قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن ممارسة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لا تزال شائعة وتمارس على نطاق واسع في مختلف مراكز الاحتجاز بالمغرب. وأوضحت الجمعية في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، أن هذه الممارسات تمارس من طرف الأجهزة الأمنية على إثر عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي، سواء أثناء الحراسة النظرية أو في السجون أو في مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية، وأثناء قمع المظاهرات السلمية والاستخدام المفرط للقوة في تفريقها. وأكدت أن مثل هذه الممارسات تمس أساسا نشطاء الحركات الاجتماعية والاحتجاجية والنشطاء السياسيين والنقابيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمشتبه في تورطهم في العمليات الإرهابية، وذلك بالرغم من مصادقة الدولة على اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الملحق بها، وبالرغم من توصيات الصادرة عن مختلف الآليات الأممية لمكافحة التعذيب، وقرارات لجنة مناهضة التعذيب في إطار الاجتهادات القضائية الموجهة للمغرب. وسجلت أكبر جمعية حقوقية أن هذه الممارسات تترافق مع مواصلة الإنكار المنهجي لوجود هذه الممارسة المشينة وسيادة الإفلات من العقاب ورفض مقاضاة الجناة على التعذيب وسوء المعاملة، ورفض إجراء تحقيقات وفحوصات طبية حول ادعاءات التعذيب، علاوة على استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب أو الإكراه كأدلة أمام المحاكم. ولفتت إلى أن العديد من ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة سواء في إطار ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو ما بعد صدور توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لم يستفيدوا من الحق في جبر الضرر وإعادة التأهيل بكل أبعاده. وأضافت أن المغرب لا يزال يتلكأ في المصادقة على البرتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالتعذيب أو سوء المعاملة، وعلى الخصوص القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وقانون تنظيم السجون لا تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة. وطالبت الجمعية باحترام الدولة لتعهداتها الدولية، وتنفيذ توصيات مختلف الآليات المعنية بمكافحة التعذيب أو سوء المعاملة، والإسراع بتقديم التقرير الدوري الخامس إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 19، بعد التأخر الكبير الذي يقارب 6 سنوات. كما دعت إلى إجراء الإصلاحات القانونية اللازمة في هذا الباب، من قبيل المراجعة الشاملة لجل النصوص الجنائية، والتنصيص على استثناء الحالات الخاصة بالتعذيب من العقوبات المنصوص عليها بمواد القانون الجنائي التي تجرم "البلاغ الكاذب" أو "الوشاية الكاذبة" بهدف التشجيع على فضح ممارسات التعذيب وحماية ضحاياه المتقدمين بالشكاوى، والشهود والمبلغين عن وقوع التعذيب، من أعمال الانتقام والتخويف، بما في ذلك التهديد بتوجيه اتهامات مضادة. وشددت الجمعية الحقوقية على ضرورة ضمان إجراء تحقيقات فورية ونزيهة وشاملة في جميع الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة، وإحالتها على قضاة التحقيق، ومعاقبة المدانين، ضمان إجراء فحوصات طبية سريعة، مع عدم أخذ المحاكم بالأدلة التي يتم الحصول عليها بواسطة التعذيب أو غيره، وفي هذا الصدد، جددت الجمعية مطلبها بالنظر في الشكاية الموجهة إلى رئاسة النيابة العامة بشأن ادعاءات مزاعم التعذيب التي تعرض لها نشطاء الريف، أثناء تصريحاتهم أثناء المحاكمة التي نتج عنها إصدار أحكام قاسية وجائرة في حقهم. وشدد البيان على ضرورة وضع حد لكل أشكال الاحتجاز غير القانوني للأشخاص، وإخضاع جميع الأجهزة الأمنية لرقابة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واتخاذ التدابير الضرورية لحماية النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، مع تحسين وضعية السجون. كما طالبت الجمعية بضمان الاحترام التام لمبدأ عدم الإعادة القسرية، والامتناع عن طرد أي شخص أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى، في حالة توفر أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة، ناهيك عن ضمان إنصاف جميع ضحايا التعذيب. وفيما يتعلق بالآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فقد أكدت الجمعية على ضرورة نشر التقرير السنوي عن أعمالها ونتائج زياراتها لمراكز الاحتجاز، مع الإفراج عن تقرير اللجنة الفرعية لمنع التعذيب الموجه إلى الدولة المغربية وإلى الآلية الوقائية في 12 فبراير 2019، تبعا للزيارة التي قامت بها إلى المغرب ما بين 22 و28 أكتوبر 2017 ونشره على نطاق واسع.