبرز الصحفيين على الساحة الإعلامية المغربية. ورغم توقيفه لأكثر من عام، لم يصدر بحق الريسوني أي حكم في التهم الموجه له، ما دفعه في 8 أبريل الماضي، للدخول في إضراب عن الطعام. ومع اقتراب الإضراب من 3 أشهر، تعبر مؤسسات حقوقية عديدة من مخاوفها إزاء الوضع الصحي للريسوني وسط تأكيد متكرر من السلطات أنه بخير. ابن الشمال ولد سليمان، في الخامس من يونيو 1972، بمدينة القصر الكبير، حيث كبر وترعرع وأكمل تعليمه المدرسي فيها، قبل حصوله على شهادة الثانوية العامة والتحاقه بالمدرسة الإدارية. درس أيضا الأدب العصري، وعقب حصوله على الشهادة الجامعية، التحق بالعمل في إحدى بلديات الشمال كضابط للحالة المدنية (السجل المدني)، والتي بقي مشتغلا فيها إلى حدود عام 2008، قبل أن يغادرها من أجل خوض غمار العمل الصحفي. اليساري الحقوقي على الرغم من كونه الأخ الأصغر لأحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة "التوحيد والإصلاح" (الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي)، الرئيس الحالي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلا أن سليمان، اختار لنفسه طريقا مغايرا، بتبني توجه سياسي يساري. توجه كان من محطاته نشاط الريسوني ضمن صفوف حزب "النهج الديمقراطي". ويعرف لسليمان، نشاط حقوقي بارز على الساحة المغربية، كان من محطاته تأسيس فرع "أطاك المغرب" بمدينة العرائش، وهي الجمعية التي تقدم نفسها كجمعية تثقيف شعبي متجه نحو الفعل النضالي، ضد السياسات النيو-ليبرالية للمؤسسات الاقتصادية الدولية. إلى جانب عضويته ونشاطه في صفوف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعد أكبر منظمة حقوقية في المغرب. وكان الريسوني أيضا عضوا بارزا في عدد من لجان دعم ومؤازرة صحفيين مغاربة خلال فترة اعتقالهم، من أبرزهم "علي مرابط"، و"علي أنوزلا"، و"عمر الراضي"، و"توفيق بوعشرين"، و"حميد مهداوي"، و"هاجر الريسوني". صحفي لاذع عقب استقالته من العمل كضابط للحالة المدنية عام 2008، بدأ الريسوني عمله الصحفي في عدة منابر صحفية مغربية خاصة، كان أولها صحيفة "نيشان" قبل الانتقال للعمل في جريدة "المساء"، ثم إشرافه على مجلة "أوال". مسيرة لافته سطرها الريسوني في الميدان الصحفي، توجها بتأسيس "موقع الأول" قبل أن ينسحب منه، جراء خلاف حول الخط التحريري للموقع، بحسب زوجته "خلود المختاري". وتقول المختاري للأناضول، إن زوجها توجه بعد انسحابه من موقع "الأول" إلى الابتعاد عن العمل الصحفي، والتفرغ لكتابة رواية حول مدينة طنجة، التي تعلق بها وأحبها. تفرغ قَطعهُ بطلب من دفاع الصحفي المعتقل توفيق بوعشرين، من أجل الالتحاق بجريدة "أخبار اليوم" (توقفت عن الصدور) وقيادة دفة سفينتها بعد اعتقال مالكها (بوعشرين) . وجرى اعتقال بوعشرين، مطلع عام 2018، قبل أن يحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة "الاتجار بالبشر، واستعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي". وهي التهم التي ينفيها بوعشرين، ويقول إنها "ملفقة للإساءة إليه"، بسبب مواقفه المعبر عنها في افتتاحياته النارية التي كان ينشرها بشكل يومي في صحيفته. الطلب الذي لباه الريسوني للالتحاق بجريدة "أخبار اليوم" كمستشار للتحرير، تغير ليتولى لاحقا مهمة رئاسة تحريرها. عامان من العمل في صفوف "أخبار اليوم" (بين 2018-2020) شهدت كتابته العديد من المقالات اللاذعة والمنتقدة للسلطة في المغرب. اعتقال وإضراب عن الطعام قلم جريء كان قدره التوقف عن الكتابة في ماي 2020، حين اعتقلت السلطات الريسوني، بناء على شكوى تقدم بها شاب يتهمه فيها ب "اعتداء جنسي"، وهو ما ينفي الصحفي صحته. وبحسب ما أفادت به زوجته المختاري، فإن زوجها كان ينوي ترك العمل في جريدة "أخبار اليوم"، والعودة إلى كتابة روايته عن مدينة طنجة. وأضافت أن اعتقال زوجها جاء قبل أسبوع واحد فقط من التاريخ الذي كان ينوي فيه ترك العمل بالجريدة. اعتقال لأكثر من عام وجلسات محاكمة متعددة، لم يصدر خلالها بحق الريسوني أي حكم في التهم الموجه له. وضعية أعلن معها الصحفي في 8 أبريل الماضي، دخوله في إضراب عن الطعام، احتجاجا على استمرار توقيفه "احتياطيا" منذ أكثر من عام، ومطالبا بالإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح. إضراب متواصل تعالت معه دعوات هيئات ومؤسسات حقوقية مغربية إلى الإفراج عن الريسوني، محذرة من نتائج "مفجعة" بعد تجاوز إضرابه عن الطعام، نحو 3 أشهر. وتنفي السلطات المغربية مرارا، صحة الأخبار التي تقول إن الريسوني في حالة متدهورة ويحتضر جراء إضرابه عن الطعام، كما أنها تنفي حدوث أي تراجع على مستوى الحقوق وحرية التعبير في البلاد.